هل تتحول الحرب الإعلامية بين الإمارات وتركيا

هل تتحول الحرب الإعلامية بين الإمارات وتركيا
الجمعة ٢٠ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٧:٠٢ بتوقيت غرينتش

صعدت وسائل الإعلام الإماراتية أو الممولة من قبل حكومة أبو ظبي من هجومها على تركيا لا سيما الرئيس رجب طيب أردوغان، في الوقت الذي اتهمت فيه وسائل إعلام تركية الإمارات بالتخطيط لمهاجمة السفارة التركية في ليبيا، في حلقة جديدة من مسلسل الخلافات المتزايدة بين البلدين، وسط مخاوف من تحول الحرب الإعلامية إلى أزمة دبلوماسية أكبر خلال الفترة المقبلة.

وظهرت الخلافات بين البلدين بشكل واضح، عقب "الانقلاب" الذي نفذه الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي على الرئيس المعزل محمد مرسي، حيث اتهمت الإمارات التي دعمت السيسي بقوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وتخلل هذه الفترة اتهامات متبادلة بين البلدين. وبعد فترة من الهدوء، فتحت وسائل الإعلام الإماراتية النار على أردوغان مجدداً أثناء تغطيتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، وفاز فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأطلقت وصف «الديكتاتور» على أردوغان، وغطت فضائية «سكاي نيوز» الممولة إماراتياً وتعمل من دبي الانتخابات تحت عنوان «ديمقراطية الديكتاتور» كناية عن أردوغان الذي فاز بالانتخابات الرئاسية عام 2014.

وتتهم وسائل الإعلام الإماراتية بشكل متواصل تركيا بدعم تنظيم «داعش» بالسلاح، والسماح بدخول المقاتلين الأجانب من خلال أراضيها، وهو ما نفته الحكومة التركية مراراً، وتتحدث عن ما تصفه بـ«انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات حرية الصحافة في تركيا».

وقبل أيام شنت وسائل الإعلام التركية هجوماً على الإمارات، عقب نشر وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية «وام» تصريحات «محرفة» للرئيس التركي، وكتبت صحف تركية كبيرة تحت عنوان «افتراء قبيح ضد أردوغان من قبل وكالة الأنباء الإماراتية» موضحةً أن الوكالة حرفت تصريحات أردوغان مدعيةً أنه قال تعقيباً على سقوط الطائرة الروسية في سيناء «من الطبيعي أن تسقط داعش الطائرة الروسية لأن موسكو تهاجم التنظيم بسوريا».

لكن الاتهام الأخطر جاء في مقال لكاتب تركي مقرب من الحكومة، حيث شن «إسماعيل ياشا» هجوما عنيفا على ولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد»، قائلاً إن القبض على من وصفه بـ«الجاسوس الإماراتي» في ليبيا، كشف أن أبو ظبي خططت لتفجير السفارة التركية في طرابلس وتدعم تنظيم «داعش».

ووصف الكاتب في مقال نشرته صحيفة «ديريليش بوستاسي» التركية، الثلاثاء، ولي عهد أبوظبي بـ«الولد المدلل»، مؤكداً أن المعلومات المتوفرة بعد القبض على الإماراتي في ليبيا تشير إلى أن «أبوظبي كانت تخطط لتفجير السفارة التركية في طرابلس، أو التحضير لعمل إرهابي كبير ضدها، وأنها متورطة في الهجوم على القنصلية التركية في مصراتة».

وكانت السلطات الليبية أعلنت مؤخرا أنها اعتقلت «يوسف صقر» بتهمة التجسس لصالح دولة أجنبية ولكن شرطة دبي نفت صلتها به، وقالت أنه مفصول من الشرطة، فيما أشارت وثائق كانت بحوزته أنه لا يزال على رأس عمله.

مصدر مقرب من الحكومة التركية المؤقتة رفض الكشف عن اسمه، قال في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: إن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو منشغل الآن بتشكيل الحكومة الجديدة وعرضها لنيل الثقة من البرلمان، متوقعاً أن يصدر موقف رسمي تركي عقب تشكيل الحكومة الجديدة «في حال تطلب الأمر ذلك».

من جهته، أكد المحلل السياسي التركي، أوكتاي يلماز أن الموقف السلبي الإماراتي اتجاه تركيا ليس جديد وبدأ مع انطلاق ثورات الربيع العربي لا سيما في مصر، معتبراً أن «العداء الإماراتي جاء بسبب وقوف تركيا إلى جانب مطالب الشعوب العربية التي خرجت تطالب بالحقوق والحريات، ووقوف الإمارات بجانب القمع».

ولفت إلى أنه «لا يوجد أي مشكلة مباشرة بين تركيا والإمارات، ويمكن القول إن المشكلة هي من جانب واحد، فالإمارات رأت أن تركيا داعمة لمطالب الشعوب وهو أمر مزعج لها كونها تصدرت قيادة الدول التي تقمع المطالبين بالحرية»، وقال: «الهجوم الإعلامي هو من جانب الإمارات وتركيا تقابله بالتجاهل».

وتوقع يلماز أنه في حال «استمرت الإمارات بهذا النهج فمن الممكن أن ينعكس ذلك سلباً على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين»، مطالباً القيادة السعودية «بتقديم النصيحة للإمارات للتوقف عن استفزاز تركيا حتى لا تصل الأمور حد القطيعة بين البلدين»، على حد تعبيره.

واتهمت الإمارات تركيا بإرسال الأسلحة إلى أحد أطراف الأزمة الليبية، وهو ما نفته أنقرة واتهمت بالمقابل أبو ظبي بإرسال الأسلحة إلى قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وقال داوود أوغلو في ذلك الوقت: «هذا ادعاء كاذب تماما.. إنه مجاف للحقيقة، ولكي أكون صادقا فإن هذا افتراء يأتي من أولئك الذين يتدخلون في ليبيا ويرسلون مساعدات الأسلحة. دعوني أكون واضحا في هذا الشأن. هذا الافتراء قادم من مصر والإمارات العربية المتحدة».

كما وجهت تركيا في السابق اتهامات مختلفة إلى الإمارات ـ بشكل غير رسمي ـ منها «تعاون الإمارات مع الصرب في مواجهة الجهود والمساعدات التركية، التي تقدم إلى المواطنين في منطقة البلقان»، و«تمويل كتاب غربيين من أجل الإساءة إلى تركيا واتهامات لجهات إماراتية بالعمل مع عدو أردوغان اللدود الداعية فتح الله غولن وبعض رموز المعارضة والتجسس على قيادات من الإخوان المسلمين وحركة حماس والمعارضة السورية يقيمون بالأراضي التركية».

وفي منتصف تشرين الاول عام 2014 فشلت تركيا في الحصول على مقعد غير دائم في انتخابات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واتهمت آنذاك مصادر تركية دول الخليج الفارسي، وخاصة دولة الإمارات بالعمل ضد تركيا خلال انتخابات مجلس الأمن نظرا لعلاقات تركيا السلبية مع مصر.

وتشير البيانات الواردة من معهد الإحصاءات التركي أيضا إلى انخفاض في العلاقات التجارية بين تركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة بعد عام 2013. ففي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015، بلغت قيمة الواردات التركية من دولة الإمارات العربية المتحدة نحو 647 مليون دولار أميركي، في حين سجلت الواردات خلال نفس الفترة من عام 2014 و 2013 حوالي 812 مليون دولار و2.2 مليار دولار على التوالي.

وفيما يتعلق بالصادرات فإنه وعلى الرغم من أن بيانات عام 2015 تظهر زيادة طفيفة، بحوالي 2.159 مليار بين يناير/كانون الثاني و أبريل/نيسان، مقارنة بــ 1.883 مليار في نفس الفترة من عام 2014، فإن الصادرات السنوية من تركيا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة انخفضت بشكل عام دون مستوى ما كان بين 2013 و 2014. وإجمالي الصادرات في عام 2013 بلغ حوالي 4,965 مليار، وتراجع هذا الرقم محققا 4,655 مليار في عام 2014.