إبن سلمان على خطى صدام

إبن سلمان على خطى صدام
الإثنين ١١ يناير ٢٠١٦ - ٠٧:١٤ بتوقيت غرينتش

السياسة المندفعة والمتهورة ، التي تعتمدها السعودية ، منذ هيمنة محمد بن سلمان ، ابن الملك السعودي ، على مقدرات البلاد العسكرية والاقتصادية والسياسية ، تدفع بالسعودية الى الاقتراب من حافة الهاوية ، بل من المتوقع ان تسقط السعودية فيها ، اذا ما استمر ابن سلمان في طيشه ، مستغلا خرف ابيه ، وعدم وجود شخصية قوية داخل اسرة ال سعود ، يمكن ان تردعه ، بالاضافة الى وجود تحريض امريكي لمواصلة هذه السياسة ، لتحقيق اهداف ، تصب جميعا في صالح اعداء العرب والمسلمين.

هناك موقفان في الغرب وامريكا بشكل خاص ، لا يتباينان بالمطلق ، بل يختلفان نوعا ما ازاء التعامل مع الشاب العشريني ، الذي ورث مملكة كان يحكمها ملوك تجاوزوا جميعم الثمانين وبعضهم التسعين ، فبدا الحكم في شن عدوان شامل على اليمن ، جاره العربي المسلم ، واقترب هذا العدوان من عامه الاول دون ان يحقق اي من اهدافه سوى قتل الالاف وتشريدالملايين وتجويع اغلب الشعب اليمني ، وتدمير ما بناه منذ نصف قرن ، واما على صعيد الحرب التي يفرضها على سوريا عبر العصابات التكفيرية التي تعتبر الذراع العسكرية للوهابية السعودية ، فمازال يكرر ذات العبارات التي كانت تقولها امريكا والغرب منذ خمس سنوات ، حول ضرورة اسقاط الحكومة السورية بالحرب او السلم ، بينما الحقائق على الارض تغيرت ، وكفت امريكا والغرب عن قول ما كانت تقوله سابقا ، وتخلى الجميع عن شرط اسقاط الرئيس بشار الاسد ، وعلى الصعيد الداخلي فاستخدم السيف ، كما تفعل “داعش” ، كوسيلة لاسكات كل صوت معارض حتى لو بلغ من الاعتدال ما بلغ ، وكانت جريمة اعدام الشيخ نمر النمر ، بداية لحقبة دموية تنتظر السعوديين ، اما تدخله في الشؤون الداخلية لدول الاخرى ، وتحريض بعض الحكام في الدول العربية والاسلامية ، على ممارسة كل انواع الضغوط ضد الشيعة المسلمين كما حدث في نيجيريا والدول الاخرى.

رغم ان الطرف الذي يستهدفه ابن سلمان في سياسته الرعناء هذه ، هو ايران ، التي مازالت تعتمد سياسة ضبط النفس ازاء الممارسات الصبيانة لهذا الشاب النزق ، الا ان وسائل الاعلام الغربية بدات تحذر من خطورة سلوكيات ابن سلمان واستفزازاته لايران ، واحتمال ان تخرج الاوضاع عن سيطرة امريكا التي مازالت تماشي ابن سلمان في سياسته غير المسؤولة ، فهذه صحيفة الإندبندنت البريطانية نشرت مقالاً للكاتب الصحفي باتريك كوبيرن بعنوان “الأمير السعودي الساذج والمتعجرف يلعب بالنار” ، اشار فيه الى المُذكّرة التي نشرتها الاستخبارات الألمانية نهاية العام الماضي ، ، والتي حذرت من “الخطر” الذي يمثله ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان ، وكذلك من السياسة المتهورة التي تعتمدها السعودية حاليا.

ووصف كوبيرن، ابن سلمان ، البالغ من العمر 29 عاماً بأنه سياسي مقامر يعمل على شل العالم العربي من خلال تورطه بحروب بالوكالة في سوريا وايران ، بينما وكالات التجسس لا تقوم بالعادة بالكشف عن مثل هذه المعلومات والوثائق لوسائل الاعلام وتنتقد فيها حليفا قويا ومقربا لها كالسعودية ، التي قد تتحول الى ورقة غير مضمونة ، بعدما أضحت تنتهج خيارات أكثر عدوانية وسياسة قائمة على الحروب، كالحرب في سوريا واليمن”.

كاتب بريطاني اخر هو بيل لو ، وصف في مقال له ولي ولي العهد السعودي بأنه “عدواني وطموح” و”أخطر رجل في العالم” ، يضع أعداءه في الداخل والخارج نصب عينيه، مشيراً إلى أنه أغرق بلاده في حرب وحشية في اليمن لا تبدو لها نهاية في الأفق، فهو على عجلة من أمره كي يصبح القائد الأقوى في الشرق الأوسط.

يبدو ان المناصب التي يتولاها ابن سلمان ، جعلت الجميع داخل ال سعود ، يهابونه ويخشون بطشه ، مما جعله يتمادى في سياسته دون اي معارضة تذكر ، فقد زادت قوته نفوذه بعد أشهر قليلة من تولي ابوه سلمان منصبه كملك، إذ تم تعيينه وزيرا للدفاع، وتولى مسؤولية شركة أرامكو، وترأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يمارس الرقابة على كل وزارة، كما أسندت له مسؤولية صندوق الاستثمارات العامة في المملكة. وعين وليا لولي العهد، بهدف ضمان سيطرته على منافسه محمد بن نايف، ولي العهد ووزير الداخلية ، الذي لم يعد اسمه يذكر حتى داخل السعودية ، بل ان الكاتب بيل لو يعتقد ان قرار ابن سلمان شن الحرب على اليمن كان مغامرة أراد أن يثبت من خلالها أنه منافس لبن نايف ، فقد كان يريد نصرا سريعا حاسما لتأكيد مكانته كقائد عسكري، يضعه في نفس المكانة مع جده ابن سعود، الملك المحارب.

الاجواء التي تعيشها السعودية ، بعد رحيل الملك عبدالله وظهور ابن سلمان بهذا الاندفاع في المشهد السعودي ، هي اجواء لم تألفها السعودية منذ نصف قرن ، وتشبه الى حد بعيد الاجواء التي عاشها العراق بعد مرحلة ما بعد احمد حسن البكر ، عندما برز نجم صدام حسين ، الذي قضى على معظم من كان يعتقد انهم منافسون له داخل حزب البعث ، كما استخدم اساليب في غاية الوحشية في قمع معارضيه في الداخل ، ومن ثم ورط العراق والشعب العراقي في مغامرات وحروب لا تنتهي ، مازال العراقيون يدفعون ثمنها حتى اليوم.

كما جن جنون صدام بإنتصار الثورة الاسلامية في ايران ، فارتكب جريمته الكبرى بشن عدوانه الظالم على ايران لاسباب واهية ، فان علائم ذات الجنون يمكن مشاهدتها اليوم في تصرفات ابن سلمان ازاء ايران ، بسبب الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 ، فهل هناك عقلاء داخل عائلة ال سعود يمكن ان يمنعوا هذا الصبي من المضي في تقليده لصدام ، ويجنبوا بلادهم والمنطقة كارثة كبرى ، ام انهم سيتركونه يلاقي مصير من يقلده ، وعندها لن يجدوا بلادهم كما كانت من قبل.

*نبيل لطيف/ شفقنا