قضية بحرينة "جانبية" يهدد ترامب دول العالم لأجلها!

قضية بحرينة
الجمعة ٢٢ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٧:٣٦ بتوقيت غرينتش

اعتبر وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في «تغريدة» له بالإنجكليزية قبل يومين أنه من غير المفيد «افتعال صراع» مع أمريكا من أجل «قضايا جانبية» side issues في الوقت الذي «نقاتل فيه الخطر الواضح لإيران» [حسب زعمه].

العالممقالات وتحليلات

المقصود بالقضايا الجانبية طبعا هي المواجهة التي يخوضها الفلسطينيون، والكثير من دول العالم، ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.

يأتي التصريح البحريني بعد حديث تلفزيوني لترامب هدّد فيه الدول التي قد تصوّت على مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يرفض قراره الأخير بمنع المعونات المالية التي تقدّمها بلاده عنها، لكنّ تغريدة خالد آل خليفة لا تبدو معنيّة بالتهديد الأمريكي لأنها مشغولة بتهديد آخر هو التهديد الإيراني [حسب زعمه]، ولأن قضية القدس «جانبية» فهي لا تستحق الاصطدام مع الحليف الأمريكي الكبير.

والحقيقة أن تهديد ترامب لدول العالم يقوّض أطروحة الوزير البحريني بأكملها فكيف تكون القدس قضية «جانبية» حين يقرّر رئيس أقوى وأغنى دولة في العالم أن يواجه القوانين والشرع الدولية، وإرادة المجتمع الدولي ممثلة بالجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، ليكون الزعيم شبه الوحيد في العالم الذي يقرّر اعتبار مدينة محتلّة مقدّسة لثلاثة أديان كبرى عاصمة لدولة الاحتلال وحين يواجه غضبة الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأغلب دول العالم فيهدّدها، جميعاً، بوقف معونات بلاده المالية عنها؟

المفارقة الكبيرة في هذا الأمر تكمن في أن البحرين دولة عربية مسلمة وشعبها يشارك بالتأكيد الفلسطينيين آمالهم وآلامهم وهي أقرب جغرافيا بكثير إلى فلسطين منها إلى واشنطن، وإذا لم يكن وزير خارجيتها يشعر بالمخاطر التي تتهدد الفلسطينيين بسبب إسرائيل، أو الخطر الوجودي الذي تشكّله الدولة العبرية على العرب، أو على مقدّسات المسلمين، فالأولى أن يقف موقفا محايداً، بدل أن يقوم بتقويض المعركة التي يخوضها الفلسطينيون وشعوب العالم المناهضة للظلم، وأن تتوقف دولته عن لعب دور الطابور الخامس في الوقت الذي تجري فيه دماء الفلسطينيين في معركة يخوضونها بالأصالة عن أنفسهم وبالوكالة عن العرب والمسلمين.

من المؤسف حقّاً أن تستنفر دولة مثل تركيّا قدراتها السياسية والدبلوماسية للتصدّي لجبروت وغطرسة ترامب في الوقت الذي تستغل فيه البحرين هذا الوقت الحرج لإرسال بعثة «سلام» للكيان الإسرائيلي في تضامن مخجل مع قرار ترامب، ويقوم وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد بخوض معركة مفتعلة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وتقوم السعودية بالضغط على المسؤولين الأردنيين والفلسطينيين.

التناغم الذي تبديه هذه الدول مع بلطجة ترامب ضد الفلسطينيين ودول العالم لا يمكن استيعابه أو تبريره من دون الحديث عن «الفاشية الدينية» التي يمثلها الكيان الإسرائيلي ويمثلها قرار ترامب وحاضنته المسيحية ـ الصهيونية.

اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الذي انتهى بتحدي 128 دولة لتهديدات ترامب ورفضته تسع دول فقط وهذا يدلّ أن القدس ليست ولن تكون «قضية جانبية» في ضمير العالم أو حساباته.

المصدر: القدس العربي

216-2