لماذا تشكل دير الزور أولوية بالنسبة للجيش السوري؟

لماذا تشكل دير الزور أولوية بالنسبة للجيش السوري؟
الخميس ٠٩ فبراير ٢٠١٧ - ٠٥:٥١ بتوقيت غرينتش

رغم التقدم الذي يحققه الجيش السوري وحلفائه في الميدان، خصوصاً الإنجازات الأخيرة في ريف حمص الشرقي، لايزال تنظيم داعش الارهابي يتمتع بهامش من المناورة الميدانية، في أحيان معينة أو في أمكنة معينة ، وهذا ما ظهر منذ فترة في سيطرته الصاعقة على مدينة تدمر، ومحاولة سيطرته على نقاط حساسة في مدينة دير الزور، ليس أقلها محاولة فصل المطار عن أماكن سيطرة الجيش العربي السوري في أحياء المدينة.

العالم ـ مقالات وتحليلات

مبدئيا، لم تنته بعد فصول مشروع تقسيم المنطقة أو تفتيتها، هذا المشروع المفتوح دائماً والذي بدأ يتبلور عملياً في سورية، أولاً من خلال الدعم الأميركي للأكراد بإنشاء "كوريدور" كردي في المنطقة الشمالية- الشرقية والذي يعرف اليوم بالإدارة الذاتية الديمقراطية في غرب كردستان، وثانياً ما بدأ يظهر من خيوط كانت خفية في هذا المشروع، وذلك من خلال محاولة إعادة تكريس معادلة "شرق نهر الفرات وغربه"، ولهذه الغاية شن تنظيم "داعش" هجوماً كبيراً على مطار دير الزور العسكري والمناطق المحيطة به، لإزالة آخر معالم وجود السيادة السورية عن محافظة دير الزور بأكملها، ثم إخراج الدولة السورية من المنطقة الشرقية، ومعها النفوذ الروسي في شكل نهائي، ليصبح على تماس مباشر مع المشروع المتناقض كلياً مع التوجه الروسي في المنطقة.

وفي التفاصيل الميدانية، فقد تمثلت عملية التنظيم الإرهابي الأخيرة من خلال تنفيذه عدة هجمات على مواقع جديدة قرب المطار المذكور، سعياً إلى عزل أحياء المدينة التى يسيطر عليها الجيش السوري عن المطار، بحسب مصادر متابعة.

واللافت أن هذا الهجوم الداعشي تم من خلال حشود ضخمة، استطاع التنظيم تحضيرها وسحبها بطريقة سلسة وسهلة دون أية صعوبات أو ضغوطات جوية، وحيث أن هذه الصعوبات كان من المفترض أن تكون موجودة في ظل الحرب التي تشن ضده من قبل تحالف دولي بقيادة أميركية، تحالف يمسك كافة أجواء شرق سوريا وغرب العراق على الأقل، فقد استطاع التنظيم تنفيذ حشد كامل لوحداته من مواقع مختلفة في تدمر والرقة وأرياف دير الزور وأماكن تواجده في البو كمال وغيرها على الحدود العراقية السورية على ضفاف الفرات.

هذا الدعم الأميركي الخفي، والذي تمثل على الأقل في غض النظر عن حشود التنظيم، هو بالحقيقة ما يمثل النقطة الرابحة للتنظيم والتي كان دائماً يستفيد منها في كامل معارك سيطرته في العراق أو في سوريا، وحيث ان الكونتون الكردي لا يؤّمن التوزان المطلوب أميركيا في مواجهة "النفوذ الإيراني" المتصاعد في العراق، خاصة في ظل تقهقر داعش على حساب الجيش العراقي وعلى حساب وحدات الحشد الشعبي التي فرضت نفسها عنصراً فاعلاً وأساسياً في المعادلة العراقية والشرق أوسطية، فإن الولايات المتحدة تنظر بعين التخطيط والتصميم إلى محاولة فرض واقع ميداني مختلف في مناطق دير الزور، يشكل حاجزاً يفصل الترابط العراقي السوري المدعوم إيرانيا.

وأخيراً... يبقى لصمود الجيش العربي السوري ووحدات الدفاع الوطني في دير الزور دوراً أساسياً ومحورياً في مواجهة التنظيم الإرهابي أولاً، وفي إفشال ما يتم التخطيط له أميركياً وإقليمياً ثانياً، ويبقى أيضاً للوحدات الجوية الروسية دور مهم في تثبيت هذا الصمود في دير الزور، وفي حماية ما يشكله مطار دير الزور وإحياء المدينة كقاعدة قوية، تشكل مستقبلاً نقطة انطلاق واسعة لاستعادة الجيش العربي السوري سيطرته على أكبر مساحة ممكنة من الشرق السوري في دير الزور وامتداداً إلى الحدود العراقية في القائم، ومنها التأسيس لتحرير كامل الشرق السوري وإعادة التوازن إلى خارطة سوريا بالكامل.

لذا توسع القوات السورية من إنتشارها في ريف حمص الشرقي للوصول إلى منطقة السخنة لقطع الطريق بين الرقة ودير الزور حيث الوجود الكبير لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا، بحسب المصادر المذكورة أعلاه.

وترى أن استعادة "الدير" هي أولوية عن الرقة راهناً، بسبب وجود الجيش فيها، ولأن مطارها تحت سلطة الدولة، بينما الأولى هي تحت الهيمنة الداعيشة بالكامل.

* حسان الحسن ـ الثبات

104-4