تركيا وقطر.. أخونة "داعش" والقاعدة

تركيا وقطر.. أخونة
الخميس ١٤ يناير ٢٠١٦ - ٠٥:١٧ بتوقيت غرينتش

لازال الغموض يكتنف عملية الافراج عن الرهائن الاتراك، الذين تم احتجازهم بعد سقوط الموصل من قبل "داعش" في يونيو حزيران عام 2014.

تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وبعد إطلاق سراحهم، وصفت اطلاق "داعش" لسراحهم دون ان يصيبهم خدش مثلما تفعل مع اسراها الآخرين.. وصفه بانه كان نتيجة لعملية ناجحة!

كلامه (اردوغان) لم يكن يتوافق مع الواقع الموجود في الموصل ولا خبرات "داعش" في التعاطي مع رهائن وكان من ضمنهم القنصل التركي وعائلته.. لانه على اقل تقدير تحدثت المصادر الاستخبارية حينها ان الرهائن تم توزيعهم على ثمان مجموعات وضعت في اماكن مختلفة من مدينة الموصل.

ناهيك عن تضارب التصريحات بين المسؤلين الاتراك انفسهم.. فبينما اكد اردوغان ان عملية اطلاق سراح "الرهائن" جرى التخطيط لها بشكل جيد، ونفذت بسرية تامة وانتهت بجاح كامل.. قال وزير خارجيته جاويش اوغلو: ان اطلاقهم جاء نتيجة لجهود طويلة، جرى تنفيذها بصبر واتقان وانها جرت عبر وسطاء.. بينما اكدت مصادر من داخل تركيا انه لم يجر دفع اية فدية، وانهم دخلوا الى تركيا عبر بلدة تل ابيض الخاضعة لسيطرة "داعش" في محافظة الرقة السورية.

ليس من المعقول ان تقوم تركيا بعبور كل هذه المسافة دون مساعدة من "داعش".. ولو كان حقا ما تناقله البعض ان دائرة العمليات الخارجية وضعت استراتيجية تعتمد على كوادرها المحترفين وعناصر محلية في نينوى وطائرات دون طيار على مدار 101 يوما من احتجاز "الرهائن" كما يدعون.. لكان الانقضاض على ابوبكر البغدادي وقيادته، اسهل من الرهائن الاتراك الذين وكما اسلفنا قد تم تقسيمهم الى ثمان مجموعات تحت حراسات مشددة من قبل انتحاريين، حسب زعمهم!

لكن واقع الامر هو ما رشح عن مصادر موثوقة: ان اتفاقا تم ما بين حكومة اردوغان وقيادات "داعش"، ومنها عدم مشاركة تركيا في اية عمليات عسكرية ضد التنظيم خلال هجمات التحالف التي تقوده امريكا والعكس صحيح، الى جانب معالجة جرحى التنظيم في المشافي التركية، والسماح للمتطوعين من عناصر التنظيم القادمين من الغرب الى سوريا والعراق.

وهذا الامر ينطبق ايضا على "جبهة النصرة" التي هي احدى اخوات "داعش" المنسلختين عن القاعدة.. فلانجد احد تم اختطافه من لبنان او سورية من قبل هذين التنظيمين، الا وكانت الوساطة تركية او قطرية، ولا احد ينكر ان كلاهما اخوانيان بامتياز.

ولنا كل الحق اذا ماشككنا بكلا الانفجارين الذين نجم احداهما عن عبوة ناسفة كانت مزروعة في محطة لتحويل الكهرباء بالقرب من التجمع الذي أقيم في مدينة دياربكرمعقل الأكراد في تركيا، ضمن إطار الحملة الانتخابية لحزب الشعوب الديمقرطية بقيادة ديمرطاش في حزيران من العام المنصرم.

والاخر الذي حصل في منطقة السلطان أحمد وسط اسطنبول، صباح الثلاثاء الماضي، وأدى إلى سقوط 11 قتيلاً على الأقل جلهم من السياح الالمان.. والذي قال عنه "نعمان قورتولموش" نائب رئيس الوزراء التركي، ان المنفذ من سوريا ومن مواليد عام 1988 ويدعى نبيل فضلي، وهو من مواليد السعودية، دخل قبل عدة ايام الى تركيا.

السؤال هو، ما دام الانتحاري سيفجر نفسه في كل الاحوال وتتناثر اشلائه، فلماذا لم يتم استخدام افراد من الخلايا النائمة لـ"داعش" في المدينة، خاصة وهم اعلم بنقاط الضعف اكثر من غيرهم؟!.. ولماذا يتم استهداف اوروبيين من المانيا وبلجيكا.. اذا كان عدوهم حكومة اردوغان "المناهضة" لهم وارهابهم؟!..
ألا يعطي هذا العمل الارهابي زخما لاردوغان ويحسن من صورته المتداعية امام الغرب والاتهامات التي تتحدث عن تورط الحكومة التركية في دعم الارهابيين في سوريا والعراق، والمتاجرة بالنفط المسروق من هذين البلدين المنكوبين مع هذه التنظيمات الارهابية.

وبالحديث عن العراق فان ارسال تركيا وحدة قوامها 150 جنديا تحت ذريعة حماية الخبراء الأتراك الذين يدربون عراقيين لقتال تنظيم "داعش".. بحاجة الى شيئ من التوقف والتأمل.

فحسب المعلومات المتوفرة فان بعشيقة ناحية تابعة لقضاء الموصل، وتقع على بعد 12 كم منها، أغلب سكانها من الايزيدين ويسكنها أيضاً نسبة من اتباع الاديان الأخرى من مسلمين ومسيحيين الى جانب قرية واحدة من التركمان.

فحين يخرج اردوغان ليبرر نشر قواته داخل العراق ودون اذن الحكومة العراقية ويقول "إن الهجوم الذي شنه "داعش" على القاعدة العسكرية التركية يبرر قرار تركيا نشر قواتها هناك.. ثم يضيف "أن 18 من عناصر "داعش" قتلوا دون أن يصاب أي من الجنود الأتراك في الهجوم".. ألم يكن من الاجدى اعلاميا ان يتم تصوير ذلك وعرضه على الملأ لنصدق الرواية الاردوغانية؟

ثم ان "داعش" وبعيدا عن معقله يهاجم القوات العراقية بالمدرعات المصفحة المففخخة والمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون.. فلماذا لم يستخدم نفس الاسلوب مع مجموعة افراد لايتجاوز عددهم المئتين.. و"داعش" التي اسقطت الموصل واحتلت الرمادي مرتين.. هل يتعذر عليها اسقاط قاعدة بهذا الحجم؟!

لكن المتابع سوف يرى ان التعرض للقطعات التركية في محافظة الرقة السورية، وهي معقل "داعش" هي انجع من التعرض الى قاعدة بحجم بعشيقة.. لكن يبدو ان الاستخبارات التركية والاموال القطرية سعت جاهدة لاخونة "داعش" والاستفادة من مجهودها الارهابي حفاظا على المصالح المشتركة فيما بينهم، ومنها تدمير العراق اذا تعذرتقسيمه، واسقاط الحكومة السورية وتقطيع اوصال سوريا.. وهذا تعايش اشبه بالبكتيريا الموجودة في معدة الانسان.

قد يستمر هذا الامر الى حين.. لكن "الذي يقوم بتربية الثعابين لابد ان تلسعه يوما".

• رائد دباب