ايران لن تنكسر والمقاومة لن تهزم والخاسر الوحيد هو شعوب الجزيرة العربية

ايران لن تنكسر والمقاومة لن تهزم والخاسر الوحيد هو شعوب الجزيرة العربية
الإثنين ٢٢ مايو ٢٠١٧ - ٠٤:٣٢ بتوقيت غرينتش

ما حدث يوم أمس بالرياض جاء كما توقعنا تماما، لا أثر ولا حديث عن فلسطين أرضا ومقدسات وشعبا وأسرى يواجهون الموت، في الساعات التي كان الجمع يتبادل نخب إعلان الحرب على إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية؛ ليست عبقرية منا ولا هي قراءة كف، وإنما المقدمات تبين النتائج.

العالم - السعودية

ولا أريد أن أجتر ما ذكرته مرارا هنا وفي مقالات عديدة، حول إصرار السلطة السعودية عبر أمرائها من بندر بن سلطان الى تركي الفيصل، ومنذ 2007 على إنشاء جيش تحت رايتها وعنوان "الحرمين الشريفين" لمواجهة حزب الله واستئصال شأفته من لبنان، يتكوّن هذا الجيش من مرتزقة دول التسوّل الاسلامية والعربية، ويقوم على تدريبه وتسليحه الحليف الامريكي. كان هذا الموضوع مجرد تسريبات كثيرا ما يرد على وجوهنا الاستدلال بها، أولا يلتفت اليها باعتبارها مجرد اشاعات ومحاولات لتشويه سمعة المملكة.

البارحة تم الاعلان الرسمي على هذا الأمر الخطير، وبعد تجربة "الجماعات الارهابية المسلحة"، والتي حققت نتائج مبهرة في التقتيل والتخريب وتمزيق الشعوب والأقطار العربية التي استهدفت، رأى رعاتها أن الوقت قد حان لأن تأخذ تشكيلات المرتزقة صفة قانونية دولية، وعباءة دينية ترقى لراية الحرمين الشريفين، والعدو طبعا ليس الكيان الإسرائيلي والهدف يقينا ليس تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين، وإنما وبالفم الملآن هو الدولة الإسلامية إيران باعتبارها "رأس الإرهاب" منذ ثورة (الامام) الخميني 1979 كما جاء على لسان الملك السعودي، حتى خلت أن السفارات التي استهدفتها الثورة في طهران، لم تكن الإسرائيلية والأمريكية وإنما الخليجية تحديدا.

أولا لابد من ملاحظة أمر يبدوأنه يستحق التأمل وهو: ذهاب العائلات الملكية في الجزيرة العربية الى صناعة الحروب والنفخ في النزاعات بعالمنا العربي والإسلامي، بداية من العراق فليبيا ثم سوريا والآن مع اليمن وها هي تتوعد لبنان وإيران، إنما يصرف الرأي العام الداخلي بتلكم الإمارات عن مشاكل متراكمة، ويشغلها عن المطالبة الجدية والفاعلة بالإصلاح على مستوى الفرد والأخطر على مستوى صناعة القرار والمشاركة في إدارة شؤون البلد. إن إشغال شعوب الجزيرة العربية عن حقوقها المشروعة بنزاعات مفتعلة وحروب مصطنعة، ليس أكثر من ترحيل استحقاق تمليه طبيعة التطور، الى مراحل قد تكون أكثر تعقيدا.

ثانيا: الحرب على إيران لن تبدأ كما يوهمنا القوم عام 2018، بل هي قائمة بكل الأدوات والوسائل منذ الثورة الإسلامية 1979، وما ترك قادة دول الخليج (الفارسي) وحليفهم الأمريكي من سبيل لكسرها إلا سلكوه، بداية من الحصار المطبق الذي ضرب عليها، انتهاء بالحرب المباشرة التي ورّطوا فيها صدام حسين، وراح ضحيتها ملايين من المواطنين من الجانبين، وتشير بعض التقارير لتمويل خليجي لها بلغ سقف ترليون دولار، وتسليح صدام حسين طبعا كان أمريكيا بامتياز؛ والنتيجة معروفة بل يعترف بها هؤلاء القادة أنفسهم، وهم يعلنون بأن العراق نفسه بات تحت النفوذ الكلي لإيران؛ والسؤال هنا: هل يمكن أن يحقق جيش من المرتزقة تعداده 34 ألفا، ما لم يحققه جيش نظامي (العراقي) بتعداد عشرة أضعاف وتمويل خليجي وتسليح أمريكي على امتداد ثماني سنوات؟ مع فارق لا يغفله إلا جاهل، وهوأن إيران اليوم أقوى بعشرات المرات منها عام 1980.

ثالثا: بالنسبة لحزب الله والمقاومة الفلسطينية واعتبارهما منظمات إرهابية تستوجب الحرب عليها، يمكنني القول بناء على التجربة الجزائرية المعاصرة، أنه وإن اجتمعت قوى العالم كلها على قلب رجل واحد لهزيمتها، فلن يتحقق كذلك مادام رجالها ونساؤها يقاتلون عن عقيدة راسخة متجذّرة دفاعا عن العرض والأرض؛ نعم فرنسا وخلفها حلف الناتو ومن ورائهما حاملات الطائرات الأمريكية وبكل ترسانتهم القتالية الجهنمية وبكل الغل والحقد والكراهية والعنصرية، وبكل أموالهم انهاروا أمام تصميم الشعب الجزائري على نيل حريته واستعادة أرضه كل أرضه وكرامته كل كرامته. وعليه متى تمتعت المقاومة الإسلامية سواء في فلسطين أو لبنان بهذه العقيدة، فمن الوهم الغبي توقّع كسرها فضلا عن استئصالها من وجدان شعوب، تفرض حقها المشروع في الحياة والوجود.

رابعا: هناك سؤال من شقّين فرض نفسه، حين علمت بأن الهدف الأول من تكوين جيش المرتزقة هذا، وهو محاربة الإرهاب في العراق وسوريا.. أ)- هل يتدخل هذا الجيش بطلب وموافقة من الحكومتين الشرعيتين للبلدين كما تقر هيئة الأمم المتحدة؟ أم تتجاوزهما ضربا لكل المعاهدات والقوانين الدولية عرض الحائط على جري العادة الأمريكية؟ ب)- لماذا تحديدا العراق وسوريا، وتم استثناء ليبيا من الموضوع، والحال أنها أول ضحايا تدخل الأنظمة الخليجية، التي جعلت منها أرضا لتحارب جماعات إرهابية مرتبطة عضوية بها؟.

أخيرا، إذا مضت الأنظمة الخليجية في هذا المخطط الجهنمي، فلا شك لدي بأن إيران لن تنكسر على الإطلاق، والمقاومة الإسلامية الفلسطينية واللبنانية ستزداد قوة وصلابة وإيمانا بأهدافها المشروعة، وفي المقابل ستكون شعوب الجزيرة العربية أكبر خاسر في هذا الرهان البائس، ولا تقتصر خسارتها على المال وإفراغ خزائنها، بل سيصيبها وبقوة أكثر وعنف أشد، ما أصاب جيرانهم من الشعوب العربية، والرابح الوحيد هو كيان العدوالإسرائيلي والولايات المتحدة.
والأيام بيننا.
فلاح جزائري/ رأي اليوم