فيما طالب كثيرون بسحب الثقة من الحكومة فورا..

غضب وجدل في مصر بعد اتفاق يمنح جزيرتين للسعودية

غضب وجدل في مصر بعد اتفاق يمنح جزيرتين للسعودية
الثلاثاء ١٢ أبريل ٢٠١٦ - ٠١:٠٤ بتوقيت غرينتش

اثار الاعلان المفاجئ خلال زيارة الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز الى القاهرة عن توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين تمنح السعودية السيادة على جزيرتين في مضيق تيران، موجة غضب الشارع المصري وفي وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وجزيرتا تيران وصنافير غير المأهولتين تتحكمان في مدخل خليج تيران وهو ممر ملاحي رئيسي للوصول الى ميناء ايلات جنوب فلسطين المحتلة على خليج العقبة، ولا يزال المصريون الذين شاركوا في الحروب العربية - الاسرائيلية الاربعة قبل ان تصبح مصر اول بلد عربي يوقع معاهدة سلام مع الكيان الاسرائيلي عام 1979، لا يزالون يتذكرون حرب الخامس من حزيران/ يونيو 1967.

فقد كان اغلاق خليج تيران امام السفن الاسرائيلية بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر في 23 ايار/ مايو عام 1967 شرارة اشعلت بعد اقل من اسبوعين الحرب العربية - الاسرائيلية الثالثة التي احتل خلالها الكيان الاسرائيلي هضبة الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وجزيرتي تيران وصنافير اللتين كانتا انذاك في حماية الجيش المصري.

وعند ابرام اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر والكيان الاسرائيلي عام 1978، وضعت الجزيرتان مثل بعض اجزاء من شبه جزيرة سيناء ضمن ما يعرف بـ "المناطق ج" حيث يمنع اي تواجد للجيش المصري ويسمح فقط بانتشار عناصر من الشرطة المدنية وقوات متعددة الجنسيات.

وتلتزم السعودية بموجب الاتفاقية الجديدة باحترام كل تعهدات مصر الدولية بشأن الجزيرتين.

وانتشرت في وسائل الاعلام وخصوصا البرامج التلفزيونية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي خلال الايام الاخيرة تعليقات حول الاتفاق المصري السعودي الاخير مع تساؤلات كثيرة حول ما اذا كانت مصر "تنازلت" عن سيادتها على الجزيرتين مقابل مليارات الدولارات من المساعدات التي تقدمها السعودية لمصر بعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.

وكتب استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حازم حسني على حسابه على موقع "فيسبوك" ان "رضوخ مصر السهل لمطالبة السعودية بالجزيرتين وكأننا نتنازل عن كارت شحن (للهاتف المحمول) يبين الى اي درك انحدرت الدولة المصرية وما بقي من الدور المصري (الاقليمي) الذي صار مهينا لمصر والمصريين"، بحسب فرانس برس.

وكتب استاذ القانون في جامعة الزقازيق نور فرحات على "فيسبوك" ايضا داعيا نواب البرلمان الى "سحب الثقة من الحكومة فورا لانها اقدمت (...) على الاعتراف المجاني بسيادة السعودية على الجزيرتين دون حتى اخذ رأي مجلس النواب".

واصدرت الحكومة المصرية السبت بيانا اكدت فيه ان "العاهل السعودي الملك عبدالعزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في يناير 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين"، مضيفا ان الاتفاقية الجديدة استندت الى قرار جمهوري اصدره الرئيس المخلوع حسني مبارك وابلغ به رسميا الامم المتحدة في ايار/ مايو 1990 "يجعل جزيرتي تيران وصنافير داخل المياه الاقليمية السعودية"، على حد زعمها.

ولن تدخل الاتفاقية المصرية السعودية الحدودية حيز التنفيذ الا بعد عرضها على مجلس النواب المصري والحصول على موافقته، لكن البعض طالب باكثر من ذلك.

وقال المعلق المعروف ابراهيم عيسى على قناة "القاهرة والناس" مساء الاحد ان "التنازل عن الجزيرتين شأن يتعلق بالسيادة المصرية"، وان المادة 151 من الدستور المصري توجب اجراء استفتاء شعبي على اي اتفاقية تخص امرا من امور سيادة الدولة على اراضيها.

ويعتبر خبراء ان الحكومة المصرية لم تتعامل بشفافية في هذه القضية.

ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية مصطفى كامل السيد "الخطأ الذي ارتكبته الحكومة المصرية هو انها لم تبلغ الشعب المصري لا في وقت حسني مبارك ولا وقت عبد الفتاح السيسي ان اتصالات تجري مع السعودية للاتفاق على ترسيم الحدود".

ويضيف "منذ العام 1990، قبلت مصر بالسيادة السعودية على الجزيرتين وابلغت الامم المتحدة بذلك ولا يحق لها التراجع الان. وبالتالي فمن الناحية القانونية، الثابت ان الجزيرتين سعوديتان".

ويرى الخبير في شؤون الشرق الاوسط ان هاتين الجزيرتين "قلت اهميتهما الاستراتيجية الان مع وجود حالة سلام فعلي بين العرب واسرائيل". اما المكسب الذي ربما تحققه الرياض من استعادتهما، فيقول السيد انه سياسي بالاساس اذ "ترضي الاتفاقية تطلعات الجماعة الحاكمة في المملكة التي تريد اظهار السعودية بمظهر القوة الاولى في منطقة الشرق الاوسط التي تخشى بأسها القوى الاقليمية الاخرى".

واعتبر المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي ان اهتمام السعودية بالجزيرتين يرجع الى "اسباب تاريخية اكثر من اي شيء آخر"، اذ ان المملكة اعتبرتهما دائما اراضي سعودية.

لكنه اضاف ان ترسيم "الحدود يخلق علاقات جيدة بين الجيران، فالان اصبحت الجزيرتان معنا.. قد يتم اكتشاف حقول نفط او غاز فيهما، وهذا (الترسيم) يقينا من اي خلافات في المستقبل".

108