لماذا تكره السعودية هيكل؟

لماذا تكره السعودية هيكل؟
الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٨:٠٤ بتوقيت غرينتش

لسنا هنا في مقام الدفاع عن الصحفي المصري المعروف محمد حسنين هيكل ، وهو يتعرض لحملة سعودية مسعورة ، لا خطوط حمراء لها ، لا دينيا ولا اخلاقيا ، فالرجل ليس بحاجة الى دفاعنا ، فتاريخه الطويل ، وسجله المهني الحافل ، وشهرته الطاغيه ، ومؤلفاته العديدة ، جعلت السعودية في صراعها معه في موقف الضعيف والعاجز دوما.

كما ان التجربة التاريخية اثبتت ، ان حملات التشهير السعودية والاعلام السعودي ، ضد السياسيين والصحفيين والمثقفين المعارضين لها في العالمين العربي والاسلامي ، هي شهادات دامغة ، بنظافة وطهارة وشهامة وكرامة ووطنية هؤلاء السياسيين والصحفيين والمثقفين ، الذين قاوموا المغريات السعودية ، ولم يقعوا في فخ دولاراتها القذرة ، التي باع الكثيرون من السياسيين والصحفيين والمثقفين ، شرفهم وشرف مهنتهم من اجلها .

ان السعودية ، وبشهادة التاريخ ووثائق وكيليكس ، تطارد تحت كل حجر ومدر ، السياسيين والصحفيين والمثقفين ، لشرائهم وشراء ذممهم ، وان من يرفض دولاراتها ويتمسك بمواقفه ، يتعرض الى تصفيه سياسية وشخصية ، حيث تتكالب عليه مرتزقة السعودية في الاعلام العربي ، وما اكثرهم ، لتسقيطه والصاق تهم به لا تليق الا بهم ،ومن اكثر من تعرض للضغط السعودي ، ترغيبا وترهيبا ، هو الاعلامي المصر الاشهر محمد حسنين هيكل.

لا نعتقد بل نجزم ان هيكل قدمت له السعودية وفي مرات عديد شيكات على بياض ، ليكتب الرقم الذي يريد ، في مقابل الا يمدح السعودية، كما يفعل السياسيون والاعلاميون المرتزقة ، بل لا ينتقد السعودية فقط ، الا ان هيكل رفض كل هذه الاغراءات ، وتمسك بموقفه الثابت والمبني على حقيقة مفادها ان اس واساس كل المآسي والكوارث التي حلت بالشعوب العربية ومازالت ، هو بسبب كيانين زرعهما المستعمر البريطاني في جزيرة العرب وفلسطين ، في مكة والمدينة والقدس ، يعني فوق اقدس ارض لدى المسلمين ، بهدف اضعافهم وتشتيتهم ، لذلك بقي هيكل يرفض اغراءات ودولارات وحتى تهديدات ال سعود منذ زمن عبدالناصر وحتى اليوم ، بل ان هيكل اخذ يوجه انتقاداته الى السعودية ودورها الرئيسي في الفتنة الطائفية التي تضرب المجتمعات العربية والاسلامية بسبب وهابيتها ودولاراتها ومخدراتها.

ومن اجل وضع القارىء في صورة الهجمات الغبية والبائسة لمرتزقة ال سعود ال سعود ضد هيكل ، ليدرك حجم الحقد الاعمى التي يكنه هؤلاء على الرجل ، سنختار من بين الكم الهائل من المقالات السخيفة ، مقالا للسعودي عبد العزيز قاسم، الذي لم يكتف في توجيه سمومه الى هيكل بل الى النخب المصرية ايضا ، وبشكل مقزز ، يعكس طبيعة متعجرفة جوفاء ينفرد بها هؤلاء ، حيث كتب مقالا تحت عنوان “دول الخليج والأماني المكبوتة لهيكل”، متخمة بالسباب والشتائم ، جاء في جانب منه :”أعود للكاتب المصري حسنين هيكل لأهمس له ولأمثاله، بأن دول الخليج هؤلاء اليوم، باتوا في سدّة قيادة العالم العربي والإسلامي، وأنه لولا شوية “الرز” الذي دعموا بها القيادة المصرية اليوم، لسقطت مصر”.

ومضى قاسم في هذيانه يقول: “أمثال هيكل الذي لا يزال يفكر بعقلية الخمسينيات والستينيات المصرية، وقتما كان عبد الناصر يُرضع ذلك الجيل أوهام العظمة، وشعارات “من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر”، ويدغدغ ذلك الجيل المصري برميه لـ(إسرائيل في البحر)، ويفيق العالم العربي على هزيمة مذلة في حرب 67م، قام حينها هيكل ورفاقه الناصريون بتسميتها نكسة، تخفيفا من واقعها المرير الصادم لكل الذين آمنوا بتلك الشعارات الفارغة”.

ونكتفي بهذا النقل ، لتوضيح العقلية المتخلفة والرجعية والانبطاحية والذليلة والتابعة والعميلة ، لمرتزقة الى سعود وحقدهم على مصر واهلها ، كما بدى واضحا من خرف وهذيان هذا المرتزق ، وهناك حقيقة لابد من الاشارة اليها ، لانها تكشف عن بعض اسباب الحقد السعودي على هيكل ، وهذا السبب هو اصرار هيكل على ضرورة ان تعزز مصر من علاقاتها مع ايران ، رافضا كل المبررات الواهية ، التي يذكرها مرتزقة ال سعود ، لتعكير صفو العلاقات العربية الايرانية ، في مقابل تشجيع العرب على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ، كما زاد من هذا الحقد رفض هيكل المؤامرة التي تقودها السعودية و”اسرائيل” ضد سوريا ومحور المقاومة.

اخيرا زاد من حقد السعودية لهيكل ، هو انها تعرف عندما يتحدث هيكل عن موضوع ما فالجميع يصغي الى ما يقول ، خاصة اذا كان هذا الموضوع يتمحور حول السعودية والكيان الصهيوني ودورهما في ضرب المجتمعات العربية والاسلامية ، ومن حق السعودية ان تحقد على هيكل ، فهو من اكثر الاشخاص معرفة بخفايا السياسية السعودية وارتباط ال سعود بالصهيونية العالمية.

* فيروز البغدادي / شفقنا