وتبقى عاشوراء تُرهب الطُغاة

وتبقى عاشوراء تُرهب الطُغاة
الخميس ٢٢ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٩:٥٨ بتوقيت غرينتش

ليس هناك موقف وسطي من عاشوراء وصاحب هذا اليوم الخالد، فإما ان تكون مع هذا اليوم وصاحبه، واما ان تكون مع منفذي الجريمة الكبرى التي وقعت في هذا اليوم، ولا تنفع كل التبريرات والتاويلات، لمن اراد ان يختلق منطقة وسطى بين الموقفين، فمثل هذا الجهد هو جهد عقيم، اميل للموقف الثاني وان ادعى صاحبه ما ادعى.

هذه الحقيقة تعرفها حتى الوهابية، لذلك نجدها تتلمس كل الاعذار، وان كانت واهية، لشطب هذا اليوم من ذاكرة و وجدان الانسان المسلم، بشتى السبل، بعد ان استعصى عليها اخفاء جريمة قتل الحسين (سلام الله عليه)، والتغطية على القتلة، وايجاد التبريرات لهم، عبر التقليل من شأن هذا اليوم، وتسفيه مراسم احياء هذا اليوم، والصاق ابشع التهم باتباع اهل البيت عليهم السلام، بسبب اصرارهم على احياء هذا اليوم..

لا نريد ان نكرر ونذكر ما تعرض له اتباع اهل البيت عليهم السلام من ويلات ومآسي، منذ واقعة الطف وحتى اليوم، لابقاء شعلة كربلاء وضاءة، فما يتعرض له اتباع اهل البيت عليهم السلام على يد النواصب من “الدواعش” الوهابية اليوم، ليس الا نزرا يسيرا، مما تعرضوا له على مدى التاريخ على يد الجبابرة والطغاة، ولكن رغم كل تلك الكورث، بقيت جذوة كربلاء مستعرة في العقول والقلوب.

الاصرار المذهل لاتباع اهل البيت عليهم السلام، على تخليد يوم عاشوراء اجن النواصب قديما وحديثا، الذين اعيتهم الحيلة، فاخذوا يوجهون سهامهم الى المراسم التي خلدت هذا اليوم، واصفين اياها بابشع النعوت، واقلها البدع والشرك، دفاعا عن ائمة الجور.

آخر تلك المحاولات، كانت الفتوى التي اطلقها مفتي السعودية عبدالعزيز ال الشيخ، والتي حرم فيها مراسم عاشوراء، بعد ان غطاها بغطاء الحرص على الدين، وان كان هذا الغطاء لم يستر كالعادة، النوايا الحقيقة وراء تلك الفتوى، لاسيما انها جاءت بعد يوم من الاعتداء الاثم ل”الدواعش” على حسينية الحيدرية لاتباع اهل البيت عليهم السلام في سيهات بمحافظة القطيف، وهو ما اثار ردود فعل واسعة لدى اتباع اهل البيت عليهم السلام ولدى المواطنين السعوديين، الذين هالتهم الجريمة التي استهدفت اخوانهم في الدين والوطن، حيث ذهب الكثيرون منهم، الى اعتبار فتوى ال الشيخ، جاءت لشرعنة الهجوم الارهابي الدامي.

مفتي عام السعودية قال بالنص:”اتخاذ يوم عاشوراء أحزانا ومآتم وأتراحا وضربا للصدور والعويل والصراخ، ذلك كله خلاف السنة ولم يأت به كتاب ولا سنة “، واصفا من يفعل ذلك ” بأنهم مبتدعون ويزعمون أنهم يحبون آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)؟”، ولكننا في المقابل نسأل ال الشيخ، كيف اذن يمكن احياء يوم عاشوراء؟، هل بشعائر الفرح والسرور كالاكتحال و الاختضاب ؟، ام بالصوم فرحا؟، ام بالقول ان ال امية براء من دم الحسين(سلام الله عليه)؟، ام بالقول ان يزيد لم يأمر بقتل الحسين (سلام الله عليه)؟، ام بذكر “فضائل” يزيد وعدم التعرض له والاكتفاء بجملة واحدة “سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين”، ونترك حساب الجميع على الله؟، واخيرا لماذا البكاء على شخص كالحسين (سلام الله عليه) ريحانة رسول الله بدعة وشرك؟، الم يبك النبي (صلى الله عليه وآله) ويحزن على موت ابنه ابراهيم؟

ديننا نأخذه عن ائمتنا، وليس من مشايخ الوهابية، فهذا امامنا علي بن الحسين زين العابدين(سلام الله عليه) مرّ ذات يوم في سوق المدينة على جزار يمسك شاة يجرها إلى الذبح، فناداه الإمام (سلام الله عليه) يا هذا هل سقيتها الماء؟ فقال الجزار: نعم نحن معاشر الجزارين لا نذبح الشاة حتى نسقيها الماء. فبكى الإمام (سلام الله عليه) وصاح وا لهفاه عليك أبا عبد الله تذبح عطشانا.

إمامنا الرضا(سلام الله عليه) يقول لنا: من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منّا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكَّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

كان امامنا الكاظم (سلام الله عليه) إذا دخل شهر المحرّم لا يرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيّام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلوات الله عليه.

ان سر خلود عاشوراء يكمن في جملات قالتها بطلة كربلاء السيدة زينب الكبرى بنت الامام علي بن ابي طالب (سلام الله عليه) للطاغية يزيد :” كد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد، وجمعك إلا بدد”، وهو ما حدث، وكان كرامة من كرامات اهل البيت (سلام الله عليه)، لتبقى عاشوراء تُرهب الطغاة على مر العصور، حتى يرث الله الارض ومن عليها.

* ماجد حاتمي ـ شفقنا

كلمات دليلية :