وقاحة الجبير تؤكد صوابية موقف المالكي من السعودية

وقاحة الجبير تؤكد صوابية موقف المالكي من السعودية
الخميس ١٣ أغسطس ٢٠١٥ - ٠٤:٠٤ بتوقيت غرينتش

رغم ان السياسة السعودية وخاصة خلال العقود الخمسة الاخيرة، كانت صدى للمصلحة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط، ولا اثر لاي ملحة عربية او اسلامية، وكثيرا ما كانت تتقاطع مع السياسة “الاسرائيلية” المعادية للعرب والمسلمين، الا انها كانت تسعى جاهدة التغطية على الانبطاح السعودي، بغطاء مهلل ومزيف من الحكمة والتعقل.

حتى هذا الغطاء المهلل للحكمة المزيفة للسياسة السعودية، ذهبت ادراج الرياح خلال الاعوام الاربعة الماضية، وخاصة بعد وصول الملك المريض سلمان وابنه محمد الى سدة الحكم، حيث دفعت هذه السياسة العارية من كل شيء، المنطقة والسعودية الى اتون الفوضى والخراب والدمار، لا لشيء سوى مطاردة عدو وهمي يعشعش في عقولهم التي تنخرها الطائفية والاحقاد الجاهلية.

من اكثر صور هذه السياسة السعودية خروجا عن اي منطق دبلوماسي في حدوده الدنيا، تجلت في موقف السعودية من الحرب التي فرضتها على سوريا خلال السنوات الاربع الماضية، ويمكن تلمس حقيقة هذه السياسة من الزيارة الاخيرة التي قام بها وزير خارجية السعودية عادل الجبير الى موسكو، حيث ارادت السعودية من خلال هذه الزيارة ان تقول للعالم، انها مازالت ترفض اي حلول سياسية للازمة السورية، وانها تفضل استمرار الحرب على سوريا، حتى وان ازهقت ارواح مئات الالاف من البشر، فقط من اجل اسقاط الرئيس السوري بشار الاسد.

ان زيارة الجبير الى موسكو جاءت لوأد اي عمل سياسي يمكن ان يؤدي الى حل للازمة السورية، لاسيما بعد الانباء المؤكدة التي اشارت الى زيارة رئيس مكتب الامن القومي السوري على المملوك الى السعودية برعاية روسية و لقائه ولي ولي العهد السعودى، وكذلك اللقاء الثلاثي الذي جرى بين وزراء خارجية امريكا وروسيا والسعودية في الدوحة، لذلك ومن اجل ان تقطع السعودية الشك باليقين، فارسلت الجبير، ليعلن من هناك عن مواقف اقل ما يقال عنها مواقف صبيانة وقحة، تؤكد حجم التمادي السعودي في التدخل في الشان السوري، واصرارالسعودية على احراق سوريا على من فيها من اجل تحقيق حلمها المتمثل باسقاط الرئيس بشار الاسد.

ففي المؤتمر الصحفي لوزيري خارجية السعودية و روسيا في موسكو، اعلن الجبير، وبصلافة سعودية بليدة، أن “بلاده لم تغير موقفها من الأزمة السورية .. وانها تعتبر الرئيس بشار الأسد قد انتهى وعليه أن يرحل” ، و «أن بشار الأسد لا يمكن أن يكون له أي دور في مستقبل سوريا. لقد فقد شرعيته بعد أن تسبب في مقتل أكثر من ثلاثمئة ألف سوري وقام بتدمير بلاده». واعتبر أن السعودية «تؤيد إعلان جنيف واحد باعتبار أنه يعني إقامة سلطة انتقالية تنتهي بخروج الأسد”.

كما رفض الجبير مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنشاء تحالف رباعي يضم السعودية وتركيا والأردن وسوريا السوري لمكافحة الإرهاب، وقال ان «أي توقعات او تصريحات او تعليقات في وسائل الإعلام او من قبل مصادر مجهولة عن تغير في موقف المملكة تجاه سوريا لا أساس لها وغير صحيحة”.

واعاد الجبير ذات العبارات التي يكررها المسؤولون السعوديون دائما وقال «نحن نعتقد أن بشار الأسد جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل، ونعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية في نمو داعش في سوريا هو بشار الأسد لأنه في السنوات الأولى لم يوجه سلاحه ضد داعش بل ضد شعبه والمعارضة السورية المعتدلة ما جعل داعش تسيطر على أجزاء كبيرة من سوريا”.

في مقابل كل هذا التدخل السافر في سوريا، وامام كل هذا الصلف والعنجهية الصبيانية للجبير، رد الوزير الروسي سيرغي لافروف عليه بالقول ان روسيا تعتبر «الشعب السوري وحده صاحب القرار فيما يتعلق بمصير الرئيس بشار الأسد... وان جنيف واحد ينص على تشكيل سلطة انتقالية بصلاحيات كاملة بالتوافق بين السوريين الذين يملكون وحدهم تقرير مصير الأسد»، وهو تفسير روسي يتعارض بالكامل مع التفسير السعودي لجنيف واحد.

وحاول لافروف ان يقنع الجبير بالمخاطر الكارثية التي يمكن ان يترتب عنها الموقف السعودي اللامسؤول من الازمة السورية، عبر التاكيد على ان «إسقاط النظام في سوريا بالقوة سيؤدي الى استيلاء ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية على الحكم هناك، ما يشكل تهديدا إقليميا خطيرا خاصة أن التنظيم قد نشر بالفعل خريطة تظهر أن دولة الخلافة التي يسعى لإقامتها تمتد من المغرب إلى باكستان”.

واوضح الوزير الروسي ان “الرئيس السوري بشار الاسد لم يهدد أي بلد مجاور... فيما تنظيم الدولة يضرب في السعودية والكويت إلى جانب العراق وسوريا “.

راى الكثير من المراقبين ان الجبير اراد من زيارته الى موسكو حسم موقف السعودية من سوريا، والتاكيد من هناك ان كل ما يقال عن وجود مساعي لحل الازمة السورية قد تشارك فيها السعودية، هي انباء غير صحيحة، وان السعودية ماضية في سياستها الرامية لاسقاط الرئيس السوري مهما كلف الامر، وان السعودية ستحقق هذا الهدف حتى ولو بالقوة، كما اعلن الجبير في موسكو.

ما جاء على لسان الجبير في موسكو ازاء الحرب على سوريا، وموقف السعودية من مجمل تطورات المنطقة، ومنها اليمن والعراق والبحرين ولبنان ومن الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1، تؤكد صوابية ما ذهب اليه رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي عندما اكد على ان السعودية جذر الارهاب وجذر التطرف وجذر التكفير، وضرورة وضعها تحت الوصاية الدولية، اذا ما اراد العالم ان يكافح حقا الارهاب الوهابي التكفيري الذي يضرب الجميع.

*نبيل لطيف ـ شفقنا