ما هو النجاح الاستراتيجي الإيراني في الازمة السورية؟

ما هو النجاح الاستراتيجي الإيراني في الازمة السورية؟
الأحد ٢٢ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٢:٤٣ بتوقيت غرينتش

لاشك بأن الشرق الاوسط شكل الهدف الاستراتيجي الاول للجهاز الدبلوماسي الإيراني خلال العقود الاخيرة وسبب ذلك هو التوتر القائم بين إيران وأميركا والحرب الخفية مع الكيان الاسرائيلي، وقد سعت إيران الى مضاعفة قوتها في هذه المنطقة من اجل خلق حالة رادعة امام اعدائها.

وتبذل إيران مساعيها لتوسيع دائرة نشاطاتها في المنطقة من اجل كسب اصدقاء جدد وايجاد مواقع لحماية اهدافها الاستراتيجية، كما تلتزم إيران بنظرة مبدئية مبنية على القيم الاسلامية وتنظر بهذا المنظار الى الازمات الجارية في المنطقة، بالاضافة الى سعيها لتحسين علاقاتها الاقتصادية مع جيرانها وخاصة تركيا، وقد سجلت إيران نجاحات في تحقيق اهدافها واصبحت طرفا استراتيجيا في المنطقة، ورغم التطورات الجارية في المنطقة والضغوط الكبيرة الناجمة عن العقوبات الاقتصادية استطاعت إيران تكييف نفسها مع الفوضى السائدة في المنطقة.   

المحللون يعتقدون ان المسؤولين الإيرانيين قد قاموا باداء ممتاز في ادارة الملف النووي الإيراني وكذلك في التطورات الجديدة في الشرق الاوسط وخاصة في الملف السوري، ولم يتمكن اعداء إيران من اضعاف موقعها في المنطقة، بل نرى بان طهران قد سجلت اداءا ناجحا في الملف السوري.

ان العلاقات بين اطراف الازمة السورية قد شهدت تقلبات عدة منذ بدء هذه الازمة في عام 2011 وقد تشكلت جبهة من السعودية وقطر وتركيا والأردن وهم الذين كانوا يدعمون الجماعات المسلحة ضد الحكومة السورية، وقام هؤلاء بدعم تنظيم "داعش" الإرهابي منذ بداية ظهوره، وفي المقابل هناك من دعم الحكومة السورية مثل روسيا وإيران وحزب الله، وعندما اصطف المحوران في مواجهة بعضهما البعض كانت التساؤلات تدور حول مدى نجاح إيران في تطبيق استراتيجيتها، لكن الان وبعد مضي 4 سنوات من الأزمة نرى بأن السياسة الإيرانية المتبعة تجاه ازمات الشرق الاوسط وخاصة الازمة السورية كانت ناجحة. 

وتلعب سوريا دورا حيويا في اتصال إيران الاستراتيجي بمنطقة البحر الابيض المتوسط والشرق الادنى، ولذلك نرى ان إيران وخلافا للدول العربية تتعامل مع الازمة السورية بنظرة مختلفة وحسب المصالح الاستراتيجية، وهذا يعني ان إيران لم تنسَ التعامل بحذر مع التطورات على الساحة السورية التي كانت أميركا والسعودية والكيان الاسرائيلي يصبون الزيت على النار فيها، كما دعمت إيران المطالب الاصلاحية في سوريا في اطار الحكم القائم الان من دون ان يؤدي ذلك الى اضعاف السلطة والامن القومي السوري في مواجهة الکيان الاسرائيلي، وهذا يزيد من شرعية الرئيس الاسد ويحافظ على العلاقات القوية الموجودة بين البلدين. 

واضافة الى هذا كله يجب القول ان دمشق كانت حليفة إيران الاستراتيجية طوال الحرب العراقية الإيرانية، كما دعمت سوريا وإيران المقاومة الاسلامية في لبنان، وتشاركتا في المواجهة مع الكيان الاسرائيلي.. وقد تبلور محور المقاومة والممانعة في المنطقة بمشاركة إيران وسوريا وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية واصبح هذا المحور الركيزة الاساسية للسياسة الخارجية الإيرانية.  

ان السياسة الإيرانية في دعم حكم الرئيس بشار الاسد سجلت نجاحا مع دخول روسيا الى الازمة السورية، وقد اصبح الجيش السوري في موقف الهجوم امام الجماعات المسلحة ومنها تنظيم "داعش" الإرهابي، وهكذا فشلت سياسات تركيا وأميركا والسعودية وقطر الذين كانوا يريدون انهاء حكم الرئيس الاسد.

وفي المقابل ادركت الدول الغربية وأميركا ان سياساتها في دعم الجماعات المسلحة المعارضة ضد الحكومة المركزية في سوريا لم تكن خاطئة فحسب، بل كانت تؤدي الى سيطرة "داعش" على كل الاراضي السورية في المستقبل.  

وهكذا يمكن القول ان السياسات الاستراتيجية الإيرانية حيال الازمة السورية أدت الى زيادة القوة الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، في مقابل اضعاف مواقف منافسي إيران الاقليميين أي تركيا والسعودية وقطر.
(الوقت)