"عيد الغدير..عيد المواليين الاغر"

الخميس ٠١ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٦:٠١ بتوقيت غرينتش

احكم الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله) قبل رحلته في الثامن والعشرين من صفر المظفر سنة احدى عشرة هجرية، دعائم دولته الاسلامية حيث عيّن لها القيادة المعصومة التي تخلفه وتترسّم خطاه متمثلة في شخص علي بن أبي طالب (عليه السلام).

علي بن أبي طالب هو ذلك الانسان الكامل الذي رباه الرسول الكريم بيده الكريمتين منذ ان ولد و رعاه احسن رعاية طيلة حياته، وجسّد الامام علي بن أبي طالب عليه السلام كل قيم الإسلام في فكره وسلوكه وخلقه وضرب مثلا أعلى في  الانقياد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولاوامره ونواهيه فكان جديرا بوسام الولاية الكبرى والوصاية النبوية والخلافة الالهية حيث رشحه عمق وجوده في كيان الرسالة الاسلامية والثورة الالهية والدولة النبوية ليكون النائب الاول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين غيابه عن مسرح الحياة بامر من الله سبحانه و تعالى.

وقد لبى الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم نداء ربه بعد ان أتم تبليغ الرساله بنصب علي عليه السلام هاديا وإماما للمسلمين على الرغم من حراجة الظروف وصعوبتها.

(ياايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته).

وهكذا ضرب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المثل الاعلى لطاعة الله والانقياد لاوامره حيث بلّغ أمر الله احسن تبليغ وأتمّ الحجة بأبلغ بيان. وكان ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة هو يوم عيد الغدير الاغر وعيد الله الاکبر وعيد آل محمد صلی الله عليه وآله وسلم واعظم الاعياد واشرفها عندهم عليهم السلام وهو اليوم الذي نصب فيه الرسول الاعظم (ص) عليا اماما وخليفة من بعده بحضرة تلك الاشهاد المجتمعة من اقطار المسلمين وامرهم بمبايعته والتسليم علية بامرة المؤمنين وکان ذلك في حجة الوداع بموضع يدعی غدير خم علی ثلاثة اميال من الجحفة بناحية رابغ بعد رجوعه من الحج بين مکة والمدينة وکان قد نزل عليه جبريل عليه السلام بذلك في ضجنان فاشفق النبي (ص) من مخالفة قومه فقال يارب ان قومي حديثو عهد بالجاهلية فمتی افعل هذا يقولوا فعل بابن عمه و فعل، فنزل عليه جبريل عليه السلام مرة ثانية علی خمس ساعات مضت من النهار فقال يا محمد ان الله يقرؤك السلام ويقول لك:
(ياايها الرسول بلغ ماانزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته)

وکان اوائل القوم وهم مأة الف او يزيدون فامره ان يردَ من تقدم منهم ويحبس من تاخر عنهم في ذلك المکان وان يقيم عليا عليه السلام للناس ويبلغهم ماانزل الله تعالی فيه واخبره بان الله عزًوجلَ قد عصمه من الناس فلما بلغ غدير خم نادی مناديه الصلاة الجامعة وکان في وقت الضحی والحر شديد وامر ان يعمدوا الی اصل شجرتين فيکنسوا تحتهما و يضعوا الحجارة بعضها علی بعض کالمنبر وامر بثوب فطرح عليه ثم صعد فلما اجتمعوا فخطب خطبته تلك الخطبة العظيمة التي صدع بها رافعا صوته لتسمعه تلك الاشهاد المجتمعة من اقطار المسلمين فبعد ان حمد الله واثنی عليه وعظ فابلغ في الموعظة ونعی إلی الأمة نفسه، وقال أني قد دعيت و يوشك ان اجيب و قد حان مني خفوق من بين اظهرکم ثم اخذ بعضد الإمام علي عليه السلام فرفعها حتی نظر الناس الی بياض ابطي رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم قائلا: ايها الناس الست اولی بکم من انفسکم قالوا بلی يارسول الله قال: اللهم من کنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وابغض من بغضه واعن من اعانه واحب من احبه واعز من اعزه، وانما اکمل الله لکم الدين بولايته وامامته لا يبغض عليا إلا شقي ولا يوالي عليا إلا تقي......) فاذا بعمر بن الخطاب قائلا للإمام علي هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولی کل مؤمن ومؤمنة وفي بعض الاحاديث، بخ بخ لك ياعلي، قال ابي سعيد الخدري فلم ينصرف الناس حتی نزلت هذه الاية: (اليوم اکملت لکم دينکم واتتمت عليکم نعمتي ورضيت لکم الاسلام دينا ...).

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الله أکبر علی اکمال الدين واتمام النعمة ورضي الرَب برسالتي وبالولاية لعلي من بعدي، ثم قام حسان بن ثابت فقال اتأذن لي يا رسول الله اقول في الامام علي ابياتا لتسمعهن فقال صلی الله عليه وآله وسلم قل علی برکة الله فقال حسان:
يناديهم يوم الغدير نبيهم        بخم واسمع بالرسول مناديا
يقول فمن مولاکم ووليکم      فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا 
الهك مولانا وانت ولينا       ولم ترمنا في الولاية عاصيا
فقال لهم قم ياعلي فانني       رضيتك من بعدي اماما وهاديا
فمن کنت مولاه فهذا وليه     فکونوا له انصار صدق مواليا  
هناك دعا اللهم وال وليه     وکن للذي عادی عليا معاديا 

نعم في يوم سمي في السماء بيوم العهد المعهود وفي الارض بيوم الميثاق المأخوذ.. کان البلاغ امرا لامناص منه، اتماما للرسالة وکمالا للدين.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يوم غدير خم افضل اعياد امتي وهو اليوم الذي امرني الله تعالی ذکره فيه بنصب اخي علي بن ابي طالب علما لامتي، يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي اکمل الله فيه الدين واتم علی امتي فيه النعمة ورضی لهم الاسلام دينا(امالي صدوق: 125، ح 8).

وعن عمار بن حريز قال دخلت علی ابي عبد الله الصادق عليه السلام في يوم الثامن عشر من ذي الحجة فوجدته صائما فقال لي: هذا يوم عظيم، عظم الله حرمته علی المؤمنين واکمل لهم فيه الدين وتمم عليهم النعمة وجدد لهم ما اخذ عليهم من العهد والميثاق(مصباح المتهجد: 737).

سيدي ابا الحسن ... بورك عيدك عيد الولاية الاغر... فلقد کنت اهلا للولاية فاختارك الباري عَز وجَل اميرا ومولا لکل مؤمن ومؤمنة... وحسدك الحاسدون علی ذلك.. فالف سلام وسلام عليك يا اميرالمؤمين ياعلي بن أبي طالب وعلی ذريتك الطاهرة... والحمد لله الذي جعلنا من المتمسکين بولايتك... ياعلي... ايها العبد الصالح... وهنيئا للامة الاسلامية وعشاق اهل بيت النبوة والرسالة بهذا العيد الاکبر... عيد الولاية...
**

تصنيف :