أم كان لابد من التبكير به؟..

هل تدخل روسيا في سوريا ضمن سياق موضوعي للحرب؟

هل تدخل روسيا في سوريا ضمن سياق موضوعي للحرب؟
الجمعة ٢٥ سبتمبر ٢٠١٥ - ١١:٢٥ بتوقيت غرينتش

حين ضربت روسيا بيدها بقوة على الطاولة فيما خص الحرب على سوريا ووضع خط أحمر تجاه العبث بمصير الرئيس المقاوم بشار الأسد، خضع لها الجميع بما فيهم العنصري الحاقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. وأصبح الجميع يتكلم عن ضرورة اعتبار الأسد جزء من الحل السياسي لا خارجه!!

والسؤال: هل يعتبر هذا التدخل العسكري الروسي الواضح لصالح سوريا جزءاً من السياق الطبيعي لتطور وضع الحرب على سوريا بحيث أن هذا التوقيت لم يكن بالإمكان تقديمه أو الدخول به في التوقيت الخاطئ حتى لا يفقد قيمته وجدواه المطلوبة في إحداث التغيير المطلوب؟! أو أن هذا التدخل كان المطلوب أن يتم التبكير به لتفادئ المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات وتفادي استنزاف الدولة والجيش السوري كما هو حاصل الآن؟!

قناعتي: أن هذا التدخل في هذا التوقيت هو السياق الطبيعي للتدخل المنتج والمثمر لصالح ترجيح كفة الدولة السورية في الحرب، ولو تم التبكير بالتدخل خارج سياق التوازنات الدولية التي تفرض على الكثير من الحلفاء للدولة السورية تجريب الخيارات وانتظار نتائجها لمنع الأعذار بشأن هذه الخيارات وقت فشلها، وبالتالي إيجاد مبررات التدخل في الحرب على سوريا بناء على فشل الخيارات السابقة، لكانت النتائج للتدخل العسكري في غير أوانه عكسية تماما!!

صحيح أن حجم الخسائر تعد كبيرة جدا على مستوى الأرواح والبنية التحتية في سوريا، وعلى مستوى الاستنزاف للجيش السوري والقوى الحليفة معه، لكن الأصح: أنَّ تدخل روسيا من دون تثبيت عدم نجاح الجانب الأمريكي في الحرب على داعش والإرهاب فضلا عن التواطؤ الأمريكي المكشوف مع الإرهاب، كان سيجعل من التدخل الروسي بجانب النظام مقدمة لتدخل أمريكي مبرر ضد النظام بحسب المنطق الأمريكي.

كما أنَّ فكرة الحسم العسكري للحرب الدائرة في سوريا بعد الانتهاء من الملف النووي الإيراني وكل ذيوله المرهقة من عقوبات تطال مختلف الأنشطة الاقتصادية والمالية والعسكرية الإيرانية، يعطي الإيرانيين بوصفهم حلفاء حقيقيين وطبيعيين لسوريا تمام الأريحية في الدعم العسكري والمالي المباشر وغير المباشر، وصولا لدخول قوات الحرس الثوري الإيراني بناء على اتفاقيات التعاون العسكري المبرمة بين البلدين على خط الحرب ومنع استنزاف الجيش السوري وخسارة المزيد من الجغرافيا فضلا عن استعادة ما تم خسارته بما يمنع وبشكل نهائي انهيار الدولة السورية وتقسيمها على أساس طائفي.

وهذا ما يجعل توقيت التدخل العسكري في هذا الوقت تحديدا بغية الحسم النهائي للمعركة من الحلفاء ذو أهمية استراتيجية استطرادية على مستوى الإنجازات العسكرية المنشودة على الأرض، من دون مداخلات دولية عسكرية معيقة للحلف الروسي الإيراني الداخل بقوة على الحرب الدائرة في سوريا.

من كل ذلك: يمكن الوصول إلى استقراء واضح حول توقيت الحسم العسكري في سوريا بناء على هذا المنحى الاستطرادي المتصاعد لآليات الحسم على الأرض، من دون التسليم بأن القوى المعادية لسوريا والداعمة للجماعات الإرهابية التكفيرية على أراضيها قد سلمت تمام التسليم بالأمر الواقع الجديد، ومن دون تغييب فكرة مناورة هذه الدول أمام ضرب الروسي بقوة على الطاولة، إلا أنَّ حجم المناورة يقينا سيضيق شيئا فشيئا بالنظر إلى السلاح الروسي النوعي الداخل إلى المعركة وحجم الإسناد البشري والاستخباري واللوجستي لغرفة عمليات حلف المقاومة مع روسيا من أجل القضاء فعليا على الوجود الداعشي الإرهابي في الشام والعراق.

أخيرا: حتى ينجح المسعى الروسي في تغيير ميزان القوى الحاصل على الأرض لصالح سوريا والعراق، يجب إيجاد آليات رصد سياسية ومعلوماتية واستخبارية لكل الواقع المائج والمتحرك وكل أساليب مكر وخداع الحلف المضاد، لأن الانتصار في المعركة ليس مرتبطا بالحسم العسكري بشكل أحادي، وإنما بالقدرة على تعطيل مفاعيل الآخر في الاستنزاف وتمديد الأزمة وخلق سيناريوهات قائمة على إنتاج التعقيدات والصعوبات المستجدة لإطالة أمدها، وهذه مسئولية نخب الحلف المقاوم وقواعده الجماهيرية كما هي مسئولية القيادات وأصحاب القرار.

* سلمان اسماعيل – المركز الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية