الازمة السورية.. انحسار دور دمشق وامتداده..

الازمة السورية.. انحسار دور دمشق وامتداده..
الأربعاء ٢٠ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٧:١٥ بتوقيت غرينتش

منذ استقلال سوريا عام 1946 وهي تلعب دورا محوريا في التفاصيل الكبيرة والصغيرة في المنطقة، وما يحدث بها من تطورات كان لها دورا فيها، بداية من القضية الفلسطينية التي باتت هي القضية المركزية لدى دمشق، مرورا بحلف بغداد والوقوف ضده وانشاء حلف ضده ودعم الرئيس جمال عبد الناصر في هذا الامر، بالاضافة الى الوحدة مع مصر، مرورا بالحرب الاهلية في لبنان، وغيرها من الملفات التي كانت فيها سوريا هي ركيزة ومصدر القرار في اغلب الاوقات.

خلال العقد الماضي بقي الدور السوري هو نفسه في ظل وجود ازمات خانقة في المنطقة وتهددها بشكل مباشر، خصوصا بعد الاجتياح الاميركي للعراق، واغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري فيما بعد والانسحاب من لبنان، ولكن موقفها من الاحداث في المنطقة كان مباشرا وظهر ذلك جليا خلال العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة عام 2008 وسحب الوساطة التركية للتسوية بين دمشق وتل ابيب، وفي نفس العام رفض الاسد مصافحة رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي ايهود اولمرت في فرنسا، وهو ما اعطى رسالة واضحة للعلن ان دمشق لن تقبل باي صفقة مع اسرائيل.

مع بداية الازمة حاولت عدة دول عربية واقليمية تهميش سوريا وسحب دورها في المنطقة وكان بداية في تعليق عضويتها في الجامعة العربية نهاية عام 2011 ومن ثم قامت هذه الدول بايعاز اتباعها في المنطقة بقطع العلاقات مع دمشق، ما عدا دولا معدودة لم تقطع علاقاتها مع سوريا وابقت على سفاراتها فيها. اما اوروبيا فبقيت شعرة بسيطة بين دول الاتحاد ودمشق وتعززت العلاقة فيما بعد مع منتصف عام 2014 وبداية حركة اللجوء التي سهلتها تركيا للضغط على الاتحاد الاوروبي، وجدت الدول الاوروبية نفسها مضطرة للحوار والاتصال مع القيادة في دمشق بشكل مباشر، وخصوصا بعد وقوع احداث ارهابية دموية وعنيفة في فرنسا وبلجيكا والمانيا وغيرها من الدول، فبدأت الوفود الاوروبية تطرق ابواب دمشق، عبر مسميات عدة سواء وفود برلمانية او شعبية او حزبية وغيرها، ولكن الهدف واحد هو تسهيل عودة العلاقات، وارتفعت وتيرة طلبات وسائل الاعلام الغربية لاجراء مقابلات مع الرئيس السوري بشار الاسد، وهو ما ساهم في ايصال صوت دمشق والقيادة السورية للشارع الغربي وتوضيح ما حدث ويحدث في سوريا.

اما عربيا فبقيت سوريا مصممة على موقفها وهو التمسك بمحور المقاومة بوجه الاحتلال الاسرائيلي، وسط حالة من انهيار الصف العربي ولجوء عدة دول للتطبيع مع الاحتلال وفتح الاخرى اسواقها للبضائع الاسرائيلية، وغيرها من مظاهر الاحتلال، وتقزم الدور العربي بشكل فاضح وهو ما دفع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، للاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الاسرائيلي، دون اي خوف من ردة فعل عربية، في ظل غياب الدور المؤثر لهذه الدول وتواطئ انظمة عدد منها مع واشنطن.

اما على الخريطة الدولية فسوريا واصلت لعب دورها المحوري واسقاط ما خطط للمنطقة ولم تفقد دورها المحوري طوال الاعوام الـ7 الماضية، بل عززته بمواجهة التطرف الاسلامي سياسيا وعسكريا وهزمته، وجعلت الدول الداعمة له عارية امام المجتمع الدولي. وبصمود دمشق ومشروعها ساهمت بشكل كبير بهزيمة مشروع الاخوان المسلمين في مصر وتونس وليبيا، بعد ان كانت المنطقة جميعها ذاهبة الى السقوط. وساهمت ايضا بشكل كبير وبضحيات كبرى في هزيمة واسقاط مشروع داعش الذي تم بناءه منذ عقد من الزمن، لهذا الامر تحديدا.

اما على المستوى الاقليمي فقد قضت على المشروع التركي بالمنطقة، وتأكل الحلم العثماني الكبير حتى وصلت الى الدفاع عن امنها الداخلي والى تدخل جزئي في الاراضي السورية للحفاظ على هذا الامن. اما السعودية فقد اضعف دورها بشكل كبير بالمنطقة، وانحسر في التنمر على قطر واطراف في لبنان واليمن الفقير.

دمشق استطاعت ان تثبت فكرة الدولة الوطنية المركزية العلمانية، وهو ما حاولت الدول المحاربة لها هزيمته طوال الفترة الماضية.

ابراهيم شير / كاتب واعلامي سوري