ماذا سيحل بجيران العراق؛ إذا ما فشل في حربه ضد الإرهاب؟

ماذا سيحل بجيران العراق؛ إذا ما فشل في حربه ضد الإرهاب؟
الخميس ١٧ سبتمبر ٢٠١٥ - ٠٦:٥٥ بتوقيت غرينتش

كنا نتوقع تغيراً جوهرياً في سياسات الدول العربية، خاصة السعودية تجاه العراق بعد انتخاب السيد حيدر العبادي رئيسا للوزراء وهو الموصوف بمواقفه المرنة والمعتدلة في التعامل مع الجميع خاصة تجاه دول الجوار العربية، والتيار السني في العراق. لكن علی مايبدو فان السعودية غير راغبة في تعديل مواقفها تجاه بغداد، ولا تزال تصر علی مواصلة نهجها الذي كانت تتعامل به مع العراق إبان حكومة السيد نوري المالكي.

ويعتقد الكثير من المتابعين أن السعودية لا تريد دعم الحكومة العراقية في محاربة الإرهاب، بل حتی تُتهم بانها ساهمت في تشكيل تنظيم داعش الإرهابي الذي ارتكب جرائم لم يرتكبها المغول والتتار بحق العراقيين، بالاضافة الی أن السعودية متهمة من قبل الكثير من الأحزاب العراقية أنها تعزف علی وتر الطائفية في العراق، من خلال دعم بعض الاحزاب التي تنتمي لمذهب خاص في ذلك البلد. فما هي الاسباب التي تمنع الرياض من دعم الحكومة العراقية التي تشكل الاحزاب السنية جزءاً كبيراً من تشكيلتها، فضلا عن أن رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية في العراق كلاهما من أبناء المذهب السني؟. وماذا لو ضعفت الحكومة العراقية أمام الإرهاب، فهل ستكون السعودية عرضة لانشطة الجماعات الإرهابية في مناطقها الحدودية مع العراق، علی نحو ما تواجه تركيا حالیا في مناطقها الملاصقة بسوريا، أم أن السعودية في مأمن مما يحدث حالیاً ومستقبلاً في العراق؟.

يقول العراقييون أنهم أصبحوا الیوم ضحية لسياسات معظم دول الجوار التي تدعم الإرهاب في بلادهم، بعد أن كانوا يعانون خلال العقود الماضية ايضا من سياسات هذه الدول التي كانت تدعم نظام صدام حسين الديكتاتوري والذي كان يحكم البلاد بالنار والحديد. الیوم وبعد مرور اكثر من ١٢ عاما علی إنهيار النظام السابق في العراق، لازالت العديد من الدول العربية وعلی رأسها السعودية تمتنع من إعادة فتح سفارتها بشكل رسمي في العراق، لا بل أصبحت السعودية ملاذاً آمناً لكبار المسؤولين العراقيين الذين هربوا من البلاد بتهمة تعاونهم مع الجماعات الإرهابية، وياتي طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية السابق، في مقدمة هولاء المسؤولين الذين يحظون بدعم كامل من قبل الرياض. الكثير من الاحزاب والتيارت العراقية تتهم السعودية أنها هي من أسس تنظيم داعش وذلك من خلال دعم بقايا النظام البعثي بالمال والسلاح، وذلك لمواجهة التجربة الديمقراطية الناشئة حدیثاً في بلاد الرافدين، التي جاءت عبر صناديق آراء الناخبين، وقسّمت السلطات بين جميع طوائف العراق، علی عكس ما كان يحدث زمن النظام البائد. 

وفي سياق متصل، اعلنت السعودية مؤخراً أن وزير خارجيتها عادل الجبير، التقی وزير الخارجية العراقي الدكتور ابراهيم الجعفري، على هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة، كما جاء علی موقع وزارة الخارجية السعودية، أن الاجتماع تناول «تطورات الأوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، إضافة لبحث الموضوعات المدرجة على جدول اجتماعات الدورة العادية ١٤٤ لمجلس جامعة الدول العربية». البيان الذي صدر من قبل وزارة الخارجية السعودية عقب لقاء الجبير والجعفري، يشير بوضوح أن السعودية لا تنوي تطوير علاقاتها في الآونة القريبة مع العراق، رغم اللقاء الذي جمع وزير خارجيتها مع وزير خارجية العراق، ولازالت أسباب هذه القضية يكتنفها شیء من الغموض.

وكانت السعودية خلال الفترة الاخيرة وقبل مجيء حكومة العبادي، تدعي أن حكومة نوري المالكي تتبع سياسة "الإقصاء" في معاملة أهل السنة في العراق!، وهذا هو سبب خلافاتها مع حكومة نوري المالكي الذي كان هو بدوره ايضا يصف السعودية بانها «دولة مشاكل». لكن الیوم وبالرغم من أن الاحزاب السنية أصبحت متعاونة بشكل كبير مع حكومة حيدر العبادي، بعد الاتفاق الذي جری معه ومع رؤساء الكتل السنية، إبان تشكيل الحكومة الجديدة، فاننا لم نری أي تحسن في العلاقات مع العراق من جانب السعودية، لا بل أصبح الشك يراود الكثير إزاء سياسات السعودية، بسبب عدم دعمها الحكومة العراقية لتحرير المناطق السنية من قبضة الجماعات الإرهابية، خاصة محافظة الانبار، ذات الاكثرية السنية والتي يسيطر علیها تنظيم داعش الإرهابي.

الكثير من المحللين يعتقدون أن السعودية ستكون قد ارتكبت خطأ استراتيجيا في حال استمرت بالعمل علی تضعيف الحكومة العراقية امام الارهاب، وذلك بسبب الموجة الإرهابية التي من الممكن أن تجتاح الحدود السعودية في المستقبل، إذا ما نجح الإرهاب في العراق، حيث سوف لم تكن الرياض في مأمن من أفعال الجماعات الإرهابية فی العراق وستكون معاناة السعودية بعد ذلك، كـ معاناة تركيا حالیا، بعد ما عملت علی تنمية الإرهاب في سوريا، حيث بدءت انقرة الیوم تدفع ثمن دعمها للإرهاب في سوريا. ليست السعودية لوحدها من قصر بحق العراقيين، بل معظم دول الجوار ما عدی إيران، تركت العراق لوحده أمام الإرهاب، ليكون فريسة سهلة للجماعات الإرهابية، التي قتلت وشردت الملايين من العراقيين، بعد الغزو الأمريكي في عام ٢٠٠٣ حتی الیوم. حيث لم تقوم هذه الدول بواجب الجوار تجاه العراق، ولم تدعمه علی النهوض مجدداً، بل علی العكس من ذلك، فقد تآمرت هذه الدول علی العراق حتی أصبح بلداً ممزقاً بفعل الإرهاب.

إذن الیوم اصبح ليس مقبولا من السعودية أن تعادي النظام العراقي الجديد، خاصة بعد وصول حيدر العبادي الی رئاسة الوزراء، حيث أن هذا النظام الجديد في العراق، هو الذي خلص المنطقة ومن بينها السعودية من النظام العراقي السابق الذي كان علی الدوام، يهدد الرياض باستخدام اسلحته الإستراتيجية، خاصة بعد أن اجتاح الكويت في بداية التسعينات من القرن المنصرم. ولهذا علی السعودية بدل أن تعمل علی اضعاف حكومة العراق، علیها العمل علی تعزيز علاقتها مع بغداد، من خلال فتح سفارتها في بغداد التي دعت الیها الحكومة العراقية منذ ٢٠٠٣ حتی الیوم. فمن الافضل للسعودية أن تعمل علی تأمين حدودها مع العراق من خلال تعزيز علاقاتها مع الحكومة العراقية، وذلك لمنع دخول الإرهاب الیها، لان مردود ذلك بالنسبة للرياض سيكون أفضل لها من شراء السلاح بعشرات المليارات من الدولارات.

*الوقت