أردوغان مدين بفوزه الأنتخابي ل"داعش"

أردوغان مدين بفوزه الأنتخابي ل
الإثنين ٠٢ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٧:١٠ بتوقيت غرينتش

جاءت نتائج الانتخابات التركية التشريعية المبكرة ، التي جرت امس الاحد الاول من شهر تشرين الثاني نوفمبر ، خلافا لكل التوقعات ونتائج الاستطلاعات ، حيث حقق حزب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان “العدالة والتنمية” فوزا مهما وفقا لنتائج شبه نهائية للانتخابات ، بعد ان حصل على نسبة 49.4 في المئة من أصوات الناخبين بعد فرز اكثر من 98 في المئة من مجمل الأصوات ، ما قد يمنحه 316 مقعداً في البرلمان المقبل من أصل 550 ، وهو ما يتيح لاردوغان تشكيل الحكومة بمفرده، بعد ان فشل في ذلك في انتخابات حزيران الماضي.

وكان حزب اردوغان الذي يحكم تركيا منذ عام 2002، قد تلقى صفعة كبيرة في الانتخابات التي جرت في السابع من شهر حزيران يونيو الماضي، حين حصل على 258 مقعداً (40.8 في المئة) فقط في البرلمان، ما حال دون تشكيل الحكومة منفرداً، ودفع بالرئيس التركي نحو الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة.

النتيجة المهمة الاخرى التي تمخضت عنها الانتخابات التركية ، تتمثل بحصول حزب “الشعوب الديموقراطي” الموالي للاكراد على نحو 10.6 في المئة من الأصوات ، وهي نسبة تخوله البقاء في البرلمان.

بعض المراقبين توقعوا هذه النتيجة للانتخابات التشريعية التركية ، على ضوء السياسة التي انتهجها اردوغان ، منذ فشله في الحصول على الاغلبية في البرلمان في الانتخابات التي جرت في حزيران الماضي ، حيث وضع اردوغان ، الشعب التركي بين خيارين لا ثالث لهما ، اما انتخاب حزبه ، او الدفع بهم نحو الفوضى ، الامر الذي بات واضحا من خلال حالة التوتر الامني الذي سادت تركيا منذ نتائج الانتخابات الماضية ، ورفض اردوغان الدخول مع اي حزب لتشكيل حكومة ، على امل الاستفراد بالسلطة وتغيير الدستور والعملية السياسية برمتها.

تهديد اردوغان للشعب التركي لم يتوقف عند مستوى الحرب النفسية فقط ، بل تم تجنيد “داعش” والمجموعات التكفيرية الاخرى ، التي يعود الفضل لها بفوز حزب اردوغان ، عندما قامت بخلق حالة من الهلع والخوف بين الاتراك ، من المستقبل ، عبر التفجيرات الارهابية والاغتيالات ، التي شهدتها انقرة وسروج وباقي المدن التركية ، وهي رسالة وصل مضمونها الى الكثير من الاتراك الذين خافوا ان يواجهوا ذات المصير الذي يواجهه الان جيرانهم في العراق وسوريا ، في حال رفضوا منح اصواتهم لاردوغان “المنقذ”.

هذه الحقيقة اشار اليها القيادي في «الشعوب الديموقراطي»، فيجن يوكسكداج، بقوله إن نتائج الانتخابات العامة سببها سياسة الاستقطاب المتعمد التي انتهجها الرئيس رجب طيب إردوغان . أمّا رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي»، صلاح الدين دميرتاش، فقد حمّل أردوغان مسؤولية تجدد النزاع مع الاكراد وتشجيع الإرهاب. واعتبر، بعد هجمات “داعش” في انقرة ، أن “الدولة سفاحة”، واتهم “العدالة والتنمية” بدفع “تركيا إلى شفير حرب أهلية، لدرجة أن الكراهية باتت شائعة بين الناس”.

حالة الخوف والهلع التي اوجدتها “داعش” والمجموعات التكفيرية ، ذراع اردوغان الضاربة في سوريا والعراق وتركيا ، تعززت مع السياسة الاستبداية لاردوغان ، والتي ساهمت في تكميم الافواه ومحاربة كل الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى التي تجرأت على انتقاد سياسته الاستبدادية ، وتدخله السافر في سوريا والعراق ، وفتح ابواب تركيا امام العصابات التكفيرية التي وجدت لها حواضن في تركيا ، لاسيما بعد الكشف عن مراكز عديدة في تركيا تديرها “داعش” ، ومهمتها تدريب الاطفال واليافعين على السلاح وغسل ادمغتهم بالافكار الوهابية الظلامية.

يوم الأربعاء الماضي، اي قبل اربعة ايام من الانتخابات ، قامت الشرطة التركية بدهم محطتي تلفزيون قريبتين من أحد أطراف المعارضة، ومنعت في اليوم التالي صدور صحيفتي “بوغون” و”ملت” التابعتين للمجموعة نفسها، “إبياك-كوزا”.

الرئيس التركي ورفيق اردوغان السابق، عبدالله غول، وفي مقابلة مع «فاينانشال تايمز» شدد على ان أردوغان يهدّد بتدمير الديموقراطية التركية ، فهو يمهد للعودة إلى ما يشبه ظروف الجمهورية التركية في عقد التسعينيات.

اخيرا ورغم فوز اردوغان في الانتخابات التشريعية التركية ، الا ان صورة الرجل لن تعود الى ما كانت عليه قبل خمس سنوات ، عندما كان ينظر الى الحكومة التركية التي يقودها على انها نموذج ناجح سياسيا واقتصاديا ، فمن الخطا والخطا القاتل ، ان يتم استخدام الارهاب والارهابيين من قبل بعض الحكومات لتحقيق اهداف سياسية ، كما يفعل اردوغان وحزبه ومخابراته اليوم للبقاء في السلطة في تركيا ، عبر التنسيق مع “داعش” واخواتها ، فاذا كان الفضل بفوز اوردغان بالاغلبية في البرلمان يعود الى “داعش” ، التي اربك تدخلها في الشان الداخلي التركي جميع استطلاعات ، فمن المؤكد ان “داعش” ، شانها شان اي تنظيم ارهابي اخر، ستقلب على اردوغان الطاولة ، في اول فرصة تضعف فيها قبضته عليها ، وعندها سينكشف المستور ، والايام بيننا.

*جمال كامل / شفقنا