ويبقى الإرهاب لا دين له

ويبقى الإرهاب لا دين له
الثلاثاء ٢٥ أبريل ٢٠١٧ - ٠٦:٥٦ بتوقيت غرينتش

منذ ايام ظهر شاب في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، معرفا عن نفسه بأنه حسان ابوحمزة من مدينة الرقة في سوريا، بايع تنظيم القاعدة في عام 2003 وقاتل معه في العراق وسوريا، الا انه اليوم اعتنق المسيحية، بسبب الكراهية التي “زرعها الاسلام في قلبه ضد الاخرين”!!.

العالم - مقالات

المدعو ابو حمزة قال في مقطع الفيديو ايضا، انه كان يعتقد ان المسيحيين ارهابيون, وان الدين المسيحي ينص على ما تقوم به امريكا وحلفاؤها في العالم من قتل وغزو وتدمير، وان ما تقوم به امريكا هو تطبيق لتعاليم السيد المسيح، وانه لم يقرأ الإنجيل ابدا.

نشر ابو حمزة صورا أثناء عملية تعميده من قبل عدد من رجال الدين المسيحيين في دير الانبا انطونيوس في ولاية فرنكفورت بالمانيا، واختار لنفسه اسم القديس بولس.

هناك بعض النقاط التي تضمنها الخبر سنمر عليها سريعا من اجل القاء بعض الضوء على ماجاء في حكاية التكفيري ابوحمزة بالرغم من اننا لا نؤكد ولا ننفي حقيقة هذه الحكاية، وخاصة ان المدعو كان يشغل منصبا قياديا في “جبهة النصرة” (القاعدة) وهو منصب “القاضي الشرعي”.

اولا وقبل كل شيء يجب التأكيد على ان الإرهاب لا دين له، وان الإرهابيين لا دين لهم، فلا يوجد دين الهي يمكن ان يأمر او يسوغ او يبرر الجرائم الوحشية التي قامت بها القاعدة و“داعش” وباقي الجماعات التكفيرية الأخرى في العراق وسوريا وليبيا واليمن وافغانستان وباكستان والصومال وفي كل انحاء العالم، كالقتل والحرق والاغراق والذبح والتمثيل بالضحايا والتهجير والتفجير وسبي النساء والاطفال.

العقيدة التكفيرية في حال هيمنت على عقل انسان ما ستخرجه من ادميته وانسانيته، وتحوله الى كائن مسخ، تتصاغر امامه وحشيته وحشية الوحوش الكاسرة، فهذه العقيدة ستدفع بمعتنقها الى اشباع احط النوازع الشريرة التي يمكن تصورها في الانسان، وبعد ان يصل التكفيري الى حد الاشباع، عندها اما سيُنهي حياته بالانتحار بطريقة ما، او “يكفر” ليس بعقيدته التكفيرية فحسب بل بالاسلام بشكل عام، كما حصل للمدعو ابوحمزة.

من خلال كلام ابوحمزة يمكن الاستنتاج وبشكل سريع انه شخص ساذج وبسيط، ولابد ان يكون كذلك، فلولا بساطته وسذاجته لما اعتنق العقيدة التكفيرية، فهو اختار المسيحية دينا، كما يقول، بعد ان تبين له ان ما تفعله امريكا من عدوان على الشعوب الاخرى ليس هو الدين المسيحي، لذلك فالمسيحية براء مما يفعله الامريكيون من ظلم وعدوان ونهب وسلب بحق الشعوب.

التكفيري ابو حمزة فصل بين المسيحية وما تقوم به امريكا من ظلم بحق الشعوب الاخرى، وهذا الفصل صحيح، وليس هناك من عاقل في العالم يمكن ان ينسب القتل والظلم والعدوان والنهب والسلب، الذي مارسته امريكا والغرب بشكل عام ضد العرب والمسلمين وباقي الشعوب الاخرى، الى الدين المسيحي، فالمسيحية ظُلمت كما ظُلمت الشعوب الاخرى من قبل الاستعمار الغربي وامريكا، ومن الخطا الفاحش الربط بين الاستعمار الغربي وبين المسيحية.
هناك امر في غاية الأهمية فات التكفيري ابوحمزة وهو يبرر انتقاله من التكفير الى المسيحية، اما لجهل مطبق يعاني منه، كما هو واضح، او ان الجهة التي تقف وراء الحكاية برمتها ارادت ذلك، كما هو اوضح، فاذا كانت المسيحية براء من قتل الملايين من البشر، ومن استخدام السلاح النووي، ومن زرع “اسرائيل” في الجسد الاسلامي، ومن استعمار الشعوب ونهب وثرواتها، بينما من قام بهذه الفظائع هم مسيحيون، او هكذا يعتقد من قام بتلك الفظائع، فكيف يمكن اذن ان نحمل الاسلام، الدين الالهي العظيم الذي حمل النور والعدالة والسلام والمساواة الى العالم اجمع، عندما كان هذا العالم غارقا بالظلم والظلام، مسؤولية جرائم يرتكبها اناس من امثال ابوحمزة، منبوذون من المسلمين قبل غيرهم، فهم لا يمثلون واحد بالمائة من المسلمين؟.

يقول ابوحمزه في الفيديو انه يعتذر من المسيحيين واليهود والملحدين على كرهه وعدائه السابق لهم، من خلال القتل والتفجيرات وغيرها، معتبرا أنه فتح صفحة جديدة باعتناقه المسيحية، ولا يجب تحميله ذنبا عندما كان مسلما!!.

بدورنا نخاطب التكفيري ابوحمزة ونقول: من قال لك ان الإسلام يدعوك الى تفجير وقتل اتباع الدينات الاخرى؟، من اين جئت بهذه النظرة الى الاخر؟، ثانيا من قال لك انك كنت مسلما عندما كنت تفجر وتقتل خلق الله دون ذنب؟، انك ببساطة لم تكن مسلما اصلا حتى تخرج الان من الاسلام؟، الاسلام براء منك ومن كل التكفيريين الذين يمارسون شذوذهم اما جهلا او خدمة للصهيونية العالمية.

رغم شكوكنا بحكاية ابو حمزة والجهات التي تقف وراءها، الا اننا حاولنا مناقشتها للكشف عن تهافتها وضعفها، فاذا كان هناك من وقع عليه الظلم في كل ما يشهده الشرق الأوسط والعالم من فتنة تكفيرية، فهو الاسلام والمسلمين، واذا كانت هناك ديار خُربت ودُمرت فهي ديار المسلمين، واذا كانت هناك شعوب شُردت وشُتت في الشعوب الاسلامية، واذا كان هناك من انتفع من وراء هذه الفتنة فهو الغرب و”اسرائيل”.
• شفقنا

208