مصر وأعداء سوريا!

مصر وأعداء سوريا!
الأحد ١٦ أبريل ٢٠١٧ - ٠٨:٢٣ بتوقيت غرينتش

في معرض التفكير في موافقة مندوب مصر في مجلس الأمن على مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا طلباً بتجريم سوريا بحجة أنها استخدمت قنابل كيماوية في خان شيخون. رغم عدم وجود أدلة ثبوتية على ذلك من لجنة تحقيق عادلة ونزيهة وعلمية، لم تشكل!.

العالم - مصر

ليست مقاربة هذه المسألة بسيطة كون الإعداد للهجوم الإمبريالي الحالي من أجل معاقبة الدول العربية التي اشتركت في حرب تشرين 1973 ومصر في مقدمها، بدأ كما هو معروف في سنوات 1990 أي بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية. بمعنى آخر أن مصر نفسها تتلقى العقاب بما تفعله سلطات الحكم فيها.

أنا لست هنا بصدد تناول موضوع الصراع العربي ـ الإسرائيلي بعد حرب تشرين 1973  بمجمله، أي تحولات هذا الصراع التي اتاحتها هذه الحرب أو بكلام أدق الكوارث السياسية التي نتجت منها وصولاً إلى الانهيارات التي أصابت دولاً هي في الواقع مداميك العروبة ! ولكن ما يهمني في هذا البحث هو مقاربة الموقف المصري في مجلس الأمن الدولي والبحث عن تفسير لأنني لم أجد له مبررات مقنعة؟.

أعتقد في هذا السياق وحتى نختصر فصول الحكاية، انه يحسن التذكير أولاً بسنوات «شرم الشيخ» المصرية، أي ما قبل سنوات «الثورة» و«الربيع». كان المرء يحسب آنذاك أن عاصمة  الدولة انتقلت من القاهرة وأضحت في منتجع شرم الشيخ. فإلى هذه المحلة كان زعماء المستعمرين الإسرائيليين يقومون طوال هذه السنوات بزيارات مكوكية، وإليها كان يتوافد أمراء آل سعود وغيرهم من أمراء العائلات الخليجية الحاكمة. ومن المرجح أنه تشكل فيها نادي دول الاعتدال العربي الذي ما لبث أن تحول إلى نادي دول التطبيع. في شرم الشيخ أيضاً كانت تعقد المؤتمرات الدولية ضد  الإرهاب بحسب المفهوم الإسرائيلي ـ الأميركي لهذا المصطلح طبعاً، فالإرهاب مرادف للتصدي لمقاومة المستعمرين الإسرائيليين والاعتراض على تمدد الهيمنة الأميركية. خذ إليك مثلاً على هذا، المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة إسرائيلية (تسيبي ليفني) بالاشتراك مع وزير مصري (أحمد ابو الغيط)، صار أميناً لجامعة الدول العربية، عشية حرب إسرائيلية همجية على قطاع غزة (2008).

في الفصل الثاني من الحكاية يظهر شخص اسمه محمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية لحظر السلاح النووي الذي منح جائزة نوبل للسلام، كمثل اليمنية توكل كرمان، أيقونة الثورة اليمنية، وكمثل  القبعات البيض في سوريا رغم أن تقارير عديدة تشير إلى ارتباطهم بجبهة النصرة ـ القاعدة في سوريا. لزم لجان التحقيق والتفتيش عن السلاح في العراق ما يقارب عشر سنوات، على حساب الخزينة العراقية طبعاً، بانتظار اهتراء العراق من الرأس إلى الأطراف حتى طفح العفن.

في الفصل الثالث من الحكاية وفي إطار التفكر في حيثيات الموقف المصري في مجلس الأمن  إلى جانب أعداء سوريا، خدمة لهؤلاء الأعداء، إذ كيف ننسى أن الجيشين المصري والسوري حاربا معاً في حزيران 67 وفي تشرين 1973، في الفصل الثالث إذاً، أوكل على الأرجح إلى آل سعود مهمة إطلاق مبادرة تحت عنوان « حوار الأديان « اتضح في ما بعد أن الحوار لم يجر في الحقيقة بين الأديان وتحديداً بين رجال دين يهود ومسلمين وإنما الغاية كانت التطيبيع بين الديانة الإسلامية من جهة ممثلة بشيخ الأزهر الشيخ طنطاوي وبين دولة المستعمرين الإسرائيليين من جهة ثانية ممثلة بأحد زعمائها ومؤسسيها شيمون بيريز، فهذا السفاح حضر مؤتمر «حوار الأديان»! كان يمثل دولة المستعمرين الإسرائيليين وليس اليهود !.

الفصل الرابع أو العودة الى القاهرة. أفادت الأخبار عن سقوط  طائرة مصرية كانت تقل عدداً من الضباط المصريين كانوا في الولايات المتحدة الأميركية، وفد أو دورة دراسية علم ربك ! تناهى أيضاً أن شاباً (خالد السعيد) اختطفته عناصر من الشرطة، وجد في اليوم التالي جثة عليها آثار تعذيب، عند عتبة منزل ذويه. فجأة اشتعل حريق في الشارع التونسي توازياً مع انقلاب عسكري أجبر  الرئيس التونسي بن علي، على التنحي واللجوء إلى المملكة السعودية. أسلم العسكر مقاليد السلطة في تونس إلى حركة النهضة، الفرع التونسي لتنظيم الأخوان المسلمين الدولي. لم يمض وقت طويل قبل أن تصل الشرارة إلى القاهرة والإسكندرية، حيث امتلأ ميدان التحرير بالجماهير الشعبية تحت  رقابة الجيش وإمامة الشيخ القرضاوي المعروف أنه شيخ الأخوان، الذي حضر من دولة قطر ليؤم المصلين في الميدان.

وأخيراً تنحى الرئيس مبارك وتوفي نائبه اللواء عمر سليمان في ظروف غامضة، فآلت السلطة في مصر كما حدث في تونس إلى الإخوان المسلمين وإلى الجيش.

الفصل الخامس : ظهرت أثناء حكم الأخوان المسلمين في مصر معطيات واضحة سلطت الضوء على السيرورة التي سميت «الربيع العربي»، إذ تكشفت الحقيقة عن مسرحية يؤدي الأدوار فيها أربعة لاعبين هم أميركا والأخوان المسلمين وتركيا والجيش. أغلب الظن أن الأمور استشكلت  في السلطة، خصوصاً في مصر حول مسألة التبعية لتركيا التي يقودها حزب العدالة وهو فرع من  فروع تنظيم الأخوان المسلمين، بذهنية «عثمانية» صرفة.

ألرأي عندي أن الجيش المصري نجح في إقناع الولايات المتحدة الأميركية بقبول صفقة  تقضي بإقصاء الأخوان المسلمين والعثمانيين الجدد من السلطة في مصر، خوفاً من الثورة، مقابل الالتزام بالخطة الأميركية ـ الإســرائيلية في «الشرق الأوسط» ولكن بالتنسيق مع السعودية بدل تركيا العثمانية !.

يجدر التذكير أخيراً في السياق نفسه، أن مصر امتنعت عندما كان الفتور يشــوب علاقــتها بالممــلكة السعودية، عن تأييد قرار في مجلس الأمن في موضــوع مدينــة حــلب، يطالب بتجريم سوريا، و لكنها وافقت على تجريم ســوريا في موضوع «خان شيخون» لأن المياه عادت إلى مجاريها بينها وبين المملكة. أما اليمنيون فليفترسهم الوحش الأميركي!.

ثريا عاصي - الديار

2-4