فيلم إثارة أمريكي عنوانه "سفاح إسطنبول"!

فيلم إثارة أمريكي عنوانه
الأربعاء ١٨ يناير ٢٠١٧ - ٠٦:٢٧ بتوقيت غرينتش

التفاصيل المثيرة جدّاً التي تكشّفت عنها ملابسات اعتقال «سفاح إسطنبول» تكاد تشعر قارئها بأنه يتابع أحد الأفلام الأمريكية التي تجمع بين التجسس والإثارة و«الأكشن» والسياسة والرعب في حيّز واحد، كما لو كان السفاح بطل أحد أفلام «المهمة: مستحيل» أو ثلاثية «جيسون بورن» الشهيرة.

العالم- الاميركيتان


يمكن أن تتضح هذه التشابهات ودلالاتها من ملاحظة إمكانيّات القاتل «الثقافية» وهو الذي قالت وسائل الإعلام إنه يتحدث الروسية والصينية والتركية والعربية والأوزبكية، لغته الأصلية (رغم أنه تلقى تعليمه في أفغانستان)، وبعد ذلك من متابعة الإحداثيات المعقّدة لعمليّته بدءاً من دخوله إلى تركيا بشكل غامض وتنقله بين عدة منازل في مناطق يكثر فيها الأجانب والعرب وصولاً إلى هجومه ليلة رأس سنة 2016 الذي تمكن فيه من تجاوز كل العقبات الأمنية وقتل 39 شخصاً وجرح عشرات آخرين ثم الاختفاء لمدة 17 يوماً بل قيام القاتل، عقب العملية، بالعودة إلى المنزل الذي كانت تسكن فيه زوجته واثنان من أبنائه واصطحابه ابنه ذا الأربع سنوات والتواري معه عن الأنظار.

إلى هذه التفاصيل غير العاديّة، توجد أبعاد جديدة ومن ذلك اختيار القاتل للاختفاء والتمويه شقّة في حيّ راق يخضع لإجراءات أمنية مشددة يدخله سكانه عبر بطاقات ممغنطة وتنتشر كاميرات المراقبة فيه ووجود شبكة من ثلاث نساء أفريقيّات (بينهن مصريّة) وعراقيّ، وهو تجمّع، إذا أضفنا القاتل الأوزبكي إليه، يقدّم «اختلاطا» بين الذكور والإناث (والجنسيّات واللغات) بشكل يكسر التنميطات التقليدية المتوقعة من خليّة يُفترض أنها تابعة لتنظيم «داعش».

إضافة إلى اللغات العديدة والتدريب العسكريّ الخاصّ الذي خضع له القاتل وطرق التمويه المتطوّرة والأموال والأسلحة التي كُشف عنها في شقته فقد قام «أبو محمد الخورساني» (أو عبد القادر ماشاربيوف) قبيل العملية بكشف جوّي لموقع الهجوم باستخدام طائرة بدون طيّار، وهو أمر يؤكّد من جديد على «احترافيّة» عالية، من جهة، وتوظيف لآخر المستجدات في عوالم التكنولوجيا ضمن ترسانة القتل الإرهابية للخورساني.

العامل الإضافي الأخير المطلوب قدّمته السلطات التركية التي عبّرت بطرق عديدة عن اعتقادها بوجود جهات «استخباراتية دولية» ساهمت أو ساعدت في تنفيذ الهجوم وهو ما يمكن قراءته من تصريح رئيس الوزراء بن علي يلدريم الذي قال إن «الأهم هو القبض على منفذ هذا الهجوم الشنيع وكشف القوى التي تقف خلفه»، وهو ما قد يعني، في السياق التركيّ الحاليّ إمكانيّة توجّه الشكوك نحو… الولايات المتحدة الأمريكية حيث يقيم الداعية الإسلاميّ الشهير فتح الله غولن، الذي اتهم بتدبير الانقلاب العسكري الأخير، مما أدى لفرض مسار سياسي غير مسبوق في تركيا وابتعاد متزايد عن أمريكا يقابله تقارب شديد مع روسيا.

كل ذلك يعيدنا إلى نقطة البداية التي تُقفل فيها الدائرة ويتلاقى فيها الخيال السينمائي الأمريكي مع الواقع الدمويّ في كافة أنحاء العالم!

المصدر: القدس العربي

106-