من هم.. ولماذا يسعون الى قتل المالكي؟!

من هم.. ولماذا يسعون الى قتل المالكي؟!
الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠١٥ - ٠٤:٢٧ بتوقيت غرينتش

نوري المالكي الذي فاز باغلبیة برلمانیة وكان (شخصیا) الاكثر اصواتا بین كل مرشحي العراق (اكثر من 700 الف صوت في بغداد وحدها عدا الذین صوتوا لقائمته في كل العراق) قبل سنة، والذي تنازل عن حقه الدستوري بسبب ضغط فرقاء السیاسة، یقف الیوم امام طیف واسع من المعارضین يذهب بعضهم الى حدّ قتله، وقد كتب قبل عام أحد مراهقي الاعلام والكتابة "اقتلوا المالكي فقد كفر!".. فمن هم هؤلاء وماذا یریدون؟!

1- بعض ساسة الاكراد، وخاصة تیار رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي یقاتل الیوم لولایة رابعة في مملكته الكردیة بینما كان یسب ویشتم، لأن المالكي طالب بولایة ثالثة!
بارزاني ومن خلفه دعاة الانفصال عن العراق من الاكراد.. واجه في شخص المالكي قوة لا یمكنه معها اخضاع المركز والدولة الاتحادیة لاهدافه.. فهو ضد المالكي الذي كبح جماحه في الهیمنة علی بغداد وضمها الی أربیل!
لذلك لم یحرك ساكنا امام داعش، لأن مهمة الأخیر كانت اسقاط حكم المالكي والقفز علی نتائج الاستحقاق الانتخابي الدستوري.. بل ان البعض یتهمه بالتباني مع الارهاب في اسقاط الموصل.
وما دام المالكي یحمل نفس النظرة السابقة للبارزاني وبعض ساسة الاكراد.. فان عداء بارزاني سیبقی ثابتا له، بل لكل شخصیة قویة في المركز، لأن بارزاني یری مصلحته في ضعف الدولة المركزیة!
 

2-  بعض ساسة السنة.. فمنهم من یحمل نفس اجندات بارزاني والاكراد، خاصة بعد الحدیث الأميركي المتكرر بانشاء اقلیم سني وتقسیم العراق..
ولأن المالكي وقف بقوة بوجه العدید من الارهابیین المحسوبین علی متطرفي السنة (طائفیا) فان هؤلاء لم یدعموه في الغالب.. سوی الشخصیات التي حاربت داعش والارهاب علی ارض الواقع ولم تتحول عشائرها ومناطقها الی حواضن للارهاب.
فمن مصلحة النجیفیان (أسامة وأثیل) أن یدان المالكي في قضیة الموصل ولا یكشف عن دورهما في تسلیم المحافظة، مع وجود 52 الف عسكري وشرطي وآلاف الآلیات المدرعة و450 ملیون دولار نقد!
فما بالك بآخرین مثل العلواني وظافر العاني وطارق الهاشمي واشیاعهم واتباعهم؟!


3-  بعض شركاء الحكم والعملية السياسية .. الذین تحولوا الی ادوات بید فلول البعث من شرقیة وبغدادیة والتغییر وغيرها من الأبواق السیئة الصیت والممولات خلیجیا.. وهؤلاء الشركاء مدعومون احیانا مما تسمى "جهات دینیة" او هكذا هم یوحون.. ولا أقصد بالجهات الدینیة الصرخي والیماني وامثالهم، لان هؤلاء مكشوفون لدی المجتمع العراقي، بل ومنبوذون بسبب افكارهم المنحرفة والمتطرفة وهزالة قیاداتهم... هؤلاء الشركاء كان لهم دور في فشل حكم المالكي للحد الذي شهر احدهم السلاح بوجهه عندما اراد محاربة الفوضی والسرقات في البصرة..


4-  البعثیون وحواضنهم العلمانیة والطائفية في العملية السياسية.. وهؤلاء یعارضون المالكي لثلاثة أسباب رئیسة:
الاولی، انه یمثل القوی الاسلامیة في حین ان شخصیة كأیاد علاوي تری ان اسقاط صدام كان ثمرة جهودها فكیف یحكم العراق اسلامیون بعد صدام؟!
والثانیة، وهذه مهمة للغایة، هي ان المالكي هو الذي وقع علی تنفیذ حكم الاعدام بالدكتاتور المقبور صدام حسین، فلابد من الانتقام منه بشتی الطرق، انتقاما لسيدهم.
الثالثة وهي ان وجود المالكي في السلطة یعني القرب من عدوهم الاقلیمي ایران والابتعاد عن ممولیهم وداعمیهم السعودیین والخلیجیین.
 

5-  للاسف الشدید هذه المعارضة الداخلیة للمالكي تحمل اجندات دول هي التي تقف خلف العداء المُستعر للمالكي.. دول في مقدمتها المملكة العربية السعودية التي ومنذ 12 سنة تحصد بفتاواها وانتحارییها واموالها، ارواح العراقیین بالمفخخات والعملیات الانتحاریة التي لا تفرق بین طفل صغیر وشیخ كبیر وامرأة وبائع خضار و... الخ، من المدنیین الذین یقتلهم الحقد الوهابي الاعمی في العراق كل يوم.
هذه الدول والتي لا حاجة الی ذكر كل اسماءها، یرتكز عداءها للعراق والمالكي علی الاسباب التالیة:
أولا، انها جزء من مشروع التقسیم الجدید الذي تتولاه أميركا في شرق أوسطها الجدید.. لذلك تراها تنفذ المشروع الأميركي في كل مكان ولیس العراق فحسب.. بل في سوریا ولیبیا والیمن ولبنان وفلسطین.. وكل حسب واقعه الدیموغرافي.
ثانیا، لان العراق تحول بسقوط صدام ومجيء الاسلامیین في بعض مواقع السلطة (ولیس كل المواقع) الی محور المقاومة أو حسب تعبیرهم "الهلال الشیعي".. بما یهدد أمن سیدتهم "اسرائیل".
ثالثا، الدور الذي لعبه العراق ورئیس وزراؤه السابق نوري المالكي في دعم الشرعیة السوریة بوجه الموجة التكفیریة الصفراء المدعومة من انظمة الارتهان العربیة.
الرابع، التقارب العراقي الایراني والذي تفرضه حقائق الجغرافیا والمجتمع والعقیدة وتاریخ النضال المشترك.
الخامس، اعدام صدام حسین، وهنا لا ادري لماذا جن جنون القیادة السعودیة والخليجية بشكل عام بعد اعدام صدام.. وهي التي راقصت جورج بوش الذي شن الحرب علیه واتی علی حكمه، ومن اراضيها انطلقت قوات العدوان والغزو على العراق.. وهي من دفعت من قبل تكلفة حرب "عاصفة الصحراء" التي اخرجته (صدام) من الكویت وفرضت الحصار علی شعب العراق 13 سنة.
نعم بین لیلة وضحاها تحول الدكتاتور الی "شهید" العروبة والسنة واصبحت السعودیة وقطر والامارات والاردن تطالب بدمه من العراقیین...
هنا یتضح ان الهدف لیس شخص نوري المالكي وانما اي شخصیة "وطنیة" قویة تؤمن بسیادة العراق ودوره في المنطقة، وتلتزم خط المقاومة.. وبالطبع فان الاخطاء التي وقعت فیها حكومة المالكي كانت من الكثرة بحیث انها وفرت مستمسكا جیدا لأعداءه وخصومه، رغم ما كان لبعض هؤلاء الخصوم من دور في تلك الاخطاء، بل ان بعضهم هو من قام بها لكنها سجلت باسم حكومة "المحاصصة" التي ترأسها المالكي!
وفي الختام قد یسأل شخص، اذا كان هؤلاء كلهم ضد المالكي، فمن بقي معه.. وهل یجدر بشخص له كل هؤلاء الخصوم ان یبقی في رأس السلطة؟!

سأبدأ بالاجابة بالشق الثاني.. لا.. لا یجب ان لا یبقی، بل عليه ان یدیر العملیة من خلال آخرين ويركز هو على الاشراف لكي لا يقعوا في الاخطاء التي وقع هو فيها نتيجة لتهافت قادة الدعوة على المناصب الحكومية وتركهم الحزب والعمل التنظيمي.. وحسناً فعل المالكي عندما تنازل عن حقه الدستوري وترك الأمر للعبادي.. رغم ان التخلي عن مشروع حكومة الأغلبية التي صوت العراقيون لها للخروج من نفق المحاصصة، كان يعني بقاء الفساد والترهل والابقاء على العراق ضعيفا.
أما من يدعمه.. فأنه رغم كل الصياح والعويل والصراخ والتطبيل ضد المالكي، فانه لا يزال الأكثر شعبية في الوسط والجنوب خاصة بين الطبقة المثقفة والمتضررة من النظام السابق وهي أغلبية الوسط والجنوب، ولايزال يمثل رقماً صعباً.. ولذلك تركز عليه السهام وتشير اليه الحراب.. والأهم ان عمدة فصائل الحشد الشعبي، ضمير العراق وعنوان كرامته وسيفه البتار بوجه الارهاب، أي بدر والعصائب والكتائب فضلا عن قوات الشهيد الصدر (الأول) معه، وكان له دور كبير في توسعتها ودعمها وتسليحها وتسليمها ملف الدفاع عن الوطن.. لذلك فأن الخطوة التالية لحذف المالكي هي القضاء على الحشد الشعبي.
ان العراق مقبل على مرحلة خطرة للغاية، عنوانها الاصلاح لكن حقيقتها التقسيم الى ثلاث دويلات، كردية في الشمال وسنية في الغرب وشيعية في الجنوب، تتضاربها امواج الفوضى والتقاتل.. فهل سيفلح مايسترو التقسيم الأميركي، أم ان الحشد ومن معه سيقطع له أوتاره؟!


• علاء الرضائي