الى أين يتجه الميدان السوري؟

الى أين يتجه الميدان السوري؟
السبت ٣١ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٦:٥٠ بتوقيت غرينتش

العنوان الأساس للميدان السوري هو استعادة الجيش السوري للمبادرة وتنظيم الأعمال القتالية الهجومية بمهارة عالية، وظهور مستوى من التنسيق بين الوحدات المقاتلة افضل بكثير مما شهدناه في الأشهر السابقة.

هذا التنسيق الذي سيتطور تدريجياً ليصل الى المدى المطلوب في النتائج، وعلى الرغم من البطء في التقدم على الجبهات، فإن انجازات كبيرة حصلت في اكثر من جبهة وخصوصاً في ارياف حلب وحماه واللاذقية. أما سبب البطء فهو وجود قيادة عمليات جديدة تضم ضباطاً من الجيشين السوري والروسي ومستشارين ايرانيين وضباط من حزب الله  يحتاجون الى بعض الوقت للتعود على نمط مشترك لإدارة العمليات، والى جهد اكبر في تقييم المرحلة الأولى من العمليات البرية والوصول الى افضل الطرق لاستثمار الضربات الجوية، وان كانت مشكلة التاو ايضاً قد ارخت بظلها ما استدعى الذهاب الى استخدام اكبر للقوات الخاصة دون مواكبة المدرعات المباشرة، ما يفقد التاو قيمته ويؤدي بالطبع الى بطء العمليات التي غالباً ما تصل الى نتائجها المقررة.

رسالة قوية ارسلها الطيران الروسي البارحة بعد قصفه ليلاً لمواقع في ريف درعا، وهي تل عنتر وتل القلاعية وتل الحارة، في البعدين السياسي والعسكري وصلت للجهات المعنية بها بشكل واضح لا لبس فيه. فقد قيل الكثير عن تفاهمات روسية صهيونية تحفظ  للكيان الصهيوني دوره في السماء السورية، وهو الأمر الذي لم يتجاوز تفاهم عدم نزاع ما يعني ان السماء السورية هي عند حدود الجغرافيا السورية الكاملة، وان السيادة في هذه السماء هي للطيران الروسي والسوري. ويذكر ايضاً ان الطيران الروسي نفّذ منذ يومين ضربة في ريف القنيطرة بالإضافة الى ضربتين في ريفي درعا والقنيطرة استهدفت قوات لجبهة النصرة وجيش اليرموك، وهما فصيلان من رحم تنظيم القاعدة.

أمّا في البعد العسكري، فالمواقع التي تم ضربها هي عِقَد استراتيجية وخصوصاً تل الحارة، ما يعني ان هناك نية لاستكمال العملية العسكرية التي قام بها الجيش السوري وسيطر فيها سابقاً على منطقة مثلث ارياف دمشق والقنيطرة ودرعا منذ اشهر.

وهذه الجبهة من المؤكد ان العمليات الأولى فيها ستستهدف قطع التواصل بين ريفي درعا والقنيطرة، من خلال التقدم الى مسحرة وتل مسحرة غرباً والى تل الحارة جنوباً، ما يعني حصول الجيش السوري على نقاط ارتكاز قوية ستمكنه من خوض الأعمال القتالية ضمن هامش واسع من المناورة بالحركة والنار سيكون للطيران الروسي دور هام واساسي فيها، بالإضافة الى قوات برية من الجيش السوري والمقاومة اللبنانية وهي عمليات ستتكامل مع حركة الجيش في درعا والشيخ مسكين.

الغوطة الشرقية ايضاً كان لها نصيب من الغارات الروسية، في حين ان زهران علوش خارج التغطية ويتخذ الكثير من الإحتياطات تتعلق بأمنه الشخصي خصوصاً بعد الغارات الإستباقية الروسية على مواقع جيش زهران علوش، الذي كان يتحضر لشن هجوم كبير باتجاه دمشق افقدته الغارات الروسية عنصر المفاجأة وادّت الى تعطيل الهجوم بعد تعرض نقاط التحشيد ومراكز القيادة والسيطرة للقصف، وهو ما سيتكرر بشكل كبير وستؤدي نتائجه التراكمية الى اضعاف القدرات النارية والبشرية لجيش علوش، علمًا ان معارك المواجهة سواء عند ادارة المركبات في حرستا شرقاً او في المرج غرباً مستمرة وتتصاعد، في حين ان اصواتاً بدأت تطالب بفتح باب المصالحة وتجنيب دوما وباقي قرى الغوطة تجرع الكأس المرّة، وهو أمر يُعمل عليه بجهد كبير سواء من الدولة السورية او الوجهاء.

التطور الأهم في الميدان السوري هو انقلاب السحر على الساحر بما يتعلق بطريق حلب، حيث انتقلت جماعات داعش والنصرة من الهجوم للبدء للتحضر بالدخول بين فكي كماشة الجيش السوري، حيث فشل فشلاً ذريعاً هجوم داعش على السفيرة وسقط عناصره قتلى عند حدود السفيرة في الوقت الذي اشاعت الكثير من الفضائيات والمواقع نبأ دخول داعش الى السفيرة للتأثير في المعنويات وهو أمر لم يحصل ابداً، فالجيش السوري يُدرك اهمية السفيرة كعقدة ربط ونقطة ارتكاز اساسية في الهجوم باتجاه الشرق الذي يتجه لفك الحصار عن مطار كويرس والسفيرة التي تحتوي على حامية كبيرة لقربها ايضاً من معامل الدفاع شكلت مشارفها مصيدة لداعش.

على الطريق الواصل الى حلب عند أثريا، استعاد الجيش السوري قلعة أثريا وبدأ بتطوير عمليات مضادة بالإشتراك مع قوات الإنزال، وكذلك الأمر بالقرب من الشيخ هلال وعند مشارف بلدة  السعن، ما سينهي الوضع الحالي باستعادة الجيش للمسافات التي سيطر عليها كل من داعش والنصرة ويجعل الجماعتين في المنطقة في حالة اضعف نظراً للخسائر التي تكبدتاها في المعركة. وهنا يمكن القول ان نتيجة هذه المعركة ستكون كارثية على داعش في الريف الشرقي لحلب، وستؤدي الى رفع وتيرة الهجوم في الريف الجنوبي الغربي لحلب قريباً في ظل حالة من التململ تسود اوساط اهالي الريف الجنوبي، بعد فرض الجماعات المسلحة التجنيد الإجباري على الشباب بين اعمار 16 و40 سنة وهو ما يرفضه الكثيرون.

عمليات ارياف حماه واللاذقية البطيئة الوتيرة هذه الأيام تنتظر التقييم النهائي للعمليات والإنطلاق مجدداً رغم انها لم تتوقف.

العنوان الأهم يمكن قراءته في تصريح رئيس الأركان الأميركي الذي اعترف بتفوق الجيش السوري في الميدان، وهو تصريح يجب قراءته باتجاهين:

- الأول يعني إمكانية ان تبدأ اميركا بوضع خطط مضادة لإفقاد الجيش السوري تفوقه.

- الثاني ربما يعني جدية في جنوح اميركا نحو تسوية سلمية للأزمة السورية، وهو امر أستبعده لمجموعة من الأسباب ترتبط بمصالح اميركا وتحالفاتها.

ويبقى ان نتائج الإنتخابات التركية سيكون لها انعكاسات سلبية او ايجابية بحسب ميزان القوى السياسي التركي القادم، وهو ما لا يجب اغفاله ايضاً.
 

شام تايمز- عمر معربوني