بدأ عصر التسويات.. وحوار الرياض ـ طهران آتٍ

بدأ عصر التسويات.. وحوار الرياض ـ طهران آتٍ
الأحد ٠٣ أبريل ٢٠١٦ - ٠٣:١٢ بتوقيت غرينتش

يؤكد مصدر متابع للأوضاع في المنطقة، وخصوصاً في سوريا واليمن ولبنان، أن المنطقة دخلت عصر التسويات، وأنّ التطورات الجارية ستبدأ تظهيرَ هذا الأمر تباعاً، لتتوّج لاحقاً بحوار سعودي ـ إيراني يعبّر الطرَفان، كلٌّ على طريقته، عن الرغبة فيه.

ويقول هذا المصدر إنّ دخول المملكة السعودية في مفاوضات مع حركة انصارالله اليمنية لم يكن سببه ما شاع عن ضغوط اميركية مورسَت على الرياض، وإنما مردّه الى ضغوط روسية على الرياض والحوثيين، فالاميركيون الذين باعوا الأسلحة بدأوا يهجرون الحروب ويهتمون اكثر فأكثر بانتخاباتهم الرئاسية.

ويفنّد المصدر الاسباب التي أملت حصول هذا التفاوض بالآتي:

أوّلاً، لا يمكن النظر الى ما يجري في اليمن بمعزل عن سوريا، والعكس صحيح، فمن دون الربط بين الأزمتين السورية واليمنية لا يمكن الخروج بالاستنتاجات والنتائج المطلوبة، فالسبب الرئيسي للانسحاب العسكري الروسي من سوريا كان مفاوضات بدأت بين موسكو والرياض وأنتجَت ما يحصل على الحدود السعودية ـ اليمنية حالياً من تفاوض بين الرياض والحوثيين (انصارالله).

الاميركيون باعوا الاسلحة، أمّا الروس فجاؤوا ليكون لهم موطئ قدم يستوجب متطلبات لتثبيته.. ولذلك فإنّ ما يحصل في سوريا قبل معركة تدمر وبعدها أثّر ويؤثّر في اليمن، والعكس صحيح.

ثانياً، إدراك الرياض خطورة التغييرات الحاصلة في جنوب اليمن حيث ينتشر 38 فصيلاً مسلّحاً، وتسود نار تحت الرماد، فالرئيس (الهارب) عبدربّه منصور هادي غير مرغوب فيه هناك، فيما رئيس حكومته خالد البحاح مرحّب به، ولكنّ هناك وجوداً لـ"القاعدة" و"داعش" وغيرهما من تنظيمات مشابهة لا يبعث على الارتياح في نفوس اليمنيين الجنوبيين.

ثالثاً، الخلافات القبَلية في منطقتَي مأرب والجوف هي خلافات لم ترتَح اليها الرياض، فمصلحة السعودية ان تبقى البيئة القبلية هادئة وأن تكون القبائل مترابطة، ولكنّ الحاصل هو انقسام هذه القبائل بين مؤيّدين للرياض ومؤيدين لانصارالله، وهذا الانقسام قد ينعكس سلباً على الرياض مستقبلاً، ولذلك سارعت على التفاوض مع انصارالله لإعادة تطبيع الوضع القبَلي هناك.

رابعاً، التباينات الناشئة بين الدول المتحالفة في العدوان على اليمن حول مستقبل هذا العدوان، وأبرز هذه التباينات تعبّر عنها مواقف مصر والسودان وبعض دول الخليج (الفارسي).

خامساً، الخلاف بين الرئيس (الهارب) عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد البحاح، ما أثّر على وجودهما في جنوب اليمن، الى درجة انّهما يتنازعان مباشرةً وقد انسحبَ خلافهما على الدول الداعمة لهما، فالسعودية تدعم هادي، فيما دولة الإمارات تدعم البحاح، وفي حال تعاظم الخلاف بين الرجلين فإنّه قد ينفجر في وجه داعميهما.

سادساً، الضغط الصاروخي لانصارالله في عمق الأراضي السعودية، إذ إنّ آخر صاروخ أطلقوه وصل مداه الى 50 كيلومتراً داخل العمق السعودي، ما يعني انّ في إمكانهم ان يدخلوا الى هذا العمق، لتصبح الرياض وجدّة في مرماهم.

ويكشف المصدر انّ انصارالله لم يوافقوا خلال المفاوضات التي بدأت أمنية ثمّ تطوّرت الى سياسية على الخروج من صنعاء، ورفَضوا عودة عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية، وقبلوا بعودة بحاح ليكون رئيس وزراء لدولة انتقالية توافقية، بحيث تصرّف الاعمال الى حين حصول انتخابات رئاسية ونيابية تنتج نظاماً جديداً.

ويشير المصدر إلى أنّ انصارالله رفضوا أيضاً دخول علي محسن الأحمر في الجيش اليمني، ولكنّهم قبلوا ببعض الضبّاط الذين "اضطرّوا" إلى الالتحاق بالفريق الآخر. كذلك لم يقبل انصارالله بالانسحاب من منطقة باب المندب لمصلحة أيّ جهة غير يمنية لأنّهم يعتبرونها أرضاً يمنية ولا سيادة لغير اليمنيين عليها.

كما يكشف المصدر أنّ السعوديين أدخلوا عبر الوسيط العماني تعديلات على شروطهم للحلّ اقتربوا بها من شروط الحوثيين (انصار الله)الذين لم يقترحوا الكويت مقرّاً للمفاوضات السعودية ـ اليمنية التي تجري حالياً في المنطقة الحدودية، وإنّما اقترحوها للمفاوضات اليمنية ـ اليمنية بدلاً من جنيف التي لم يجدوا مبرّراً لأن تكون مقرّاً للمفاوضات بعيداً عن منطقة الخليج (ألفارسي).

ويلفت المصدر الى انّ الجنوب اليمني لم يُدرَج ضمن بنود المفاوضات لأنّه سيسري عليه ما سيَسري على صنعاء، في حين انّ المفاوضات السعودية مع انصارالله ركّزت على تبادل أسرى وانسحاب انصارالله من مناطق سعودية حدودية دخَلوا إليها، وذلك قبل ان تتطوّر الى الجانب السياسي.

وبعد ان يعرض المصدر لِما هو حاصل من نقاشات وتباينات حول مستقبل حرب اليمن داخل القيادة السعودية وعلى مستوى التحالف الذي يخوض هذه الحرب، يتحدّث عن حدود تأثير الضغط الروسي على الرياض وانصارالله والسعي الحاصل في اليمن، فيؤكد أنّ الروس لا يتحرّكون بضجيج إعلامي وإنّما يعملون رويداً رويداً حتى لا يثيرون حساسية تركيا ومصر ودول الخليج (الفارسي)، والدور الذي يقومون به ليس سرّياً وإنّما بعيد عن الإعلام، ووجودهم في سوريا عارضَته الرياض، وعندما خرجوا أعلنت ارتياحها، والثمن الذي ستحصل عليه هو الحل في اليمن، ولكن المسألة هنا ليست بيعاً أو مقايضة، وإنما هي رغبة لدى الجميع بالخروج من الأزمة.

ويكشف المصدر أنّ السعودية ترغب بالتفاوض مع إيران والعكس صحيح، ويؤكد انّ هناك لقاءات واتصالات تُعقد في سلطنة عمان بين الجانبين على مستويات من الدرجة الثانية، علماً أنّ هذه اللقاءات والاتصالات لم تنقطع على رغم التوتر الذي يسود العلاقات بين طهران والرياض، ويشير المصدر إلى أنّ ايران لن تقف حجر عثرة أمام أيّ قرار بتخفيض إنتاج النفط إذا كان هذا الأمر يريح سوريا واليمن ويؤدي إلى إنهاء الأزمة في البلدين.
 

*طارق ترشيشي/ صحيفة الجمهورية

102-3