لنقف في وجه من يبرر للتكفيريين جرائمهم

لنقف في وجه من يبرر للتكفيريين جرائمهم
الثلاثاء ٢٠ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٦:٥٤ بتوقيت غرينتش

هناك عامل مشترك بين جميع الحروب والفتن والفوضى والاضطرابات التي شهدتها منطقتنا منذ الغزو السوفيتي لافغانستان وحتى اليوم، وهو العامل “التكفيري”، الذي “سرق” “الاسلام السني” من اهله الحقيقيين، معتبرا ممارساته هي “الاسلام بعينه”، وكل من يرفض او يعارض هذه الممارسات، ضال مضل مبتدع مرتد مشرك يستوجب القتل.

“العامل التكفيري” الذي ظهر على مسرح الاحداث بقوة، لاسيما منذ الغزو السوفيني لافغانستان، وجد من يبرره ويعتبره، ليس فقط حالة طبيعية، بل حالة ضرورية تفرضها الظروف التي تمر بها البلدان العربية والاسلامية، الأمر الذي ادى الى استفحال وتمدد هذا العامل وظهوره وبشكل اكثر قوة واندفاعا في اكثر من مكان في العالمين العربي والاسلامي، حتى طبع المشهدين العربي والاسلامي بطابعه.

هناك عامل اخطر بكثير من “العامل التكفيري”، بل لولاه لما كان ل”العامل التكفيري” اي دور في حياتنا الان، وهو “عامل التبرير”، الذي كان السبب الاول والاخير في الأوضاع المزرية التي تعيشها بلداننا ومجتمعاتنا، فهناك جيش من مشايخ السلفية، وجيوش من الاعلاميين والسياسيين الممولين من بعض الدول الخليجية، تعمل ليل نهار على تبرير فظائع وافاعيل الجماعات التكفيرية، وتلميع صورتهم، واظهارهم على انهم “مجاهدو الاسلام الحقيقيين”، وحببوا بذلك للشباب الساذج سيرتهم وصورتهم، فكان ذلك سببا في التحاق الالاف من هؤلاء الشباب بهذه الجماعات.

الكارثة ان بذرة “العامل التكفيري”، التي تعتبرها السلفية اليوم هي “الاسلام الحقيقي”، زرعتها الاستخبارات الامريكية والباكستانية والسعودية في افغانستان، بهدف محاربة “الجيش السوفيتي الملحد”، واطلقت على التكفيريين اسم “المجاهدين”، وبعد مرور ثلاثة عقود، اصبح للتكفيريين “خليفة” و“دولة خلافة” و“جنود خلافة”، وكل من هو خارج هذه الدولة ولم يبايع “خلفية” التكفيريين، هو كافر مباح الدم والعرض والمال.

رغم انه بات واضحا كيف تم تأسيس “القاعدة” وطالبان والجماعات التكفيرية الاخرى، قبل اكثر من ثلاثين عاما، الا ان مشايخ السلفية، مازالت تبرر وجود هذه الجماعات، مرة لأنها تقف في وجه “الغزو السوفيتي” لافغانستان، ومرة لانها تقف في وجه” الشيعة والروافض” في باكستان، وكرة لأنها تقف في وجه “عملاء ايران في العراق”، ومرة لأنها تقف في وجه “العلويين النصيريين” في سوريا، ومرة لأنها تقف في وجه “الحوثيين الزيديين” في اليمن، ومرة لأنها تقف في وجه “المجوس والصفويين” في ايران، ومرة لأنها تقف في وجه “السنة المرتدين” في ليبيا والصومال وتونس والجزائر ونيجيريا، ومرة لأنها تقف في وجه “المسيحيين والايزديين وكل الكفره” في الدول العربية والإسلامية، فلولا وجود “اسود السنة” هؤلاء، لأصبح “اهل السنة والجماعة” في خبر كان!!، لذلك على المسلمين ان يحمدوا الله على نعمة وجود هذه “الجماعات التكفيرية”، التي تعتبر حصن الإسلام امام المخاطر التي تتهدده!!.

كل بحار الدم التي تغرق فيها المجتمعات العربية والاسلامية اليوم في البلدان المنكوبة بالجماعات التكفيرية، وكل الملايين من اللاجئين والمشردين الذين هربوا من بلدانهم وغرقوا في البحار وتاهوا في ارض الله، وكل الدمار الذي حل بديار العرب والمسلمين، وكل الصورة المشوهة التي رُسمت للاسلام والمسلمين، وكل البنى التحتية التي دُمرت، وكل الحاضر الذي ضاع، وكل المستقبل الذي تبخر، وو.. لم تُقنع بعد مشايخ السلفية والمرتزقة من الاعلاميين الممولين خليجيا، بالكف عن تبرير فظاعات التكفيريين، الذين يطفح قاموسهم بكل الحقد الذي يمكن تصوره على المسلمين، الا انه خال من اي كراهية ازاء “اسرائيل” التي تحتل اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

مؤتمر غروزني الذي حضره اكثر من 200 عالم دين تحت شعار “من هم اهل السنة والجماعة”، كان عبارة عن “لا” كبيرة، قالها “اهل السنة والجماعة” الحقيقيون، في وجه “السلفية” المبررة لجرائم “الجماعات التكفيرية” .. “لا” مدوية  من اجل مستقبل اطفالنا واجيالنا القادمة .. “لا” قوية ضد الاستهزاء بالعقل العربي والمسلم .. “لا” شجاعة في وجه من سرق اسم “اهل السنة والجماعة” .. “لا” جريئة وضعت النقاط على الحروف عندما اخرجت “السلفية التكفيرية” بشقيها “المجرم” و “التبريري” من “اهل الجماعة والسنة” ، ف”اهل السنة والجماعة” براء من كل ما اقترفته الجماعات السلفية التكفيرية منذ ظهورها المشؤوم وحتى اليوم، باسم “اهل السنة والجماعة”.
• شفقنا

208-4