هل شاهد مفتي السعودية فيلم محمد (ص) قبل أن “يفتي” بحرمته؟

هل شاهد مفتي السعودية فيلم محمد (ص) قبل أن “يفتي” بحرمته؟
الأربعاء ٠٩ سبتمبر ٢٠١٥ - ٠٦:٣٠ بتوقيت غرينتش

لم تعد العقول العربية بتلك السذاجة والسطحية والإسلامية منها على وجه التحديد، حتى تسارع للإيمان والتسبيح بحمد كل ما يقوله علماؤها “الأفاضل”.

صحيح أن علماءنا تفقهوا سنين طوال في الدين، وحصلوا على درجات علمية تؤهلهم، للاجتهاد والافتاء بالدين والقضايا الجدلية والأمور المستجدة، لكن هذا لا يعني أن طريقهم يضمن دون شك لنا مفاتيح أبواب الجنة، وأفعالنا المخالفة لأقوالهم أو بالأحرى اجتهاداتهم، ستفتح الباب العريض للنار، وهنا نحمد الله فعلياً على أنه المحاسب النهائي “جل جلاله” يوم الحساب، وحتى يأتي هذا اليوم، لربما نكتفي بالتقيد بأمور ديننا “العريضة” التي تكفل “الأفاضل” بإعلامنا عنها بغية مرضاة الله، لا عباده الصالحين، ولربما المغضوبين أيضاً! .
نموذج “فاضل” يعتبره البعض مثالاً إسلامياً يحتذى، أبرز المشرعين الإسلاميين إن صح التعبير في أكبر دولنا العربية الإقليمية، عالم دين “تقي” حسب ما تدل مناصبه، فهو مفتي العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، هو الشيخ عبدالعزيز آل شيخ، الذي له حسب مثل فلسطيني قديم “في كل عرس قرص”، “أفتى” مؤخراً في تصريحات صحفية كما كان متوقعاً بأن فيلم “محمد رسول الله”، للمخرج الإيراني مجيد مجيدي، والذي يعرض في دور السينما الإيرانية حالياً، استهزاء بالرسول، وحط من قدره، وأن هدفه تشويه الإسلام، واصفاً إياه بالمجوسي المخالف للشرع، والمعادي للإسلام ، محذراً من تداوله بحجة أنه لا يجوز شرعاً تجسيد الأنبياء!.
تعلمت في المدارس السعودية، وتحديداً في قسم العلوم العربية والشرعية، أن للفتوى شرطان كي تصح، وتكتمل بنودها الفقهية، الأول أن يكون صاحب الفتوى على علم ودين وخلق، وهذا ينطبق على ظاهر شيخنا آل شيخ المذكور، والله أعلم بالنوايا والخفايا، والثاني أن يكون صاحب الفتوى على دراية كاملة، وتحليل التفاصيل للموقف أو الحالة أو الظاهرة التي سيصدر عنها فتواه، ولربما الشرط الثاني، لم يتحقق تماماً في فتوى مفتي “مملكة الحرمين” حول تحريم مشاهدة الفيلم، على الأقل لأنه لم يشاهده شخصياً كاملاً، ففي بلاده لا دور سينما، وبالتالي غابت عنه التفاصيل التي وردت على أساسها فتواه، وبطلت حجته التي بناها على أساس حرمة تجسيد الأنبياء، فوجه النبي الكريم إن كان شاهده شيخنا في الفيلم “المجوسي” فليعلمنا، لأنه لم يظهر على الإطلاق!.
مجددا ًوقعنا في فخ الطائفية، وأطلقنا العنان لأحقادنا وخلافاتنا التاريخية الإسلامية، مجدداً نطلق فتاوينا وأحكامنا بناء على مواقفنا السياسية المسبقة، مجدداً نلبس العباءة “السنية”، لنحارب العمائم “الشيعية”، نواجه مشاكلنا بالنظر على قشورنا، نضع الحواجز على دواخلنا ومضموننا ومشاعرنا وعواطفنا، كما فصلنا بين بلادنا، أين هي “المجوسية” مثلاً في فيلم يتحدث عن مرحلة طفولية بحتة في طفولة النبي الصادق الأمين؟ وكيف للجمهورية الإيرانية وهي الإسلامية بشريعتها ونظامها أن تعادي الإسلام؟ الاستهزاء بالرسول (ص) لا يكون بتسجيد شخصه الكريم، وإنما يكون باعتقادي بالاستهزاء بدينه وعقيدته والغلو فيها، التي جاء بها ليكمل مكارم الأخلاق، علينا أن نعيد للدين الإسلامي صورته الحقيقية السمحة، لكن قبل كل هذا علينا أن نحاسب المسؤولين عن تشويهه، ونعاتب المقصرين، وبالمناسبة ما هي فتوى أن تكون مسلماً سنياً وشيعياً لا فرق بينكما إلا بالتقوى الأول ليس متطرفاً، والثاني ليس مجوسياً؟! سؤال نتركه لمفتينا!.
خالد الجيوسي / راي اليوم