هل يستطيع محور المقاومة ربط الحدود السورية-العراقية؟

هل يستطيع محور المقاومة ربط الحدود السورية-العراقية؟
الخميس ٠١ يونيو ٢٠١٧ - ١٢:٢٠ بتوقيت غرينتش

على الضفتين السورية والعراقية تتسارع العمليات بوتيرة عالية بمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي حيث يشهد الميدان تقدماً هامّاً للجيش العربي السوري والجيش العراقي والحشد الشعبي بحيث بات وضع التنظيم الإرهابي صعباً ومعقدأ لجهة فقدانه السيطرة على مساحات جغرافية واسعة وانخفاض ممرات التواصل فيما بين قواته، فالمراقب لتغير خرائط السيطرة اليومي تبدو له الصورة واضحة وجلية.

العالم - سوريا

"داعش" هذه الأيام بات يقاتل ضمن جيوب منعزلة رغم اتساع مساحة بعض الجيوب إلا أنها باتت فاقدة لقدرة المناورة والحركة. الانتهاء من تنظيم "داعش" والقضاء على قدراته بات مسألة وقت سواء في سوريا أو العراق وهنا نتكلم عن الجانب العسكري حيث من المتوقع أن يقوم التنظيم بإعادة هيكلة عديده وإمكانياته وتوجيهها في البعد الأمني عبر إعادة الانتشار والتخفي والاعتماد على نمط الذئاب المنفردة حيث من المتوقع أن يتم تزويد هؤلاء بمهمات منعزلة. في مقاربة للواقع الميداني الحالي تتجه العمليات في سوريا لتثبيت خط جبهي متماسك من مسكنة جنوب شرق حلب حتى مشارف التنف جنوباً مروراً بمنطقة السخنة شرق تدمر التي من المتوقع أن يتم التقدم إليها من ثلاثة محاور:

المحور الأول: من جنوب شرق حلب بمحاذاة محيط خناصر وبذلك يتحقق نطاق آمان واسع للطريق الرابط بين حلب والسلمية عند امتداد منطقة خناصر.

المحور الثاني: من اثرية باتجاه السخنة وهو ما سيؤمن نطاق آمان آمن على شاكلة منطقة خناصر ويجبر قوات "داعش" في ريف حماه الشرقي على الانسحاب قبل وضعها بالطوق ما يعني سيطرة هامة وواسعة للجيش العربي السوري على منطقة عقيربات وجبل البلعاس وجبل شاعر وجبل أبو الضهور.

المحور الثالث: من تدمر باتجاه السخنة حيث باتت نقاط الارتكاز في هذا الاتجاه صلبة ومتماسكة وتنتظر جهوزية خط الاندفاع من اتجاهي مسكنة واثرية.

إذا ما تحقق التقدم على هذه الاتجاهات فسنكون أمام جبهة متراصة بعمق واسع ونظيف من الإرهابيين وسيؤمن للجيش العربي السوري قوات زج إضافية خصوصاً إذا ما أضفنا القطاعات الواسعة التي حررها الجيش العربي السوري بين جنوب تدمر والقلمون الشرقي لنصبح أمام اكتمال خط الجبهة المذكور أعلاه .

يبقى أن نذكر أن الجيش العربي السوري في حال إتمامه للعمليات بالبعد الذي استعرضناه سيملك زمام المبادرة ببعدها الواسع إضافة لامتلاكه هامشاً كبيراً من الحركة ستؤمنه الأراضي الواسعة التي يسيطر عليها. وبالنظر إلى نمط العمليات الذي اعتمد على العمليات الخاطفة والسريعة والسيطرة على التلال الحاكمة التي كانت سبباً في الانهيارات السريعة لتنظيم "داعش" حيث باتت كل ممرات الحركة والاقتراب مضروبة بالنار بالأسلحة البعيدة والمتوسطة المدى دون الحاجة إلى قتال متقارب إلا نادراً والسبب هو افتقاد التنظيم الإرهابي حرية الحركة والتواصل بسبب التكتيكات التي استخدمها الجيش العربي السوري .

يبقى أن نشير إلى العمليات في اتجاه التنف قد تتسم ببعض البطء منعاً لحصول الصدام المباشر مع القوات الأميركية لكنها بكل الأحوال تسير إلى الأمام بانتظار إعادة ضبط قواعد الاشتباك التي يسعى الروس والأميركيين إلى إرسائها والوصول إلى تفاهم يمنع الصدام ولا يتعارض مع حق الجيش السوري بالتحرك الحر على أرضه .

في العراق كان لتقدم الحشد الشعبي نحو منطقة أبو جريص والبدء بتثبيت القوات عندها صدىً كبير يمكن اعتباره نصراً معنوياً حالياً حيث لا يمكن تصنيف التقدم حني اللحظة إلا ببعده الموضعي مع الإشارة إلى نية الحشد الشعبي التقدم جنوباً بمحاذاة خط الحدود وصولاً إلى القائم وهو ما لن يحصل قريباً نظراً لحاجة الحشد الشعبي القيام بعمليات تنظيف في البعاج ومحيطها والانتهاء من عمليات الموصل التي باتت محصورة في حدود الموصل القديمة وهو ما سيعيد هيكلة القوات التي تشارك بالعمليات لحسم المعركة في محيط الموصل والانتقال إلى فتح معركة الأنبار التي تشكل السيطرة عليها عاملاً هامّاً وضرورياً بموازاة التقدم على حط الحدود من أبو جريص إلى القائم. بالنظر إلى طبيعة العمليات اعتقد أن سير القوات السورية باتجاه دير الزور سيكون متوازياً مع سير قوات الحشد الشعبي وهو ما سيستغرق بعض الوقت إلا إذا حصلت انهيارات كبيرة في صفوف "داعش" عندها سنكون أمام تحول دراماتيكي سيدفع الأمور نحو التغيير الجذري.

كامل العمليات التي تحصل حالياً في البادية السورية على كامل امتدادها إضافة إلى عمليات الحشد الشعبي العراقي سيؤدي إلى حدوث عملية الربط بين سوريا والعراق وهو ما تعمل أميركا على منعه وربما يشكل هذا التوجه الأميركي حدوث حماقات قد تؤدي إلى صدامات مباشرة اقلب الطاولة وتذهب بالأمور نحو وضع معقد وبالغ الخطورة.

في كل الأحوال لا تستطيع أميركا منع عملية الربط نظراً لطول خط الحدود البالغ حوالي 620 كلم وهو ما يحتاج لقوات كبيرة لا تتوفر لأميركا عبر جماعاتها سواء الكردية أو المدعومة من غرفة "الموك".

المرحلة القادمة هي مرحلة التحولات الكبرى والجذرية التي ستدفع بالأمور إلى واقع جديد مختلف عن الواقع الذي كان موجوداً ل 38 سنة فائتة ما سيغير في مجمل ميزان القوى وقواعد الاشتباك التي ستكون أكثر رعباً وخطورة على "إسرائيل" بشكل أساسي ما يمثل خطراً وجودياً على الكيان وهو ما يمكن أن يدفع أميركا و"إسرائيل " إلى ارتكاب الحماقة التي ستدفع المنطقة نحو الحرب الشاملة.

عمر معربوني/شام تايمز

106-1