جوبر.. بين فعل الجيش السوري ورد فعل الفصائل المسلحة

جوبر.. بين فعل الجيش السوري ورد فعل الفصائل المسلحة
الثلاثاء ٠٤ يوليو ٢٠١٧ - ١٢:٤٨ بتوقيت غرينتش

بين الفعلِ الهجومي للجيش السوري، وردِ الفعل الدفاعي للفصائل المسلحة، يشتعل اشتباك “البارود والمعاول”، للإمساك بالعُقد الهندسية على المتحلق الجنوبي شرق العاصمة، عقدة زملكا وعقدة عين ترما.

العالم - سوريا

خطوة المرحلة الاولى

700 متر على المتحلق، هي المسافة التي تفصلُ بين المحور العسكري الذي يتقدم به الجيش السوري من منطقة “طيبة” جوبر نحو الجنوب وصولاً إلى عقدة زملكا، بمحور العمل الثاني للجيش المنطلق من “وادي” عين ترما إلى عُقدة عين ترما الواقعة شمال المحور.

محوران رئيسيان شرع بهما الجيش السوري للعمل منذ قرابة الأسبوعين على طرفي المتحلق الجنوبي، ضمن مناطق تخضع سيطرتها / لفيلق الرحمن”بقيادة عبد الناصر شمير “نقيب منشق”، و جبهة النصرة “بقيادة أبو عاصم العبداني “. وهي مناطق لم تدخل ضمن اتفاق “تخفيض التوتر” المصادق عليه دولياً في أيار الماضي.

واقع الميدان – ربط العقد

شكلت الكتل الخرسانية المحيطة بعقدتي عين ترما – وزملكا، المسعى الرئيس لقوات الجيش السوري العاملة على المحورين، بهدف تحقيق ثبات مستقر للعسكر أمام الضغط المسلح المتبع بشكل واضح بتكثيف القذائف والتفجيرات، ومن ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الجيش السوري، الساعية لتحقيق اتصال جغرافي بين المحورين، يرتكز بشكل أساسي على إنشاء شريط من النقاط العسكرية المتماسكة المحازية للاتستراد، ويُفصل من خلالها بين مواقع الفصائل المسلحة في زملكا وعين ترما عن حي جوبر، وبالتالي تأمين خرق داخل الجسم المسلح، يضع القوات فوق شبكة من أهم الانفاق اللوجستية للفصائل التي لن تتخلى عنها بسهولة ومن المؤكد عسكرياً، أن التعويل الأكبر للجيش سيكون على ثبات خط الفصل المستحدث، أمام استهداف الكتلتين المسلحتين بعد شطرهما، وذلك ريثما ينتهي الوجود المسلح داخل جوبر.

مناورة هجومية للفصائل

تغيير معادلة المواجهة التي فرضتها القيادة العسكرية على معركة جوبر، هو ما حاولت فصائل فيلق الرحمن والنصرة تجربته انتحارياً، فعمدت إلى تنفيذ هجوم مباغت مع مطلع الفجر على نقاط الجيش السوري المسيطر عليها مؤخراً في محيط عقدة عين ترما، وتركز الهجوم على “كازية سُنبل” وعدد من المباني المحيطة وبدأت الفصائل الهجوم بتفجير نفق صغير، يستخدمه مُشاة الجيش السوري للوصول إلى نقاطه المتقدمه في محيط “كازية سُنبل”، والدفع بمجموعات مسلحة تحركت على طول المحور بتغطية صاروخية كثيفة استهدفت كامل نقاط الجيش السوري، ولم تستطع برغم زخم المواجهة من تغيير خطوط التماس، بعد اسناد الجيش السوري مباشرة للخطوط الأمامية، التي أفشل ثبات العسكر فيها فاعلية الهجوم، ونقل الردع الدفاعي إلى هجوم معاكس، سمح لمشاة الاقتحام النخبوي الوصول إلى العمق أكثر ضمن كتل شرق العقدة “معامل الرخام”، وإكمال القضم العمراني
المستمر انطلاقاً منها على أكثر من اتجاه، وفي محيط منشأة “أسواق الخير” ما يزيد من مساحة الأمان “العرضانية” لشريط الخرق ويهدد بالوسائط النارية مواقع رئيسية في عمق عين ترما.

المعطيات الاستطلاعية للجيش السوري كشفت استقدام فصيل “فيلق الرحمن”، لأكثر من 300 إرهابي من داخل عربين لزجهم في خطوط المواجهة، وذلك بعد إعلان
النفير العام و إجبار الرجال على حمل السلاح الذي تم توزيعه عند “ساحة المقبرة” حسب المعلومات الاستطلاعية.

محور عقدة زملكا

مع إطلاق معركة جوبر ووضع خطة الفصل كخطوة أساسية للعمل انطلاقاً من محورين رئيسيين، اصطدمت قوات الجيش العاملة على محور عقدة زملكا بمباني الأسمنت الضخمة لحي جوبر، الواقعة بمحاذاة المتحلق من الجهة الشرقية، وبصعوبة التقدم من خلالها قبل تأمين المحيط، لذلك نفذ الجيش السوري إنزال عسكرياً جريء غرب المتحلق، وفي عمق نقاط التمركز لعناصر فيلق الرحمن، سيطر من خلاله على جامع العدنان وعدة مباني محيطة، وانطلق منها جنوباً نحو العقدة، وشكل إنعدام العمران نسبياً في مسار التقدم الثاني صعوبة كبيرة، لذلك تحملت القوات عبء التحرك في مساحات مكشوفة شرق الطريق في سبيل السيطرة على عدة كتل ومنازل جار الآن التوسع من خلالها.

يدرك الجيش السوري أن مسافة الربط الناري بين العقد، لا تغلق المنافذ الجوفية لمسلحي جوبر عن قواعدهم الخلفية في عمق الغوطة وخاصة عبر “شبكة انفاق حرملة”، لذلك يعتمد الجيش على الربط بخطوات العسكر، ورسم سيناريو جغرافي شبيه بالتكتيكات السابقة التي نفذها و يغلق من خلالها البوابة الأخيرة للكتلة المسلحة في حي جوبر، التي تسيطر إلى الآن على ثلث مساحة الحي.

داخل جوبر تستمر معركة المدينتين، حيث لايستقر نمطٌ للمعارك الدائرة، فوق الأرض وتحتها، ويبقى سباق الحفر أسلوب الطرفين بحكم ما فرضته طبيعة القتال بالمنطقة، وبين الحين والأخر يهبط نفق هنا ويفجر آخر هناك.

مقابل التقدم الراهن، هناك اتجاهات ومسارات جديدة قد يطلقها الجيش السوري قريباً، للإشغال والتقدم، وتشتيت القوة الدفاعية للخصم، بالتزامن مع استمرار الاستهدافات النارية والغارات الجوية لتهشيم تحصينات الإسمنت، وتدمير المقار المسلحة.

مسرحية الكيماوي مجدداً

من جديد يبدو تفعيل الملف الكيماوي في المنابر الدولية، عبر اتهامات استباقية ودون أي موشرات واقعية، هو السلاح الوحيد القادر الخصم الآن على إبرازه، أمام اندفاع الجيش السوري السريع نحو أهم جيوب العاصمة وفي غير مكان، وذلك أيضاً مايبرر المسرحية التي بدأت تظهر للعلن من داخل الغوطة، والرامية “بلعل، وعسى” أن تحقق انكفاءاً للجيش السوري عن مراده، وهنا اقتباس بالعامية نقول لهم: “بس يطلع الكر عالجوزة “

* جعفر يونس/ دمشق الآن

106-3