خلافات الأكراد تصل الى اوروبا ونزاع محموم على السلطة

خلافات الأكراد تصل الى اوروبا ونزاع محموم على السلطة
الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠١٥ - ٠٧:٠٣ بتوقيت غرينتش

توجهت بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري ثلاثة وفود كردية الى الدول الخليجية والسعودية وايطاليا حاملة معها برنامجين مختلفين جدا.

ودخل اقليم كردستان منذ الثاني عشر من تشرين الاول/اكتوبر الماضي بشكل تام في مرحلة جديدة حيث منعت قوة مسلحة بأمر من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني رئيس برلمان كردستان من دخول مدينة اربيل التي كان عائدا اليها من السليمانية لمزاولة عمله في البرلمان المحلي.

ومنذ ذلك اليوم لا يزال الوضع الاقتصادي للاقليم معلقا على الرغم من المحاولات السياسية العديدة، ولكن يبدو انه لم تتمكن اية محاولة من تخفيف آثار أحداث الثاني عشر من أكتوبر.

وجاءت زيارة مسعود بارزاني - الذي لا يعترف اي من الاحزاب الرئيسية الاربعة في برلمان كردستان ما عدا الحزب الديمقراطي بشرعية منصبه الحالي منذ التاسع عشر من آب/اغسطس الماضي- الى الدول الخليجية والمملكة العربية السعودية في وقت تشتد فيه التوترات السياسية والامنية في المنطقة. وقد ادى اسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل تركيا الى تسارع التطورات.

وعلى الرغم من نشر العديد من الانباء حول الزيارة زعمت تلقي بارزاني مساعدات مالية كبيرة من السعودية مقابل دعمه السنة في العراق، الا ان رئاسة اقليم كردستان رفضت تلك المعلومات واعلنت في بيان نشر في السادس من كانون الاول/ ديسمبر ان زيارة بارزاني الى الرياض كانت لبحث الاوضاع والاحداث السياسية الاخيرة.

وبالاضافة الى الاحداث الحالية التي تشهدها المنطقة والعراق، أثار منصب بارزاني نفسه أزمة كبيرة داخل اقليم كردستان، فمن الناحية القانونية "انتهت الولاية الثالثة" لبارزاني في التاسع عشر من آب/ اغسطس، لذلك لم تكن الاحزاب الاربعة الرئيسية الاخرى مستعدة للمساومة على تمديد ولاية بارزاني.

ولكن قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وبارزاني نفسه مصرون على منحه المنصب من جديد مع صلاحياته السابقة، وقد ادت هذه الخلافات الى تعطيل تام للعملية السياسية والادارية.

من جهة اخرى وفي التوقيت نفسه، وصل الدكتور يوسف محمد رئيس برلمان كردستان -الذي طلب منه حزب بارزاني رسميا التخلي عن منصبه كما منعه الحزب نفسه بالقوة من دخول اربيل- الى العاصمة البلجيكية بروكسل.

ويقول كامران سبحان مستشار رئيس البرلمان للشؤون الاعلامية "ان الزيارة جاءت بدعوة رسمية من البرلمان الاوروبي".

والقى يوسف محمد خلال زيارته خطابا كرئيس للبرلمان الكردي في الرابع من كانون الاول/ديسمبر دعا فيه الى مزيد من الدعم لاقليم كردستان ضد تنظيم الدولة الاسلامية، قائلا "كثيرا ما تتصرف الميليشيات وكأنها فوق القانون، وقد اجبرونا بعد الثاني عشر من تشرين الاول (اكتوبر) من هذا العام على العودة الى محافظة السليمانية ولم يسمحوا بدخولنا اربيل، كما اجبروا اربعة وزراء على ترك اعمالهم".

وقد جاء كلامه كإشارة لتوضح ان هناك سلطة "ميليشياوية" موجودة في عاصمة اقليم كردستان وهي فوق القانون.

ويوضح المشهد الحالي ان القوى الكردية لم تكن مختلفة فيما بينها بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 بقدر اختلافها الان كما لم تصدر خلافاتها الى خارج الاقليم.

فاذا حاول محلل سياسي او سياسي في الخارج فهم الخلافات الكردية فيكفيه الاستماع الى عدة جمل من تصريحات رئيس برلمان كردستان فقط ليعرف الوضع. وان ما يوضح المشهد اكثر هو التوضيح الذي نشرته ممثلية اقليم كردستان في اوروبا والذي وصف يوسف محمد والوفد المرافق له بانهم "وفد حركة التغيير وليس برلمان كردستان".

وبعد إعلان يوسف محمد من ألمانيا ان عددا من ممثليات اقليم كردستان في اوروبا "ارادوا منع الزيارة وحاولوا عرقلتها"، قالت ممثلية اقليم كردستان في اوروبا في توضيح نشر في السادس من كانون الاول/ديسمبر الجاري، قالت انها لم تحاول ابدا عرقلة "زيارة د. يوسف ووفد التغيير" دون الاعتراف بكونه رئيسا لبرلمان كردستان. متهمة اياه بانه "حاول تقديم صورة مشوهة عن تجربة اقليم كردستان لأوروبا".

ويبدو ان زيارة رئيس برلمان كردستان الى اوروبا كان لها تأثير في تغيير نظرة السلطات والسياسيين الاوروبيين الذين يظهرون كأصدقاء ومتعاطفين مع الأكراد منذ اعوام، فبعيد اجتماعه مع كلوديا روث نائبة رئيس البرلمان الالماني في الخامس من كانون الاول/ديسمبر، كتبت روث على صفحتها في الفيسبوك: "استقبلت اليوم د. يوسف محمد رئيس برلمان اقليم كردستان وتبادلنا بالتفصيل الآراء حول الاوضاع الحالية في كردستان والعراق".

واضافت روث "يحتاج اكراد شمال العراق الى مساعداتنا ودعمنا في قتالهم ضد داعش، لأنهم يلعبون دورا مهما في تحقيق السلام وتعزيز المنطقة، ولكنني قلقة من ان الاكراد ليسوا على وئام في سياستهم الداخلية في حين ان برلمانهم معطل".

ويشدد المحللون والخبراء الكرد على ان تشرذم الدبلوماسية الكردية سيؤثر تماما على "البيت الكردي المضطرب" حيث بدأت الان حدود حرب القوى العظمى تتحدد في المنطقة تماما ويكاد الكرد يقعون ضمن دائرة التوترات المستقبلية دون ان تكون لهم خطة موحدة.

وقال ريبوار كريم محمود الاستاذ المختص في العلوم السياسية في جامعة السليمانية لموقع نقاش الإخباري انه "في وقت يزداد اصدقاء اقليم كردستان بسبب الحرب ضد الارهاب، تعلم الدول الاجنبية ان اقليم كردستان لا يملك كلمة موحدة في القضايا المصيرية وربما تثبت الزيارات المختلفة وغير المتفقة لبارزاني ود. يوسف ووفد وزارة البيشمركة ذلك. ان هذه الزيارات المختلفة والتي تفتقر الى التنسيق دليل على تشرذم البيت الكردي ولم تبق شيئا للوحدة وستقع مسؤولية هذا الوضع على عاتق الجميع".

وبالاضافة الى ذلك زار وفد من وزارة البيشمركة ايطاليا والفاتيكان وقد ترأس الوفد كريم سنجاري وزير البيشمركة بالوكالة فيما تم استبعاد الوزير الحقيقي بضغط من الحزب الديمقراطي الكردستاني ولا يستطيع العودة الى اربيل.

وييعني هذا كله ان ثلاث سلطات مهمة هي (التشريعية والتنفيذية والعسكرية) في اقليم كردستان في خلاف وبعيدة عن الوئام ليس في الداخل فحسب بل عند زيارة الخارج ايضا، لذلك فان الدبلوماسية الكردية الآن هي عكس الدبلوماسية في العالم فبدل كسب التعاطف والدعم لمشاريعها السياسية يشتتون بها "بيتهم" في الخارج ويقسمون أصدقاءهم.

المصدر: ميدل ايست أونلاين