ما وراء تمدد "داعش" نحو روسيا والصين وآسيا الوسطى

ما وراء تمدد
السبت ٠١ أغسطس ٢٠١٥ - ٠١:٣٣ بتوقيت غرينتش

كشفت مصادر أمنية بحلف شمال الأطلسي خلال إجتماع الحلف الوزاري الأخير في بروكسل، عن مساع أميركية ـ أوروبية لترغيب شباب آسيا الوسطى والقوقاز الملتحقين بالجماعات الارهابية في العراق وسوريا، بالعودة الى بلدانهم خوفاً من تدفقهم نحو اوروبا اثر الهزائم التي يمنى بها تنظيمي داعش والنصرة وغيرها من المجموعات المسلحة.

مصادر اوروبية موثوقة نقلت عن الأمين العام المساعد لمنظمة حلف شمال الأطلسي المكلف بالشؤون السياسية وسياسة الأمن، تراسيفولوس تاري ستاما توبولوس، قوله: "لدينا قلق كبير من تنامي التهديدات الإرهابية الموجهة نحو أوروبا من جنوب المتوسط ممثلة بالأساس في تنظيم داعش المستقر في ليبيا التي يسرح ويمرح بها التنظيم، والأعداد المتزايدة للمهاجرين غير الشرعيين وتدفقهم على جنوب أوروبا منها ومن سائر البلدان الأفريقية"، مشدداً على "أننا نواجه مشكلة كبيرة في هذا الاطار".

في هذا الاطار لفتت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الى إن "الجماعات [الإسلامية] المتشددة وفي مقدمته تنظيم داعش، أخذت بالاتساع على طول الحدود الطاجيكية الأفغانية بدعم تنظيم طالبان في أفغانستان وباكستان لتحدي أنظمة علمانية تحكم جمهوريات سوفيتية سابقة". ونقلت الصحيفة عن ضباط كبار في الاستخبارات والجيش الطاجيكي، عن "استيلاء الآلاف من المقاتلين على مساحات واسعة من شمال أفغانستان، ما يمكنهم من التسلل نحو منطقة وسط آسيا، ويحتمل أن يصل المتشددون لثلاث دول ضعيفة نجت سابقاً من خطره".

أميركا وحلفائها وبعد الفشل في توجيه الضربة للدب الروسي في قضايا عديدة وفي مقدمتها الملف السوري ومن ثم النووي الايراني وعدم فاعلية الحظر الاقتصادي الذي فرضته بمساعدة البلدان الاوروبية على خلفية أحداث اوكرانيا، دفعها نحو تطميع بدفع مرتب شهري له بمبلغ (600) دولار لكل متطوع منظم الى داعش يعود الى البلد الذي قدم منه نحو الشرق الأوسط، حسبما أوردته وسائل اعلام اميركية وعالمية من مقالات واخبار تتهم الولايات المتحدة بانها تماشي داعش بما يتناسب ومصالحها السياسية في المنطقة استندت على اعترافات قدمها البعض من قيادي تنظيم داعش تم أسر أحدهم ويدعى "يوسف السلفي" في باكستان مؤخراً قال فيها ان تمويله الاساسي أتى عبر المخابرات الأميركية بتقديم دعم مالي له لتجنيد متطوعين وارسالهم الى بلدان آسيا الوسطى أو روسيا بدلاً من سوريا هذه المرة، مشدداً على "انه تسلم مبلغ 600 دولار اميركي عن كل مجند ينجح في اجتذابه واعادته من القتال في سوريا صوب القوقاز والجمهوريات السوفيتية السابقة".

بغية دعم نشاط الاستخبارات الأميركية والأوروبية في حرف وجهة التنظيم من العراق وسوريا صوب روسيا والصين للضغط على الماردين المنافسين للقوة الأميركية عالمياً، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية من أن جماعة "داعش" كثفت جهودها الدعائية وأطلقت قناة ناطقة باللغة الروسية هي "فرات ميديا" في الخامس من يونيو/ حزيران الماضي بحسابات على مواقع التواصل تويتر وفيسبوك وتمبلر، وأعلن التنظيم الارهابي عبرها إنشاء ولاية في شمال القوقاز داخل روسيا الاتحادية نفسها، كما أصدر الجناح الدعائي شريط فيديو أنتج بطريقة مهنية، عن "وحدة المجاهدين في القوقاز"، شمل مقابلات مع مسلحين يتحدثون الروسية في العراق وسوريا يعلنون عزمهم العدوة لتطهير بلدانهم من العلمنة والشرك، بحسب تقارير معهد بروكينغز الأمريكي، بهدف بناء جسور أيديولوجية بين المسلحين في سوريا والعراق وأولئك الذين لا يزالون في شمال القوقاز.

القلق الروسي من تمدد داعش نحو حدوده دفع بالرئيس بوتين الى الاعلان عن دعوته لتشكيل إئتلاف دولي جديد يضم البلدان الداعمة والراعية للارهاب التكفيري الذي يعصف بالمنطقة ومنها الاردن وقطر والسعودية وتركيا الى جانب سوريا والعراق، فيما كثفت الصين من تعاونها الأمني مع الاستخبارات الباكستانية والأفغانية لإتخاذ إجراءات مشتركة وبالتنسيق مع موسكو للتحكم بتحركات هذه العصابات المسلحة والحؤول دون إقترابها من حدودهما، خصوصا وهي اليوم باتت تهدد منطقة (سين كيانغ) الصينية المتاخمة للحدود الباكستانية ذات الاغلبية المسلمة والغنية بالثروات الطبيعية الهائلة؛ وقد قررت الصين تعزيز اتصالاتها الاستخبارية مع افغانستان للتحكم بتحركات هذه العصابات الارهابية.

إن القلق الروسي الصيني من تمدد تنظيم داعش الى الشرق لم يات من فراغ، ففي الوقت الذي تقوم فيه الدول الغربية وعلى الخصوص أميركا ومعها الناتو بايجاد تغييرات سرية في هيكلية جماعة داعش الارهابية، وتتمحور حول حصر قيادة هذه العصابات بيد ضباط عسكريين من الصين ومنطقة البلقان وجورجيا وابعاد العرب منها، يتاكد وبوضوح بان الناتو الذي تلقى التحذيرات من موسكو من مغبة الاقتراب من حدود روسيا اتخذ قراره بدفع التنظيم صوب روسيا والصين لتنوب عنه في ذلك. لذا فان التحرك الروسي الصيني المشترك ياتي في اطار التحركات الاستباقية لابعاد عصابات داعش الارهابية عن حدودهما"، وهو ما أكده المحلل الفرنسي الشهير، تيري ميسان، مدير موقع "ولتر نيت" الخبري.

علي الأشقر / الوعي نیوز