نارام سرجون :

اقتلاع أسنان السميلودون .. ادلب وآخر رصاصات في الظهر

اقتلاع أسنان السميلودون .. ادلب وآخر رصاصات في الظهر
الأحد ٣٠ يوليو ٢٠١٧ - ٠٥:١٨ بتوقيت غرينتش

كل من كان يرى نشاط التنظيمات الاجرامية وانتشارها على الجغرافيا السورية كان حائرا ان كان هذا الجسد المدمى قادرا على النهوض بعد أن ثقب ظهره برصاص الغدر التركي الكثيف ورصاص أبناء العم والاخوة العرب والمسلمين حتى أنه تحول الى جسد استوطنه الرصاص وحبات الخردق ..

العالم - مقالات وتحليلات

لاأعرف كيف يمكنني أن أصف لكم اليوم حال المسلحين الارهابيين وخاصة في جبهة النصرة .. ولكني سأدعوكم الآن لكي تشاهدوا معي مآل هذه الوحوش التي أعدها ودربها فريق ديفيد بترايوس وأطلقها على المجتمع والدولة السورية في خطة استخباراتية محكمة شريرة شاركت فيها كل مخابرات الغرب والعرب و"اسرائيل" ونالت تأييد كل قطاعات المعارضة الخارجية والعربية والاسلامية دون استثناء والتي عقدت آمالا عريضة على هذا الوحش الارهابي الذي التهم نصف حلب ومزق نصف الجغرافيا السورية في أحد الأيام وكان يلعق أسنانه مرارا بعد كل وليمة ويسيل لعابه لالتهام دمشق ..

وتبادل هذا الوحش عملية نهش اللحم السوري مع الوحش الثاني تنظيم داعش .. وكانت هذه الوحوش "الاسلامية" قادمة من عصور ماقبل التاريخ ولها نابان مخيفان .. لم يغرز وحش منها أحد نابيه في منطقة من الجغرافيا الا نزفت وتهتكت وتفتقت ودخلت بين اسنانه .. وكأنه السميلودون (أو النمر ذي السيفين) الذي انقرض وقد عاد الى الحياة في سورية ...

كانت جبهة النصرة هي عماد مشروع التغيير السوري وهي أنياب الثورة السورية القوية وغرزت النصرة أنيابها في كل مكان من الجسد السوري .. ولكن معركة حلب العظيمة اقتلعت أنياب النصرة .. وكان انهيارها في حلب دليلا على أن هذا الوحش لم يعد يخيف أحدا لأن أداء النصرة العسكري في حلب كان رديئا جدا رغم أنها كتنظيم مسلح ارهابي حظيت بمظلة حماية دولية واعلامية عالمية ليس لها نظير لحمايتها .. ورغم انها تحصنت في أعقد حرب للمدن في التاريخ وتمترست بمئات آلاف المدنيين والجدران والأنفاق وحاولت ايقاف الهجوم بقصف المدنيين بوحشية غير مسبوقة بقنابل جهنم على الطرف الآمن حتى قتلت زهاء 15 ألف مدني ..

ورغم انني كنت على يقين من النصر في حلب لكنني كنت أخشى أن تكون النصرة قادرة على الصمود عدة اسابيع ويكون نصرنا عليها مكلفا لشدة الدعم الدولي لها والسخاء في تسليحها والسخاء في التغطية على جرائمها حتى أن شعار الغرب كان بأن لاشقف لما يمكن أن يسمح به للنصرة من أجل أن تنتصر .. الا أنني ذهلت من أن كل هذه الأنياب التي تجهزت بها النصرة انخلعت على أرصفة حلب بسرعة البرق ..

ولاشك ان الاعداد السوري للمعركة مع حلفائه واعتماده على جسارة المقاتلين وشجاعتهم في الاقتحام كان أهم الأسباب لحسم المعارك بسرعة وهي عوامل لايمكن اغفالها مهما حاولنا .. وهذه المعارك كشفت أن النصرة لم تكن الا وحشا كرتونيا وأن أنيابه تحطمت كما لو كانت من زجاج .. وعندما سقطت الأنياب في حلب عرفنا جميعا أن النصرة انتهت كأسطورة متوحشة لاتقهر .. ومن يومها صرنا نعرف أن هذا الوحش لن يصمد في اية معركة على الاطلاق ..

وجاءت معركة عرسال الأخير لاثبات أن هذا الوحش الذي كان البعض يهددنا به قد انتهى عمليا بدليل أنه كان على مرتفعات حاكمة محصنة تحصينا طبيعيا بشكل مذهل يقيه حتى الضربات بالأسلحة الاستراتيجية لأنه مسيج بالصخور والمغاور والتضاريس والتمويه الطبيعي مما يعطيه تحصينات تفوق تحصينات الاسرائيليين الصناعية في الجولان .. واعتقد البعض أن الفشل في حلب سيعضه القتال في الجرود والجبال حيث التفق لمن يكون يسدد من المرتفعات .. الا أن التنظيم تعرض لعملية اقتلاع أسنان كاملة ولم يعد قادرا على مضغ شيء الا الأعشاب والحشائش والذرة والتبن واجترار خطابات الجولاني وعرعور وتهديدات المهرج فيصل القاسم والقبضاي موسي العمر .. هذه المخلوقات التي تجتر خطابات التبن والعلف ..

الجغرافيا السورية تتحرر وعمليات انتزاع الرصاص والخردق من اللحم السوري مستمرة .. حبات الخردق في الغوطة وغيرها لن يطول بقاؤها في لحمنا وسنستأصلها ببساطة .. أما الرصاصة الأخيرة للنصرة التي استقرت في ظهر ادلب وانطلقت من البندقية التركية فلكم أن تتخيلوا نهايتها القريبة اما بانسحاب دولي تكتيكي ترعاه تركيا أو ان تتعرض جبهة النصرة فيها لهزيمة قاسية جدا ومذلة جدا بعد أن عرفنا امكانية هذا التنظيم المتواضعة في القتال .. لأن معركة ادلب - وهي المعركة الأخيرة للنصرة - ان وقعت فستكون من أقسى أنواع المعارك واشدها ضراوة وفتكا ضد جبهة النصرة .. فالفترة الماضية لم تكن فيها الدولة السورية وحلفاؤها يدرسون نسبة النقاء في زيت الزيتون في ادلب بل كان هناك عمل يومي ورصد على مدار الساعة وتجميع للمعلومات حيث تم رسم خرائط لكل متر مربع في ادلب ورصدت كل أنواع النشاطات العسكرية لجميع الفصائل ..

وليست هناك زاوية لم تعد في بنك الأهداف اضافة الى ان هناك عشرات آلاف تقارير الرصد التي تقوم بها الخلايا النائمة التي زرعتها المخابرات السورية في كل مكان .. وسيكون النصر في ادلب أسرع من النصر في جرود عرسال .. وستكون خسائر النصرة أكثر بكثير مما تتوقع لأن الحلفاء سيستخدمون قوة نارية هائلة وتكتيكات جديدة ستظهر لأول مرة ولن يصمد في وجهها أي تنظيم ..

من المفارقات العجيبة أن وحش السميلودون (النمر ذا السيفين) قد انقرض على الأرجح بسبب نابيه تحديدا كما تقول الأبحاث العلمية .. لأن الدلائل الأحفورية تؤكد أن هذا الحيوان المخيف الضاري كان يهاجم الفرائس التي تفوقه حجما مثل الماموث مستفيدا من سيفيه القاتلين الرهيبين والثقة المطلقة بهما .. ولكن الفرائس الكبيرة الحجم كانت عملية غرز النابين في لحومها صعبة جدا مما تسبب في تخلخل ارتكاز النابين على عظم الفك العلوي وانتشار الالتهاب حولهما لأن الحاجة لقتل الطرائد كان يواجه معضلة متانة اللحم والعظم مما أدى دوما لتخلخل الأنياب وتعرض جذورها للالتهاب والانتان مما اضعف قدرات الصيد وسرّع في موت الوحوش التي كانت تموت جوعا وهي بلا أنياب ..

أنياب النصرة تخلخلت وانياب داعش تخلخلت وسقطت لأننا قاتلناها بلحمنا ودمنا ولم نبخل بالشهداء .. واجساد الوحوش الثورية التي أرسلها بترايوس ترتعش من الحمى والجوع اليوم لأنها لم تعد قادرة على التهام اللحم السوري ولحم المقاومين حيث تكسرت أسنانها.. وهذا سيكون درسا لكل من يغرز اسنانه في اللحم السوري ولحم محور المقاومة لأننا سنقتلع له أسنانه من جذورها .. ولن نستثني أحدا في كل المنطقة سواء كان مدللا للسعودية أو لقطر أو لـ"اسرائيل" .. اسنان أردوغان واسنان سلمان سنقتلعها .. واسنان "اسرائيل" سنقتلعها .. من جبل الشيخ الى سعسع .. لن يطول انتظار كل من له أنياب ارهابية ليدرك أن أنيابه لن تنفعه بعد اليوم ولو غرزها في قلوبنا .. فلحم القلب فينا سيسحق الأنياب التي غرزت فيه .. لأنه زمن الأبطال وليس زمن الوحوش.

نارامسرجون - وكالة أوقات الشام الإخبارية

2-4