نحن واميركا والغرب: "حكاية فيصل" والتعلم من الاخطاء؟

نحن واميركا والغرب:
الجمعة ٠٧ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٨:٣٨ بتوقيت غرينتش

يعتبر “قانون جاستا” الذي اقره الكونغرس الاميركي مؤخرا، وهو يسمح بمقاضاة المملكة السعودية من قبل مواطنين اميركيين تضرروا من احداث 11 ايلول(سبتمبر) 2001، تطورا خطيرا في العلاقات السعودية – الاميركية، مع ان مفعوله قد يصل الى دول اخرى.

وقد اعتبرت بعض الاوساط السياسية والدبلوماسية في بيروت: بان “قانون جاستا” ستكون له تداعيات كبيرة على الاوضاع في السعودية وفي كل المنطقة العربية والاسلامية لانه قد يؤدي الى تجميد الاموال السعودية والخليجية في البنوك الاميركية، مما يعني زيادة الضغوط على دول الخليج (الفارسي) في ظل الازمة المالية والاقتصادية التي تعانيها هذه الدول بسبب تراجع اسعار النفط او الحروب والصراعات المستمرة في المنطقة منذ عدة سنوات.

وتضيف هذه الاوساط: ان هذا القانون يمكن ان يفتح الباب امام تشكيل واقع سياسي جديد في المنطقة وهو يفتح الباب امام تداعيات عديدة سياسية وجغرافية وقد تتعرض السعودية لمزيد من الضغوط في المرحلة المقبلة من قبل الادارة الاميركية بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الاميركية.

وتذكّر المصادر بحجم الانتقادات التي وجهها الرئيس الاميركي الحالي باراك اوباما للسياسات السعودية في مقابلته الشهيرة مع مجلة اتلانتيك، وبموازة ذلك التصريحات التي يطلقها المرشح الرئاسي دونالد ترامب حول السياسات الاميركية المستقبلية تجاه السعودية ودول الخليج (الفارسي)، اضافة لاستمرار نشر الدراسات والابحاث من قبل مؤسسات اميركية وغربية ووسائل اعلام غربية عن الخطط الجديدة لتقسيم الشرق لاوسط الى دول طائفية ومذهبية.

واضافة لتوتر العلاقات السعودية – الاميركية، فان العلاقات الاميركية – الايرانية ليست على ما يرام رغم توقيع الاتفاق حول الملف النووي بين ايران والدول الكبرى قبل حوالي السنة والنصف، فالوعود والاتفاقيات لم تطبق بشكل كامل ولا تزال ايران تتعرض لحصار مالي وسياسي، وقد تحدث مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي مرارا عن نقض الاميركيين لوعودهم وضرورة الحذر من السياسات الاميركية في المنطقة.

واما على صعيد العلاقات التركية – الاميركية فقد شهدت في الاشهر الاخيرة انتكاسات كبيرة بسبب تداعيات انقلاب 15 تموز(يوليو) الماضي واتهام المسؤولين الاتراك للادارات الاميركية بدعم الانقلاب والتغطية على المسؤولين عنه والاستمرار برفض اميركا تسليم الداعية فتح الله غولن لتركيا لمحاكمته بسبب اتهامه من الحكومة التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.

كل هذه المعطيات تؤكد ان اي رهان عربي او اسلامي على السياسات الدولية الغربية او الشرقية او الاميركية ليس في محله، لان هذه الدول تعمل لتحقيق مصالحها وهي تستفيد منا لذلك وتتخلى عن حلفائها عندما تحين اللحظة المناسبة، وهناك شواهد عديدة من التاريخ ومن الحاضر كلها تؤكد ذلك.

لكنني اتذكر اليوم كتاب ”حكاية فيصل” وهو رواية تاريخية لسفير لبنان السابق في مصر الدكتور خالد زيادة (وهو يتولى اليوم ادارة المركز العربي لدراسات الابحاث والسياسات في بيروت)، وهذا الكتاب يروي حكاية الامير فيصل والعائلة الهاشمية مع بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الاولى ونقض الوعود التي اعطيت لهم مقابل الحصول على تعاونهم مع الدولتين لمحاربة الدولة العثمانية.

و“حكاية فيصل” تتكرر اليوم ايضا مع كل الدول والقوى السياسية والحزبية العربية والاسلامية التي تراهن على اميركا او روسيا او دول الغرب لاحداث التغيير او لحماية المصالح، فكل هذه الدول لها حساباتها الخاصة وهي تعمل لتحقيق هذه المصالح ومستعدة للتضحية بأي حليف او دولة او جهة تقف بوجه مصالحها مهما كانت العلاقات الاستراتيجية او السياسية التي تربط بينهما.

فهل نتعلم من التاريخ ومن “حكاية فيصل” ونعيد النظر بسياساتنا وتحالفاتنا ونوقف الحروب فيما بيننا قبل ان نستيقظ ونجد انفسنا امام وقائع جغرافية وسياسية واقتصادية جديدة لا يكون لنا فيها اي دور او موقع.

* قاسم قصير ـ شفقنا

210