فشل قيادي فلسطيني جديد

فشل قيادي فلسطيني جديد
الخميس ١٩ يناير ٢٠١٧ - ٠٨:٤٨ بتوقيت غرينتش

مع بداية العام الجديد تزاحمت الأحداث الفلسطينية وتنقلت من عاصمة الى اخرى.. فمن ازمة الكهرباء والحريات العامة في غزة، الى هدم وتدمير البيوت في اراضي ال48، الى وعد ل"اسرائيل" ووعيد لفلسطين من واشنطن ترامب، مرورا بلهاية مؤتمر باريس، الى موسكو التي احتضنت حوارا فلسطينيا لا يعتقد بانه سيتجاوز فشل اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني في بيروت الذي عقد قبله بايام معدودة.

العالم - مقالات

تطورات وأحداث متباينة ومتباعدة مكانا وموضوعا، ولكن الجامع المشترك لكلها العجز والفشل القيادي الفلسطيني، وعدم احساس قيادتنا بالمسؤولية الوطنية واستخفافها بعقولنا  ومشاعرنا.

بحضور"قادة" الفصائل كافة، عقدت اللجنة التحضيرية اجتماعها الاخير في بيروت للاتفاق على عقد دورة للمجلس الوطني بتشكيله الحالي او بتشكيل جديد عبر انتخابات متفق عليها، وناقشت المخاطر والتحدّيات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية وفي مقدمتها مدينة القدس، التي من المرجح ان يعلن الرئيس الامريكي في اليوم الثاني لتوليه منصبه أو في ايار القادم تاريخ احد الاعياد اليهودية عن نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس ليزيدها تدنيسا وتهويدا، في هذه الاجواء وعلى غير العادة حضرالجميع واشاعوا التفاؤل والامل،بتصريحاتهم الاعلامية، ليتبين في اليوم التالي، ان تلك التصريحات ما كانت الا لتبرئة الذمة والذات ولتحميل مسؤولية  الفشل للطزف الآخر، حيث لم يتفقا على ما عقد الاجتماع من اجله، بل عادوا وكرروا "العلاك" الفاضي والكلام الذي قرفه شعبنا طيلة عقد من الزمن، مستخفين بنا وبعقولنا.

اعتقد البعض من الناس ان قيادتهم قد ادركت خطورة المرحلة الجديدة الناشئة عن فوز الرئيس الامريكي الجديد، وتسلمه لمهامه التي بدأها بسلسلة من الوعود للاسرائيليين والوعيد والتهديد للفلسطينيين، حيث ناشد "اسرائيل" بان تبقى قوية حتى اليوم التالي لتولي مهامه، واستلام سلطاته التي لن تكتمل الا بحضور ومباركة قادة الاستيطان الصهيوني لحفل التنصيب!، ليتولى بنفسه قيادة معارك "اسرائيل" القادمة، وتوهمت عامة الناس  بان قيادتهم  سترتقي لمستوى المرحلة وستتحد لمواجهة التحديات وبان قدسية القدس قد حركت ضمائر"القادة" ولكن شيئاً من هذا القبيل لم يحصل لا في بيروت ولا في موسكو، ولا حتى في غزة الشهيدة الشاهدة على عار وخزي هذه القيادات.

عندما اتحدث عن سقوط القيادات الفلسطينية فانني اعني واقصد القيادات التي مازالت مصرة على التشبث بمواقعها القيادية والفصائلية، رغم ادراكي للتباين والتفاوت في درجات تحمل المسؤولية، كما انني لا أعني ابدا تحميل ذلك السقوط والفشل لمبدا الحزبية والفصائلية التي اعتبرها شكلا راقيا من اشكال التطور الاجتماعي السياسي، وحتما لا اعني ولا اقصد الاعضاء الحزبيين او الحركيين وان كانوا يتحملون مسؤولية من نوع آخر أخف وطأة وان كانت اشد خطرا، فانا على قناعة تامة أن المقاومة الفلسطينية هي أشرف وانبل ما أفرزته نضالات الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية، وبان كل الذين انتسبوا اليها، وليس من اندسوا بها حتى منتصف سبعينات القرن الماضي قبل غزو وافساد البترودولار، يتميزون بالصدق والشجاعة،  وما زال كل منهم قديسا بالنسبة لي ما لم يكن قد مسه مس ما.

كان على،، القادة الذين اجتمعوا في بيروت ان ينتهزوا فرصة فجور ترامب الاكثر صهيونية من صهاينة "اسرائيل" كما يقول ويفاخر، وفرصة تزايد النفوذ الروسي في المنطقة بغض النظر عن اية ملاحظات على عمق علاقات بوتين بتل ابيب التي لن تصل لعمق العلاقات الروسية الفلسطينية التاريخية، ولا بد من النظر بايجابية واهمية للدعوة الروسية للحوار الفلسطيني على اراضيها لاستعادة الوحدة الوطنية وليس للوساطة والضغط لفرض مفاوضات مع "اسرائيل" كما هو حال وهدف مؤتمر باريس التي اشادت بنتائجه "اسرائيل" لانه أكد على العودة للمفاوضات المباشرة كما تطالب وتصر، حتى يستفرد الاسرائيلي القوي بالفلسطيني الضعيف، ولانه لم ينقل قراراته على هزالتها الى مجلس الامن الدولي.

كان عليهم ان ينتهزوا الفرصة للاعلان عن التخلص والتطهر من سياسة الذل والخنوع  للتحالف الامريكي الصهيوني والاعلان من بيروت وتاكيده في موسكو عن:
أولا: الاعلان من بيروت وموسكو استنادا  لكافة الاتفاقيات الفلسطينية السابقة عن انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، والعودة للداخل الفلسطيني للتطبيق والتنفيذ الأمين والدقيق للاتفاقيات الموقعة.

ثانيا: كان عليهم الاتفاق والاعلان عن موعد وآليات انعقاد دورة المجلس الوطني باي تشكيل قديم ام جديد، ما دام الاتفاق والتوافق على النقطة الاولى قدحصل. والذي سيشمل وبالضرورة المراجعة السياسية للمسيرة السابقة، والتاكيد على حق والتزام المجلس بانتخاب لجنته التنفيذية ومجلسه المركزي انتخابا ديمقراطيا وليس بالتوافق والتصفيق.
ثالثا: كان عليهم توجيه رسالة فلسطينية واضحة وحاسمة للرئيس الامريكي الجديد بان لنقل السفارة الامريكية للقدس معان ودلالات بالغة الخطورة نعرف ابعادها جيدا وهذا خط فلسطيني أحمر ممهور بدم الشهيد قنبر وكافة الشهداء. وبان لنا نحن الفلسطينيين كامل الحق ومطلق الحرية في ان نعيد النظر بكافة الالتزامات التي التزمنا بها مقابل التزامات لم تلتزم بها "اسرائيل".

رابعا: الاعلان عن ان اليوم التالي لنقل السفارة للقدس سيكون يوما للإعلان عن حل السلطة الفلسطينية حيث لن يعود لوجودها اي مبرر في ظل السياسة الامريكية الجديدة، وأقول للفلسطينيين المعارضين لهذه الفكرة منذ سنوات، ان هذا لم يعد خيارا بل ضرورة ستفرضها السياسة الامريكية.

خامسا: التاكيد لموسكو والعالم اجمع باننا سنبقى دعاة حل يقوم على الحق والعدل بلا صهيونية وبلا عنصرية.. حل تفرضه وترعاه الامم المتحدة بقوانينها الديمقراطية العصرية، وباننا نتطلع لدور روسي ريادي بهذا الصدد، وللحديث عن هذا الحل ان كان من خلال حل الدولتين الذي شبع موتا، ام عبر حل الدولة الديمقراطية الواحدة مكان آخر....
سادسا: كان عليهم وما زال مطلوبا منهم الاعتذار للشعب الفلسطيني والكف عن سياسة بيع الاوهام والتضليل المعتمدة منذ سنوات طوال، وآخرها القول حديثا بان العام الحالي 2017 م سيكون عام الحرية واقامة الدولة المزعومة.

قد لا يتم نقل السفارة بالشكل التقليدي،ولكن اليقين ان ما ستشهده العلاقات الامريكية الاسرائيلية وما سينتج عنها من غطرسة اسرائيلية لن يجاريها ولن يتعايش معها الا الخونة فقط ، فلنرتب اوراقنا ولنستعد على هذا الاساس. فهل من مجيب؟!

صابر عارف – رأي اليوم