من أين يتزود "داعش سوريا" بالسلاح؟

من أين يتزود
الخميس ١٨ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٦:١٦ بتوقيت غرينتش

إن تنظيم داعش الإرهابي صنيعة دول الغرب وعملائهم في المنطقة، حيث فضح الخبير الإستراتيجي الأميركي وليام أنجدال الدور الإجرامي الذي لعبته أميركا في خلق عصابة داعش وتدريبها وتسليحها للقيام بالدور الذي رسمته لها بهدف خلق فوضى شاملة في منطقة الشرق الأوسط وتقطيع أوصالها وسحق هويتها تمهيداً لخلق كيانات عنصرية وطائفية متعادية تحارب بعضها البعض حتى تستنزف طاقتها وتجعل منها تابعاً لواشنطن وحلفاؤها، فأميركا تهدف من وراء عدوانها على سوريا تركيعها والتخلص من ترسانتها العسكرية وإضعاف مقدرة الجيش العربي السوري ضمن محاولات فك التحالف الاستراتيجي الذي يربط سوريا مع ايران وحزب الله ضمن مخطط يضمن لأميركا تأمين أمن الكيان الاسرائيلي.

لا شك إن هندسة الحروب، وصناعتها وإستثمارها، حرفة تمتهنها أميركا وحلفاؤها، لتصدير مخازن الأسلحة المكدسة لديها، فبعد تهيئة أجواء الفوضى والإنقسام، تزدهر صفقات الأسلحة، وكلما تتعمّق الأزمات والحروب تتضاعف مبيعات السلاح، والشاهد على ذلك انه في ظل ثورات ما يسمى بـ"الربيع العربي" تضاعفت مبيعات الأسلحة الأميركية ثلاث أضعاف عمّا كانت عليه في السابق، ولا يخفى على أحد أن صفقات الأسلحة في السنوات الأخيرة تكشف الكثير من الدلائل والحقائق المخفية، وأولى هذه الحقائق وجود خريطة "جيو تسليحية" تقسم العالم الى مناطق نفوذ وأسواق سلاح للدول الكبرى، لا ينازع فيها طرف الآخر، للك نجد أن مخازن الاسلحة الفائض لديها، تحتاج بين فترة والأخرى الى تصريف وأرباح لذلك نجد أن الراعي الأول لأغلب الأزمات والحروب في المنطقة كانت واشنطن ولا تزال حتى يومنا هذا تدعم هذه الأزمات.

بعد مرور كل هذه السنوات من الحرب على سوريا، هناك أسلحة وذخيرة كثيرة ومتطورة في حوزة تنظيم داعش الذي يستطيع من خلالها مواجهة جيوش دول عديدة، لكن التساؤلات هنا متعددة حول مصادر تلك الأسلحة وكيفية الحصول عليها، فالإجابة عن جانب من تلك التساؤلات جاءت من خلال كشف الخبراء والمحققون العسكريين بأن الأسلحة والذخيرة التى وصلت الى أيدي الجماعات المتطرفة المسلحة وأعوانها في سوريا جاءت من شرق ووسط أوروبا، وقد توصل تحقيق أجراه فريق من الصحفيين في شبكة تقارير تحقيقات البلقان (BIRN) ومشروع تقارير الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، إلى أن دول شرق أوروبا وافقت خلال السنوات الأربع الماضية على مبيعات سرية للأسلحة بأكثر من مليار يورو إلى دول بالشرق الأوسط عرف عنها أنها تمثل ممرات لتوريد السلاح إلى سوريا.

وأكد الخبراء أن تجارة السلاح بين البلقان والشرق الأوسط كانت تتم بتنسيق من وكالة المخابرات المركزية الأميركية وتركيا وذلك عبر مراكز معدة لهذا الغرض فى كل من الأردن وتركيا، وأشار التقرير إلى قيام القوات الأميركية بثلاث عمليات تحميل ونقل إنطلاقاً من موانئ البحر الأسود بحمولات قدرت بـ٤٧٠٠ طن من السلاح والذخيرة، وقد اتجهت تلك الحمولات إلى مكان ما فى البحر الأحمر وتركيا.

وأشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى أن الآلاف من الرشاشات الهجومية وقذائف مورتر وقاذفات صواريخ وأسلحة مضادة للدبابات ودبابات مستعملة تم توصيلها من خلال خط توريد جديد للتسلح من البلقان مروراً بشبه الجزيرة العربية والبلدان المجاورة لسورية ومن ثم تسليمها الى الجماعات المتطرفة والمسلحة في سورية، وعلى صعيد متصل كشفت بيانات تصدير الأسلحة، وتقارير الأمم المتحدة، إرسال الأسلحة من البوسنة، بلغاريا، كرواتيا، وجمهورية التشيك، والجبل الأسود وسلوفاكيا وصربيا ورومانيا، إذ وافقت هذه الدول على مبيعات أسلحة وذخائر بـ1.2مليار يورو لعدة دول فى المنطقة وفى مقدمتها تركيا، وهي الدول التي تعتبر أسواق الأسلحة الرئيسية لسوريا.

في سياق متصل تعتبر داعش مشروعا إستثماريا حربيا أميركيا بإمتياز حيث تستثمرها، لخلق المزيد من الانقسامات والتفتيت والفوضى، ورسم الجغرافيا السياسية وفق مصالحها النفطية، وتحقيق المزيد من صفقات السلاح، ولعل ذلك ما يعزز الرغبة الأميركية الكبيرة بإطالة عمر هذا التنظيم الى أمد غير محدود، إذ أنه بمجرد تهديد داعش للاردن والدول الخليجية، ابرمت العديد من صفقات الأسلحة الأميركية مع معظم الدول الخليجية يضاف الى ذلك، إرتفاع الطلب على الأسلحة الأميركية والمعدات والأدوات الخاصة بحماية الحدود بسبب زيادة مشاركة جيوش الشرق الأوسط في محاربة التكفيريين وأدواتهم في المنطقة، وبذلك شكلت داعش مشروعاً إستثمارياً حربياً منتجاً أدى الى تنشيط وإنعاش إنتاج ومبيعات الأسلحة الأميركية.

إنطلاقاً مما تقدم، يتضح ان مشروع الشرق الأوسط الجديد هو القالب الذي حيكت على أساسه الأحدث في المنطقة العربية ، فهناك تسريبات ظهرت للعلن تشير بأن ما بين تفاصيل الحروب والنزاعات خاصة في سورية واينما داعش والقوى المتطرفة الأخرى ثمة مستفيد أميركي لعقد صفقات الأسلحة في المنطقة، لذلك فإن الإستقرار والأمان في المنطقة نقيض سياسة اميركا ومصلحتها، الي يقوم إفتصادها على ركزتين اساسيتين، هما إنتاج السلاح وتوريده الى منطقتنا لتأجيج الصراعات والنزاعات، وسرقة ونهب ثرواتنا بكافة أشكالها، في هذا الإطار أوردت الصحيفة الأميركية تقرير"خدمة ابحاث الكونغرس" الذي كشف أن اجمالي المبيعات الأميركية من الأسلحة الى الخارج خلال السنوات الماضية بلغ 66.3 مليار دولار، أي أكثر من ثلاثة أرباع سوق السلاح العالمي، الذي بلغ قيمة تعاملاته 85.3 مليار دولار في العام 2011.

مجملاً..... إن الأميركان غير مستائين من أحداث العنف وأعمال الشغب في المنطقة وذلك لأنهم يستغلوها كوسيلة إستراتيجية للهيمنة على العالم عن طريق تقسيم كل دولة وتفتيتها، لذلك فإن ما يربط داعش وأميركا ليس كما يبدو ويعلن أميركيا وهو محاربة داعش بل هو علاقة استثمارية بامتياز ، فمصانع الأسلحة الامريكية والغربية تملك حوافز قوية للسماح بازدهار وتطوير صناعتها، ورغم علمها بأن وجهة هذه الأسلحة ستكون إلى سوريا وامتلاكها أدلة واضحة على ذلك، إلا أنها لم تتوانى عن الإستمرار في إرسالها إلى الجماعات المسلحة والقوى المتطرفة متهمة بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الانسان.

وكالة أوقات الشام الإخبارية / خيام الزعبي

106-1

كلمات دليلية :