لماذا هدّد الرئيس الأسد بالدعم "البرّي" الروسي؟

لماذا هدّد الرئيس الأسد بالدعم
السبت ٢٢ أبريل ٢٠١٧ - ٠٥:١٠ بتوقيت غرينتش

لم تكن عبارة الرئيس السوري بشار الأسد، في حواره مع "سبوتينك" الروسية حول المشاركة الروسية في الحرب ضد إرهاب ميليشيات ، من "النوع العادي"، بل تشكل بوضوح نوعاً من "التهديد" عالي المستوى ضد داعمي تلك الميليشيات، خاصة الغرب الاستعماري.

العالم - مقالات وتحليلات

الأسد قال أن الجيش السوري قادر على صدّ أي هجوم إرهابي حتى الآن، بمساعدة روسية وإيرانية تتمثل بدعم جوي وصاروخي واستشاري، ولا تتضمن مشاركة برية من قوات روسية أو إيرانية في المعارك على الأرض. لكنه استغل الفرصة ليعلن بكل وضوح: "ربما في المستقبل، إذا غيّر أعداؤنا وداعموهم وإرهابيّوهم ووكلاؤهم استراتيجيتهم، وأحضروا المزيد من الإرهابيين من سائر أنحاء العالم، وبات هناك جيوش كاملة من الإرهابيين، قد يصبح هناك حاجة (لمشاركة قوات برية روسية، أو روسية وإيرانية)".

فمنذ بداية الحرب قبل 6 سنوات ونيف، لم تصدر عن مسؤول سوري كلمات كهذه، خاصة: لم تصدر عن الرئيس السوري.لا يمكن بحال من الأحوال تفسير هذا التصريح الاستثنائي على أنه "تشكيك" بقدرة الجيش، أو تخوّف من تراجعه في الحرب، أو ما شابه مما ذهب إليه بعض الإعلام الإرهابي ومحللوه، فربط هذا الاحتمال بـ"في المستقبل"، وبـ"إذا" الشرطية، واضحين أيضاً وضوحاً تاماً.

لكنه يشكل "تهديداً" صريحاً ومباشراً للأنظمة الإرهابية نفسها، من واشنطن وباريس، حتى الرياض وأنقرة، تهديداً يقول أن الخط الأحمر السوري حول مشاركة قوات برية من دول صديقة في الحرب ضد ثورة الأخونج وأسيادها قد يلغى إن قرر أولئك أن يغيّروا "قواعد الاشتباك" السارية حتى الآن، على الأقلّ السارية بشكل "رسمي" ومباشر.يأتي هذا التهديد إثر تطورات ملموسة في الحرب "الصهيوإخونجية" ضد سوريا، فالهجوم الإرهابي الأمريكي ضد قاعدة "الشعيرات" شكّل نقلة نوعية جديدة، وإن كان البعض اعتبرها نوعاً من "مسرحية" لتخفيف الضغط على الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والحديث عن زيادة مشاركة المرتزقة الأمريكان إلى جانب الانفصاليين الأكراد في معركة الرقة المرتقبة يتصاعد.

كما أن العثمانيين المرتزقة يحتلون بعض الأراضي شمال سورية، وجنوباً تصاعد بشدّة الحديث عن "معركة مرتقبة" يشارك فيها الأمريكان مباشرة لدعم الإرهابيين السوريين، إضافة إلى مشاركة مباشرة محتملة من عمّان والرياض.

قد يظن البعض بأن مثل هذا التهديد "أجوف"، خاصة مع تجربة الاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان، لكن الحال قد تغيّر جذرياً منذ ذلك الوقت، فلدى روسيا الاتحادية اليوم خبرات ميدانية عالية المستوى لم تكتسب فقط في "التدريب"، بل أيضاً في حرب الشيشان التي كانت أيضاً ضد مرتزقة الإسلام السياسي، وأسلحته المختلفة (ضمناً تلك المتعلقة بحرب العصابات) تطورت بشكل مشهود به.

كما أن الاعتبارات "السياسية" الروسية لمثل هذ المشاركة، مختلفة جذرياً عما كانت عليه في أفغانستان، فهنا يجري الدفاع بوضوح عن عالم أقل إرهاباً وإجراماً لم يوفر أحداً حتى داعميه، ويجري العمل على "قواعد" لنظام عالمي أقل تحيّزاً لصالح الغرب الاستعماري، وأكثر عدالة لشعوب العالم المختلفة.ربما يجب إضافة اعتبار آخر "جديد" هو الإعلام، فروسيا اليوم ليست "الشيطان الشيوعي" ولم تعد تلك المختبئة خلف "ستار حديدي" بل هي دولة ناشطة إعلامياً على مستوى العالم، إلى حدّ أن الغرب تحدث كثيراً في السنوات الأخيرة عن أهمية هذا الإعلام ونجاحه في الترويج لسياسات ورؤية روسيا، حتى داخل الدول الغربية نفسها.هكذا، ربما يكون التهديد النوعي السوري "رفيع المستوى" رسالة مفيدة في الحرب ضد إرهاب رفع راية الإسلام السياسي، وأكد أنه يريد إقامة "حظيرة دينية" مسالمة للصهاينة، وخادمة للغرب، ومسيطرة على الشعب، حظيرة يعرف الغرب اليوم، كما عرف الشعب السوري دائماً، أنها لن تكون سوى "قاعدة" لإرهاب عالمي لن يوفر أحدا حتى نفسه!

* بسام القاضي/ وكالة انباء اسيا

106-3