رياضيات الحُب.. كيف تجد شريك الحياة المثالي بمُعادلة رياضية

رياضيات الحُب.. كيف تجد شريك الحياة المثالي بمُعادلة رياضية
السبت ١١ مارس ٢٠١٧ - ٠٧:٥٧ بتوقيت غرينتش

في كتابها «رياضيات الحب – The Mathematics of Love: Patterns, Proofs, and the Search for the Ultimate Equation » والذي اقتبس موقع TED نصًا منه، تحدثت عالمة الرياضيات بجامعة لندن، هانا فراي، عن كيفية العثور على شريك الحياة المناسب بمساعدة الرياضيات، وقدمت نصائح تزيد من فرص نجاحك في العثور على الشريك المثالي.

العالم - منوعات
تقول فراي إنَّه عندما يتعلق الأمر بالحب، فاتخاذ القرارات بعيدة المدى هو أمر مهم وخطِر للغاية. الكثير منّا يتركون أصدقاءهم في المرحلة الجامعية ليختاروا شريكًا آخر من أجل الاستقرار مدى الحياة، لكن كيف نعلم أننا قمنا بالاختيار الصحيح؟ إن الأمر بمثابة توازن دقيق بين امتلاك الصبر حتى العثور علىالشخص المناسب، واغتنام الفرصة قبل أن يضيع هذا الشخص.

إذا لم تقرر أن تستقر طوال حياتك، فسيأتي عليك وقت في النهاية تَعدّ فيه قائمة بشركاء حياتك المحتملين، وستفكر كم كان كل منهم مناسبًا لأن يكون شريك حياتك الفعلي. هذه القائمة ستكون بلا فائدة حينها، لكنها كانت من الممكن أن تجعل مهمتك أسهل كثيرًا إذا ما كانت لديك في وقت سابق. لذلك يظل السؤال الأهم «كيف يمكنك اختيار الشخص الأنسب من قائمتك التخيلية لتستقر معه قبل فوات الأوان؟».

افترضت فراي قواعد لاختيار شريكك لتسهيل الأمر، وهم:

– بمجرد أن تقرر أن تستقر، لا يمكنك أن تنظر فيما بعد في الشركاء الذين كانوا من الممكن أن يكونوا في قائمتك.

– بمجرد رفضك شخصًا ما، لا يمكنك التراجع وتغيير رأيك في وقت لاحق.

وهذه هي التجربة التي مرت بها الكاتبة نفسها، إذ إن الناس يرفضون أن يتم اللجوء إليهم مجددًا بعد رفضهم، لأن شريكهم لم يجد شخصًا أفضل.

 الرياضيات تقدم الحل

عند دراسة الأمر تحت هذه القواعد، فإن الرياضيات تقدم استراتيجية لإيجاد شريك الحياة تعرف بنظرية التوقف الأمثل. طبقًا لهذه النظرية، فإن عليك أن تقضي بعض الوقت في سن مبكرة لاختيار شركاء حياة محتملين، وتظل ترفض كل هؤلاء حتى تتكون لديك خبرة في كيفية الاختيار. بعد مرور هذه المرحلة، فإن عليك اختيار أول شخص تقابله ويكون أفضل ممن مررت بهم من قبل، بحسب ما ذكرته الكاتبة.

تبين نظرية التوقف الأمثل احتمالية توقفك واستقرارك مع الشخص الأفضل (P)، بناء على عدد الشركاء المحتملين (n) الذين ترفضهم (r) باستخدام الصيغة الرياضية التالية:

 

 

يمكن لهذه المعادلة الرياضية أن تخبرك عدد الأشخاص الذين يجب عليك رفضهم لتحصل على أفضل فرصة للحصول على الشريك الأمثل. تقول الكاتبة إنك إذا كنت ستقابل عشرين شخصًا في حياتك، فإن الاحتمال الأعلى لتجد الشريك الأمثل يتحقق عندما ترفض أول ثمانية شركاء محتملين، وسيكون احتمال إيجاد الشريك الأمثل حينها 38.42%. وإذا كان مقدرًا لك أن تقابل عددًا لا نهائيًا من الشركاء المحتملين، فإن عليك أن ترفض أول 37 بالمئة منهم، وحينها سيتخطى احتمال عثورك على الشريك الأمثل واحدًا لكل ثلاثة.

تقول الكاتبة إنك إذا لم تتبع هذه الاستراتيجية وقررت أن تختار شريكك بشخص عشوائي، فإن احتمال عثورك على الشريك المثالي سيكون (1/n) فقط. على سبيل المثال، إذا ما كان مقدرًا لك أن تقابل 20 شريكًا محتملًا طوال حياتك، فإن الاحتمال سيكون خمسة بالمئة فقط، ولكن باتباع هذه الاستراتيجية يمكن أن تزداد فرصك إلى 38.42 بالمئة.

بالطبع توجد عيوب في هذه الاستراتيجية، لأنك من المستحيل أن تعرف كم من شركاء الحياة ستقع في حبهم، كما أنه من المستحيل أن تقع في حب عدد لا نهائي من الأشخاص.

نموذج أكثر واقعية

لحسن الحظ، توجد نسخة ثانية من هذه الاستراتيجية أكثر واقعية، وتعطي نتائج مذهلة كذلك. تتطلب هذه الاستراتيجية منك فقط معرفة المدة التي ستقضيها في البحث عن شريك حياتك. في هذه الحالة فإن نسبة 37% تنطبق على الوقت بدلًا من عدد الأشخاص.

على سبيل المثال، إذا بدأت البحث عن شريك حياتك وأنت في الخامسة عشرة، وتخطط للاستقرار في عامك الأربعين، فإنك يجب عليك رفض كل الشركاء المحتملين في أول 37% من هذه الفترة – أي بعد إتمامك عامك الرابع والعشرين -، وستكون هذه الفترة بمثابة خبرة لك للفترة التي تليها. على الرغم من أن اتّباع هذه الاستراتيجية سيجعلك تحصل على فرصة أفضل في العثور على شريكك المثالي، فإن هذه الاستراتيجية أيضًا لها عيوب.

تخيل أنك خلال فترة الـ37 بالمئة وجدت شريك حياتك المثالي، لن تعلم أكان هو الأفضل بين قائمة شركائك المحتملين أم لا، وربما تضطر لتركه. تخيل أنك استمررتَ في الرفض طوال فترة الـ37 بالمئة، ثم كان أول شخص في الفترة التالية أفضل قليلًا من سابقيه لكنه لا يزال غير مناسب. وفقًا للرياضيات فأنت مضطر للزواج منه، بالرغم من أنه لا يحقق طموحاتك.

بحسب الكاتبة، فإن هذه الاستراتيجية لا تقتصر على اختيار شريك حياتك فحسب، وإنما يمكن اتباعها في مواقف أخرى حيث تبحث عن شيء ما وتريد معرفة الوقت الأمثل للتوقف عن البحث. على سبيل المثال، إذا كان أمامك ثلاثة شهور لتبحث عن بيت لك، فيجب عليك ألا تختار أي بيت خلال أول شهر ثم تبدأ في الاختيار في الشهر الثاني، وكذلك الأمر إذا كنت تريد تعيين موظف في شركتك.

كيف يمكنك زيادة فرصك في النجاح؟

في الواقع، يفضل الكثيرون منّا شريكًا «جيدًا» إذا لم يكن الشريك المثالي متوفرًا. على سبيل المثال، قد تكون سعيدًا إذا حصلت على شريك من بين أفضل 5% إلى 15% من شركائك المحتملين بدلًا من الاستمرار في الرفض بحثًا عن الشريك الأمثل. تقدّم الرياضيات نموذجًا لذلك يسمّى بمحاكاة مونت كارلو. والفكرة وراء استخدام محاكاة مونت كارلو لاختيار شريكك، هي تطبيق مجموعة من الخوارزميات التي تسمح لك بمحاكاة فترات مختلفة من عمرك مع ظهور عدد من الشركاء المحتملين بشكل عشوائي، وعلى مستويات مختلفة من التوافق. يمكن للبرنامج أن يعطيك النتائج المحتملة لكل فترة مع تغيير فترة الرفض، ومن خلاله يمكنك استنتاج ما إذا كانت الاستراتيجية ناجحة أم لا.

على سبيل المثال، إذا قمت بتكرار هذه المحاكاة باستخدام فترات رفض مختلفة مع كل واحد من معايير النجاح – الشريك الأفضل فقط، أو شريك بين أفضل 5%، أو شريك بين أفضل 15% – فإنك ستحصل على الرسم البياني التالي:

 

 

يمثل الخط الأحمر المشكلة الأساسية التي تم شرحها آنفًا، ويتضح من الرسم أن أفضل النتائج تأتي مع فترة رفض 37% مثلما تنبأت الرياضيات.

لكن إذا وضعنا معايير أسهل، مثل العثور على شريك من بين أفضل 5% من شركاء الحياة المحتملين، كما هو موضح بالخط الأصفر، فإن أفضل فرصة للنجاح تأتي إذا كانت فترة الرفض 22% من إجمالي فترة البحث. باستخدام هذه الاستراتيجية، ستكون احتمالية حصولك على الشريك المثالي 57%.

أما إذا أردت العثور على شريك من بين أفضل 15% من شركاء الحياة المحتملين، كما هو موضّح بالخط الأزرق، فإن فترة الاستكشاف والرفض ستستمر 19% فقط من فترة البحث الإجمالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمالية نجاح هذه الاستراتيجية تصل إلى 78% وهي نسبة آمنة بشكل كبير.

وفي نهاية المقال، أشارت فراي إلى أن هذه الاستراتيجيات والأفكار ليست مثالية، لكنها تقدم بعض الأفكار التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع، وهذه هي وظيفة الرياضيات، إذ تساعد في كشف بعض الأنماط والعلاقات التي من دونها لأصبح الأمر فوضويًا إذا ما تم التعامل معه بالعاطفة وحدها. 

المصدر : الديار

109-1