العالم - مقالات
في الحالة الأولى، لا مجال للتحليل والتأويل. فالانتخاب ببساطة هو فعل إيمان بالجهة التي تبذل جهوداً في سبيل تلك القضية، أو ذاك المشروع. تماماً كما المقاومة، وقيادتها. كُثر آمنوا بها، ببصيرة نيّرة، فلا يرون أولوية لغيرها في الصوت. يستغربون لدى سؤالهم: لمن سيذهب صوتكم يوم الاقتراع؟. وفق قناعاتهم، فإنّ مجرّد السؤال، يعني تشكيكاً بعطاءات ذاك المشروع التي لا تعد ولا تُحصى، ولعلّ الكرامة أولاها. هم لا يكتفون بالإجابة المختصرة، بل يُعدّدون الأسباب التي لأجلها سيقترعون نهج المقاومة.
تُحادثهم، فيتكلمون بثقة لا تضاهى عن مقاومة لم تجلب لهم سوى العز. برأيهم، من قاوم الاحتلال إبان شعار "العين لا تقاوم المخرز"، ودفع خيرة الشبان منذ عام 1982، يستحق الصوت. من حرّر الأرض عام 2000، وحوّل الحدود مع فلسطين المحتلة من وُجهة موت، الى وجهة آمنة، يجلس عندها من يشاء، وبكل اطمئنان، وأعاد للمهجرين منازلهم وأراضيهم، يستحق الصوت. من حرّر الأسرى، وحوّل سجن الخيام من معتقل الموت الى شاهد على همجية العدو، واستعاد كرامة وحرية معتقلينا، يستحق الصوت. يسألون، وهل يغلى الصوت في سبيل من صدّ العدوان الصهيوني عن لبنان عام 2006، وانتقم لأرواح الشهداء، ولقّن العدو درساً لا ينسى؟. هل يغلى الصوت في رحاب من احتضن مئات العائلات، المدمرة منازلها، ليعيدها اليها أجمل مما كانت؟. هل يغلى الصوت في سبيل من صدّ العدوان التكفيري عن لبنان، وقدّم في سبيل ذلك أغلى الأرواح، ولا يزال؟. في سبيل من لولاه، لسُفكت دماؤنا على أبواب منازلنا.
وفي زحمة الأسباب التي يعدّدها شعب المقاومة والتي بنظرهم لا تنتهي، لا يغفلون عن حقيقة أنّ قيادة هذه المقاومة لا تسعى لمقعد هنا وهناك، طمعاً بالمناصب. يعلم هؤلاء تماماً أنّها دخلت الى البرلمان، كما الحكومة، لأجل الشعب، وحقوقه. لمواجهة من يأخذ الوطن نحو المجهول. دخلت الى العمل السياسي، طمعاً بحماية رأس تلك المقاومة لنحيا بعزة وكرامة وعنفوان.
لأجل ذلك، وفي سبيل ذلك سيقترع شعب المقاومة. بنظرهم، هذا أقل الواجب، علينا أن نرد بعضاً من الجميل لهذه المقاومة، حتى ولو انتخبنا بالدم. لا لأجلها أبداً، هي ليست بحاجة لأصواتنا. بل لأجلنا. هي مستمرة أبداً ما حيينا، ونحن نحتاج اليها، لتحمينا. نحتاج لبقائها، لنبقى معها شامخي الرؤوس كيفما اتجهنا.
فاطمة سلامة / العهد
109-1