"الحج الشيعي إلى مصر"!

الأحد ٠٦ مارس ٢٠١٦ - ٠٣:٤٣ بتوقيت غرينتش

كان والدي أكثر منّي بداهة وسرعة في القرار عندما طلب منّي أن أغيّر جهاز التحكمّ عن قناة “صفا ” وتحديدا في برنامج ” أستوديو صفا” الذي يقدّمه الإعلامي محمد صابر، الذي بدأ باستخدام كلمات نابية جارحة بحقّ الشيعة، ولا تليق أن يرددها إعلامي يتولى منبرا إعلاميا يخاطب فيه الجماهير، وذلك في حلقة استضاف بها الدكتور والصحفي محمد شعت للتحدث عن كتابه الجديد” الحج الشيعي إلى مصر”.

والدي غادر صالة التلفزيون معبّرا عن استيائه من الألفاظ النابية التي نترّفع عن ذكرها هنا، ومع أنّني وللحقيقة شعرت بتقزّز من هذه الألفاظ، إلا أنّ عنادي وحب استطلاعي جعلني أكمل المتابعة لأعرف النهاية “السعيدة” أو الاكتشافات التي ستأتي بها هذه الحلقة، وبنفس  اتخذت موقفا بأنّ ما سأسمعه بعد ذلك وتحديدا من تعليقات مقدم البرنامج سيكون مع سؤال كبيرة وبتحفظ.

وستسألونني لماذا؟ والجواب هو أنّ المذيع بدأ كما يقولون بلهجتنا الفلسطينية قد “حفظ خط الرجعة” عندما بدأ بسؤال ضيفه عن "التغلغل الشيعي" في مصر، مضيفا بعض “لمساته” في التعقيبات ولكي يفسر للمشاهدين الذين قد يتهموه بتأجيج الطائفية، مبررا ذلك بأنّه لا مشكلة لديه مع النصارى، لأنّ لهم دينهم،  بينما “الشيعي يدخل على المسلم ويقول إنّه مسلم ويقوم بشتم الصحابة ورموز الإسلام”.

ضيف الحلقة بدأ بتفسير ما قصده من “الحج الشيعي”، قائلا: إنّ ذلك يعني القصد إلى مكان معظّم، والشقّ الثاني هو الجانب الشعائري الديني” معتبرا أنّ إيران تريد السيطرة على مصر من خلال التشيّع وبمساعدة ” أذرعها الشيعية” في مصر، من خلال الحج إلى “العَتبات المقدّسة”، ويسعون لهذا الهدف بكل ما أوتوا من قوّة ونفوذ وأموال باهظة لتحقيق الهدف، ومن خلال تحويل مساجد “آل البيت” إلى مزارات للشيعة لتدّر على مصر الأرباح الماليّة، واستقطاب الناس.

ضيف الحلقة الدكتور “شعت” انتقد ما أسماه بـ (مشروع الشيعة) لكنّه يعتبر أنّ مصر “محصّنة”  لكن إن دخلت إليها “الخلايا السرطانية” ستحدث خللا في المحروسة، وبعزل مرسي فقد أنقذهم الله من تحويل مصر لولاية شيعية.

النصف الأخير من الحلقة شهد نعوتا وانتقادات سيئة جدا لحزب الله، وخطابات للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله.

بعد انتهائنا من متابعة هذه الحلقة التي لا ندري إن كان توقيتها بريئًا، بعد تصنيف حزب الله كـ “منظمة إرهابية” من قبل مجلس التعاون.. لتخويف المصريين من التغلغل الشيعي، وإشغالهم عن قضايا أخرى هامّة، وكأنّ التشيّع أصبح ظاهرة متغلغلة وتقض أمن ومضجع المصريين، مع أنّ نسبة الشيعة في مصر هي أقل من 1%!!

الأمر الآخر الذي نؤكّد عليه هو الانزلاق الخطير في توصيفات تُظهر الكره الطائفي من قبل بعض وسائل الإعلام والتي لا تدلّ إلا على الموقف الضعيف، وإن كان هناك انتقادات ضد سياسة الشيعة فلماذا لا يتم مناقشتها بالفكر دون الانجراف في توصيفات غير لائقة من قبل في فضائية تسعى لطرح خطورة التغلغل الشيعي كما تدّعي.

وأخيرا متى يدرك البعض أنّ الدين لله، وحرية الاعتقاد الديني هي مسألة شخصية، فلا يمكن التناقض والقول إنّك مع حرية الرأي، ومن جهة ثانية تستخدم السُباب والشتيمة.. وفي كل طائفة نجد”الغلاةُ” وبدلا من إخماد هذه الفتنة وتصحيح المفاهيم المغلوطة بالمنطق والأدلة الصحيحة، يقوم البعض بتأجيجها، وعلى هذه الحالة استمرت الكراهية منذ قرون.

* لطيفة اغبارية/ رأي اليوم