حسناء محمد؛ طفلة بدرجة رئيس تحرير؟!

حسناء محمد؛ طفلة بدرجة رئيس تحرير؟!
الإثنين ٢٦ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٧:٣٨ بتوقيت غرينتش

"ميت شماس" هي إحدى القرى التابعة لمركز الجيزة في محافظة الجيزة في جمهورية مصر العربية.

حسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في ميت شماس 10383 نسمة، منهم 5343 رجل و5040 امرأة". هذا كلّ ما يقدّمه لنا موقع ويكيبيديا عن القرية المصرية. لكنّ فيها مبادرة جميلة لم يلتفت لها من أنشأ صفحتها على موقع المعلومات (التي تكون شحيحة دائماً عندما تكون مكتوبة باللغة العربية). المبادرة هي مجلّة تجمع أخبار القرية الصغيرة ويجري توزيعها مجاناً على الأهالي، فيقرأ من يعرف القراءة لنفسه وللذين لا يعرفونها. هذا وحده قد يبدو عاديّاً وغير مؤثّر، لكن ماذا لو عرفنا أنّ وراء المجلة طفلة في العاشرة من عمرها تقول إنّها صحافيّة وأنّ هدفها تغيير صورة قريتها في الإعلام: قرية غارقة في الفقر والتلوث بسبب الصرف الصحي المطل وقلة المياه.

حسناء محمّد هو اسم هذه الفتاة التي بدأت تعلّم القراءة في الكتّاب الذي أنشأه أحد شيوخ القرية، لأنّ معظم الأهالي كانوا يمتنعون عن جعل بناتهن تذهبن إلى مدارس القرى المجاورة نظراً لوجود مدرستين فقط للفتيات في ميت شماس. ما جعل نسبة تسرّب الفتيات من التعليم تصل إلى 89 في المئة. المطالَبات بإنشاء مدارس أكثر لم تلقَ استجابة من الحكومة، فكان أن أنشأ الشيخ بيومي الكتّاب.

هناك بدأ حبّ حسناء للّغة من خلال الشعر الذي كان الشيخ يلقيه، وبعد فترة بدأت تحبّ القراءة أكثر وقد وجدت تشجيعاً من أختها الكبرى سهى التي بدأت تزوّدها بالجرائد وبروايات الجيب ثمّ صارت شريكتها في حلم تأسيس المجلة، وعندما صار العدد الأوّل جاهزاً أطلعتا الشيخ بيومي عليه فشجّعهما وقرّر طباعة المجلة على حسابه.

هذا المشروع مثير لأنّه يعبّر عن رغبة أهل القرية الصغيرة في التعبير عن أنفسهم بأنفسهم، ورفض التصنيفات التي تأتي من صحافيين قد يزورون قرية ما ويخرجون منها بكلامٍ عموميّ عن فقر ونقص في الخبز ويغفلون حالات تضامن بوجه الظروف الصعبة وإهمال الحكومات. قصّة الشيخ بيومي الذي نصحته زوجته أن يستثمر معرفته في تعليم بنات قريته اللاتي ضاقت بهن سبل الحصول على التعليم بشكلٍ طبيعي، كانت لتكون أكثر أهمّية من الحديث عن فشل مشروعٍ تجميليّ كمشروع "المدينة الفاضلة" التي نوت الحكومة تطبيقه في القرية. وهي قصة نساء مبادرات ومن أجيال مختلفة: زوجة الشيخ والأخت الكبرى للصحافية الطفلة، وهذا له أهميته في تأصيل روح المبادرة، وهي مبتدأ كل شيء.

"ميت شماس دي فيها كل حاجة.. احنا عيلة واحدة.. بنكون جنب بعض في كل حاجة.. بنزرع وناكل من أرضنا، وبنحل مشاكل إهمال الدولة لينا بنفسنا"، هكذا تقول الصحافية حسناء محمّد عن قريتها.

المصدر: صحيفة السفير

109-4