"لا اختراق" فلسطينيا.. والبحث يتناول سوريا وإيران و"داعش"..

بايدن في "إسرائيل" اليوم: المساعدات بشروط أوباما

بايدن في
الثلاثاء ٠٨ مارس ٢٠١٦ - ٠٩:١٣ بتوقيت غرينتش

يصل اليوم نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الكيان الاسرائيلي، في زيارة يهدف من ورائها إلى إنجاز مذكرة التفاهم حول المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل" في العقد المقبل.

ورغم أن أهداف الزيارة تعكس مروحة كبيرة، تبدأ بالجانب الشخصي والدور المستقبلي وتنتهي بمحاولة تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، إلا أن إبرام اتفاقية المساعدات يعتبر الهدف المركزي. وتخشى أوساط مختلفة تكرار تل ابيب الخطأ الذي رافق زيارة بايدن الرسمية السابقة، حين أعلنت عن مخطط استيطاني واسع خلال زيارته للأراضي الفلسطينية.

ووفق ما هو مقرر، فإن بايدن سيصل اليوم "إسرائيل" والضفة الغربية في زيارة تستمر يومين. واستبق البيت الأبيض هذه الزيارة بإعلانه أنه لا يتوقع حدوث «اختراق» بشأن التسوية مع الفلسطينيين، لكنه أكد أن المحادثات ستركز على التعاون الأميركي ـ الإسرائيلي في جملة مسائل، بينها سوريا وإيران وتنظيم «داعش».

وسيلتقي بايدن كلا من الرئيس الإسرائيلي رؤفين ريفلين ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. كما سيجتمع في رام الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وإذا كان من غير المتوقع حدوث اختراق في المحادثات بشأن التسوية، لكن واشنطن ستواصل سياستها الرامية لمنع انفجار الموقف بين "إسرائيل" والفلسطينيين، وفي الغالب ستعمل على إثارة مسألة إدخال تسهيلات اقتصادية ورفع للحواجز في الضفة.

ومن المؤكد أن الموضوع المركزي الذي شهد شداً وجذباً أكثر من أي شيء آخر مؤخراً بين حكومة نتنياهو وإدارة أوباما هو موضوع المساعدات العسكرية للعقد المقبل. ومعروف أن "إسرائيل" ماطلت في التفاوض على مذكرة تفاهم جديدة تحل مكان المذكرة التي تنتهي في العام المقبل، على أمل أن تنال مبالغ سنوية أكبر من تلك التي كانت تنالها. وتحدث مسؤولون في السابق عن أن إدارة أوباما كانت مستعدة لمنح "إسرائيل" مبالغ أكبر لو أنها قبلت بإجراء المفاوضات على هذه المذكرة أثناء التفاوض الدولي مع إيران على الاتفاق النووي. لكن "إسرائيل" خاضت صراعاً جبهوياً ضد إدارة أوباما في هذه المسألة، ورفضت في حينه التفاوض حول المساعدات خشية أن يُفسَّر ذلك كقبول بالاتفاق النووي.

وكتبت مجلة «ديفنس نيوز» العسكرية الأميركية أن البيت الأبيض وافق مؤخراً على زيادة المساعدات العسكرية السنوية لـ"إسرائيل" ومنحها مرونة أكبر في استخدام هذه الأموال، لكنه اشترط لذلك موافقةً إسرائيلية على التنازل عن الإضافات التي يمنحها الكونغرس بشكل تقليدي للمبالغ التي تخصّصها الإدارة لـ"إسرائيل"، والمعروفة باسم (plus-ups). والحديث هنا لا يدور عن إضافات للمساعدة السنوية، وإنما إضافات للمساعدات الأخرى التي تُقرّ بشكل منفرد، والمتصلة خصوصاً بتطوير منظومات اعتراض صواريخ مثل «حيتس» و«القبة الحديدية». ومؤخراً، أضيف إلى هذا النوع من المساعدات الإضافية، مبالغ لتمويل أبحاث تتصل بالكشف عن الأنفاق. وفي السنوات الماضية، كانت الإضافات التي أقرّها الكونغرس لأموال المساعدات الخاصة تزيد عن 100 في المئة مما كان مقراً سلفاً.

ونقلت المجلة الأميركية عن مصادر رسمية أن الحسابات تظهر أنه منذ 2009، السنة الأولى لاتفاق المساعدة العسكرية الحالي، بلغت الزيادات التي أضافها الكونغرس على مشاريع الميزانية الأصلية التي قدّمتها الإدارة 1.9 مليار دولار. وهكذا مثلاً، في كانون الأول 2015، صادق الكونغرس على زيادة بقيمة 487 مليون دولار لمشروع تطوير الصواريخ، وهو مبلغ يزيد عن ثلاثة أضعاف المبلغ الأصلي الذي طلبته الإدارة. كما أقرّ الكونغرس 40 مليون دولار لتطوير تكنولوجيا اكتشاف الأنفاق، رغم أن الإدارة لم تخصص أي مبلغ لذلك.

وتعويضاً عن هذه الزيادات، فإن إدارة أوباما مستعدّة لزيادة مبلغ المساعدات الأصلي الذي يبلغ حالياً 3.1 مليار دولار. ونقلت المجلة عن وزير إسرائيلي قوله إن الإدارة الأميركية مستعدّة لجعل المساعدة 3.8 مليار دولار سنوياً في السنوات الثلاث الأولى، على أن تزداد المساعدة تدريجياً في السنوات التالية، بحيث يكون مجموعها على مدى السنوات العشر «أكثر من 40 مليار دولار». ومعروف أن حكومة نتنياهو تحدثت مراراً عن أنها، وبسبب مخاطر الاتفاق النووي، تطالب الولايات المتحدة برفع المساعدة العسكرية السنوية إلى خمسة مليارات دولار، وهو ما رفضته إدارة أوباما.

وتذكيراً بما وقع قبل ست سنوات أثناء زيارة بايدن السابقة، أشارت صحيفة «معاريف» إلى تزايد الدعوات لاستئناف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة. فقبل يوم واحد من الزيارة، اجتمع لوبي «أرض إسرائيل» في الكنيست ضمن حملة جديدة لاستئناف الاستيطان في معاليه أدوميم بين القدس المحتلة وأريحا. ومعروف أن هذا المشروع بين أخطر المشاريع، لأنه يفصل نهائياً شمال الضفة الغربية عن جنوبها ويجعل مسألة التواصل الجغرافي بينهما معدوماً إلا من داخل مستوطنات. ويعتقد البعض بأن هذا الاجتماع قد يُحرج نتنياهو، خصوصاً أنه يجري بحضور وزراء من «الليكود» و«البيت اليهودي».

واستغل نتنياهو زيارة بايدن المقررة اليوم ليرد على منتقديه الذين كثيراً ما اتهموه بتخريب العلاقات مع الولايات المتحدة، مؤكداً أن لا صحة للادعاء بأن منظومة العلاقات بين "إسرائيل" والولايات المتحدة تتأثر بمنظومة العلاقات الصعبة بينه وبين أوباما.

وقال نتنياهو أمس إنه «في هذا الأسبوع سيصل الى هنا للزيارة صديقنا، نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن. وتعبّر هذه الزيارة عن العلاقات المتينة بين "إسرائيل" وحليفتها الولايات المتحدة. ثمّة مَن توقع انهيار هذه العلاقات ـ ليس هكذا هو الحال. العلاقات متينة على المستويات كلها، بما في ذلك في مواجهة التحديات التي نقف امامها على نحو مشترك في منطقتنا، وسأبحث ذلك بالطبع مع نائب الرئيس لدى زيارته».

وتباهى نتنياهو بأنه «في موازاة العلاقات مع أميركا، نبني علاقات أخرى، إضافية، مع دول كثيرة في العالم. في كل أسبوع لدينا هنا رئيس أو وزير أو رئيس حكومة أو وزير خارجية، أو وزراء آخرون من دول آسيا، أفريقيا، أوروبا وأميركا اللاتينية، من العالم بأسره، وهذا يعبر بداهة عن قيمة "إسرائيل" في الصراع ضد "الإسلام المتطرف"، وأيضاً لنيل فرص المستقبل، خصوصاً في المجال التكنولوجي».

ومعروف أن معارضي نتنياهو الأساسيين، أفيغدور ليبرمان زعيم «إسرائيل بيتنا» ويائير لبيد زعيم «هناك مستقبل» عقدا قبل أيام مؤتمراً طارئاً في الكنيست لبحث ما أسموه تدهور مكانة "إسرائيل" الدولية. وواضح أن نتنياهو يرد بزيارة بايدن على ما وُجِّه إليه من اتهامات.

حلمي موسى/السفير

114-2