الرقة تشتعل وصراعات "داعش" تطيح بمفتيه العام و زوجته

الرقة تشتعل وصراعات
الأحد ١٥ مايو ٢٠١٦ - ٠٤:٠٢ بتوقيت غرينتش

شهدت مدينة الرقة عاصفة تبديلات في مناصب تنظيم داعش القيادي أفرزت عزل "تركي البنعلي" من منصبه كمفتي عام لتنظيم داعش تحت مسمى "شرعي الخلافة"، ليعين مكانه السعودي "عمر القحطاني" الملقب بأبي بكر القحطاني، الأمر الذي أثار موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بين عناصر التنظيم الذين انقسموا بين مؤيد للقرار ومعارضين له، إذ أن البنعلي يحظى بشعبية كبيرة بين مؤيدي داعش لدرجة جعلت منه "الأب الروحي" للتنظيم.

وبحسب موقع "عاجل" فإن البنعلي البحريني الجنسية عزل بقرار من زعيم التنظيم "ابو بكر البغدادي" شخصياً برغم العلاقة الوطيدة التي تجمعهما منذ أن وصل البنعلي إلى سورية منتصف العام 2013، لكن هذه العلاقة لم تشفع له أمام جملة "الخلافات" التي نشأت بينه وقادة داعش البارزين، وأبرز الذين اختلف معهم هم "حجي بكر" الذي يعد القائد العسكري العام لداعش، و"أبو علي الأنباري" وهو أحد أقطاب قيادة التنظيم الأساسية، إضافة  لخلاف كبير بين البنعلي و"أبو مسلم الشيشاني"، و "طه صبحي فلاحة" الملقب بأبي محمد العدناني والذي يعرف بكونه "المتحدث الرسمي" باسم داعش، وسبب هذه الخلافات هو "مخالفات" البنعلي الأخيرة لعقائد داعش الجهادية المتمثلة بجملة من التصرفات المغايرة لمسيرة البنعلي نفسه في العمل الجهادي ضمن صفوف القاعدة ومن ثم داعش.
ولعل السبب المباشر لقرار عزل البنعلي استند في ظاهره على جملة "الاجتهادات" التي أطلقها عبر حساباته العديدة على مواقع التواصل الاجتماعي و أشهرها حساب "شرعي الخلافة" على موقع "تويتر"، كما أنه اطلق مؤخراً سلسلة من المحاضرات على موقع "يوتيوب" تحت عنوان "موانع التكفير"، الأمر الذي دفع لتأجيج نار الخلافات بين البنعلي وأقرانه من قيادات داعش لكونه خالف نظرة التنظيم إلى جملة من المسائل أهمها العلاقة مع بقية التنظيمات الجهادية وخاصة القاعدة وجبهة النصرة.
مؤيدو قرار عزل البنعلي أخذوا عليه "غروره وتمجيده لنفسه" إذ إنه يطلق على نفسه لقب "العلامة أبو همام الأثري"، وهذا الغرور أدى لتراجع نسبة مؤيديه بعد التناقضات التي أطلقها في جملة من الفتاوى، ووصل الأمر بوصفه بالكذاب لكونه أنكر سابقاً إدارته المباشرة  لحساب "شرعي الخلافة" مدعياً أن تلامذته من يديرون هذا الحساب الذي كان قد نقل فتاوى تبرأ منها البنعلي ومن بينها فتوى تحرم قتال "جبهة النصرة" على أساس "أخوة المنهج"، كما أخذوا عليه وقوفه وراء مقالات زوجته "أم سمية المهاجرة" في مجلة "دابق" التي يصدرها التنظيم باللغة الإنكليزية، حيث منعت "أم سمية" من النشر بسبب إنكشاف "جهلها" بعد قيامها بمناظرة عناصر التنظيم في غرف المحادثة السرية الخاصة بداعش عبر الانترنت، ما حولها لمثار سخرية المشاركين بجملة من الفتاوى الشرعية المثيرة للجدل.
وتعتبر أم سمية أبرز شخصيات داعش النسائية الأوروبية، وهي مقربة من الشخصية النسائية الأبرز في التنظيم "إيمان البغا"، ومن أشهر مقالات "أم سمية" التي نشرت في مجلة دابق "لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" والتي اعنبرت فيها أن العلاقة الزوجية بين عناصر الشرطة المصرية وزوجاتهم باطلة، واصفة إياها بعلاقة الزنا، كما مجدت في مقال آخر بعنوان "سبايا أم عاهرات" فكرة "السبايا" مقارنة بنساء أوروبا اللواتي وصفتهن بالعاهرات، وفي هذا المقال اعتبرت أن ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي لن تساوي 3 دنانير إذا ما بيعت في سوق السبايا الخاص بداعش، وكان لأم سمية قبل إيقاف نشاطها الدعوي دور في إقامة المؤتمرات النسائية للتحريض على دفع النساء في مناطق التنظيم لتجنيد اطفالهن ضمن صفوف مقاتلي داعش، واقناعهن بدفع الرجال نحو تعدد الزوجات.
قرار عزل البنعلي رافقه قرار بتكليف السعودي "أبو بكر القحطاني" بتولي منصب "شرعي الخلافة"، لكنه قرار لم يسلم بدوره من الانتقاد والرفض من قبل مؤيدي داعش على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ذكروا أن القحطاني كان قد أصدر تسجيلاً صوتياً يؤكد فيه أن زعيم تنظيم جبهة النصرة "أبو محمد الجولاني" لا يعتبر بغياً على "دولة الخلافة" لأنه لم يبايع البغدادي، معللاً ذلك بأن الجولاني التزم بأوامر أيمن الظواهري و "طاعة الظواهري واجبة" بحسب رأي القحطاني.
وبما أن التنظيم عزل البنعلي من منصبه لأنه دعا للتقارب مع النصرة وعين "القحطاني" الذي يحمل ذات الآراء حول العلاقة مع النصرة، فإن القرار يأتي ضمن سلسلة القرارات التي تعكس الصراع الكبير بين قيادات داعش في وقت يواجه فيه التنظيم تهديدات حقيقية تمس وجوده، من خلال العمليات العسكرية التي تشن ضده في سورية والعراق، وهذا الصراع ينعكس واضحاً في جملة التغييرات والتعينات التي شهدتها المناصب القيادية للتنظيم في سوريا تحديداً، حيث بدل قياداته الميدانية بدير الزور على سبيل المثال نحو سبع مرات خلال ستة أشهر فقط، كما بدل قادته في جنوب الحسكة خمس مرات خلال الأشهر الثلاث الأخيرة.

4