العلاقات بين الكيان الصهيوني وبعض الانظمة الخليجية، تعود الى عقود طويلة، الا انها اصبحت علنية وسافرة خلال السنوات الماضية وبالتحديد مع بداية ما عُرف ب”ثورات الربيع العربي”، فهذه الانظمة، وفي مقدمتها النظام البحريني، وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع شعوبها، ولما كانت لا تملك اي جذور في الارض، ولامقبولية لدى الشعب، وجدت في “اسرائيل” طوق نجاة، يمكن ان ينقذها من شعوبها.
موقع ويكليكس اشار الى ان المخابرات البحرينية، استعانت بالموساد “الاسرائيلي”، بسبب ما تملكه “اسرائيل” من خبرات واسعة في قمع الانتقاضة الفلسطينية، ولهذا وقع اختيارها على الموساد، الا ان مثل هذا القول غير دقيق، فاذا كان قمع واخماد ثورة الشعب البحريني هو الهدف الحقيقي للمخابرات البحرينية، لكان بالامكان الاستعانة باجهزة استخبارات دول اوروبية وعلى رأسها بريطانيا وامريكا، وهي تملك خبرات واسعة في مجال قمع التظاهرات والحراك الشعبي، ومن دون ان تثار اي “ضجة” ضد النظام في البحرين، ولكن هدف الاستعانة بالموساد، هي اكبر وابعد من قمع الثورة البحرينية.
ان سبب استعانة السلطات البحرينية ب”الاسرائيليين”، يعود بالاساس الى انفصال هذه السلطات كليا عن الشعب، وعجزها عن اخماد هذه الثورة، حتى بعد تدخل القوات السعودية، فما زال الحراك الشعبي نشطا، ويعري يوميا الطابع الاستبدادي والطائفي للنظام امام العالم اجمع، لذلك وجدت السلطات البحرينية، نفسها في مفترق طرق، اما الرضوخ لمطالب الشعب واحترام حقوقه وبالتالي التنحي عن السلطة، واما الاستعانة ب”اسرائيل”، عسكريا وسياسيا وامنيا، لما ل”اسرائيل” من نفوذ في اوروبا وامريكا، يمكن يكون مصدر قوة للسلطات امام الشعب.
تصريحات المسؤولين في البحرين، وما تنشره وسائل الاعلام “الاسرائيلية” عن العلاقات بين البحرين والكيان الصهيوني، تؤكد ان العلاقات وصلت الى مديات بعيدة، كما جاء على لسان وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة الذي اعلن مراراً عن استعداده للقاء رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، لدفع “عملية السلام” في الشرق الأوسط، وكذلك ما ذكرته صحيفة هآرتس “الإسرائيلية”، عن التقارب بين البحرين و”اسرائيل”، في السنوات الأخيرة، كما ظهر خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي، وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واختيار ملك البحرين هدى عزرا اليهودية سفيرة للبحرين في أميركا بين عامي 2008 و 2013، واعطاء السلطات البحرينية شركات الطيران “لإسرائيلية” الإذن في استخدام المجال الجوي للبحرين، وتأسيس مكتب تمثيل ومكاتب تجارية “اسرائيلية” في البحرين، والسماح للسياح “الإسرائيليين” بالدخول إلى البلاد، لذا فان ما جاء في موقع ويكليكس حول تأكيدات ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على أن هناك علاقة بين المنامة وتل أبيب على المستوى الأمني، لم يكن امرا مفاجئا.
قبل ايام زار حاخامات صهيونية البحرين، والتقوا بكبار المسؤولين فيها، كما اقيمت حفلات رقض في المنامة، تحت ذرائع التجارة أو الثقافة وغيرها، وهو ما دفع علماء الدين في البحرين الى انتقاد هذه الزيارات، مؤكدين بأنها استفزاز خطير لمشاعر الشعب البحريني، و وصفوا هذا التحالف مع الاحتلال “الاسرائيلي”، بالخيانة العظمى للأمة، مؤكدين ان الأغراض المشؤومة والمفضوحة التي يقوم بها النظام لن تحول المحتل السفاح الدموي الغاصب لبلدان المسلمين الى صديق.
بدورها طالبت حركة حماس الدول العربية والإسلامية بالعمل على وقف جميع أشكال التطبيع مع الكيان “الاسرائيلي”، واكدت في بيانٍ لها إن استقبال الوفد “الإسرائيلي” في البحرين جاء في ظل تزايد وتيرة التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية ودعمِ حق الشعب الفلسطيني وتنامي حركات المقاطعة الدولية للاحتلال، وعبرت عن استغرابها واستهجانها من قيام مجموعة من الشخصيات والتجار في البحرين بالرقص مع أعضاء الوفد في مظهر وصفته بأنه مـذل وشائن.
الامر الغريب والمستغرب، هو كيف يمكن للسلطات البحرينية ان تجد الف وسيلة ووسيلة للتقارب من عدو العرب والمسلمين، ومغتصب القدس ومحتل ارض الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وتختلق الاعذار تلو الاعذار، لتبرير هذا التقارب المذل والمشين، بينما تستخدم لغة طائفية مقززة، وترفض اي حلول سياسية، وتعتمد على القوة المفرطة والمجردة، في التعامل الشعب البحريني؟.
* شفقنا
205