ترامب ونتنياهو وعقدة الاقتدار الايراني

ترامب ونتنياهو وعقدة الاقتدار الايراني
الأربعاء ٢٣ مايو ٢٠١٨ - ٠٤:٤٧ بتوقيت غرينتش

لايشك احد بان اميركا والكيان الصهيوني هما الد اعداء الجمهورية الاسلامية الايرانية. كما هو الحال ان ايران تشكل شوكة في عيون اميركا وكيان الاحتلال في المنطقة.

العالم مقالات وتحليلات

وبناء على ما سبق سؤال يطرح نفسه وهو ما هي الاسباب التي تحول دون تنفيذ وتطبيق مؤامرات الاعداء ضد ايران الاسلامية؟ الجواب يتمثل في امرين هما القلق من الاقتدار الذي تتمتع به الجمهورية الاسلامية الايرانية والذي يشكل عامل ردع ، الى جانب انعدام اجماع دولي ضد شعب وحكومة يتمتعان بسلاح المنطق والعقلانية قبل كل شيء.

قبل فترة وعلى اعتاب اعلام الرئيس الاميركي دونالد ترامب قراره بشأن تمديد تعليق الحظر ضد ايران، وفي مشهد من سيناريو مبيت ومثير للسخرية قام باخراجه رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو بادر الاخير بعرض ما اسماها وثائق وادلة يصل وزنها الى نصف طن، ليدعي بان ايران لازالت تواصل أنشطتها النووية والعمل للحصول على السلاح النووي رغم توقيعها على الاتفاق النووي.

ومنذ عرض تلك المسرحية الساخرة يترقب المحللون الدوليون وبناء على المزاعم الواهية التي جرى عرضها في المشهد الاول من السيناريو الصهيو اميركي، ان يشهد العالم تطورات مهمة، ذلك التكهن الذي تحول الى امر واقع لتأتي اكل هذه المؤامرة باعلام الرئيس الاميركي خروجه من الاتفاق النووي.

الرئيس ترامب اكد في تصريحاته التي تزامنت مع خروجه من الاتفاق، على ان ايران لا زالت تواصل نشاطاتها النووية المحظورة متجاهلا الرقابة التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على ايران، هذا فضلا عن انه لم يقدم اي ادلة تثبت مزاعمه سوى ما عرضه نتنياهو قبل ايام.

ترامب وخلال خطابه الذي افترض فيه مسبقا بان ايران تواصل نشاطاتها النووية، تحدث عن مخاطر وتهديدات الجمهورية الاسلامية الايرانية على المنطقة وكذلك اعرب عن قلقه حيال قدراتها الصاروخية. وفي الحقيقة فان ترامب حاول من خلال تأليب الاجواء، الايحاء بانه لا يمكن احتواء ايران النووية والصاروخية في المنطقة سوى من خلال اجراء تعديلات على الاتفاق النووي وتعزيزه ببنود اضافية تحرم ايران من قدراتها الصاروخية ولا تحد من اقتدارها الاقليمي فحسب بل تنسفه من الاساس.

ردود الفعل الدولية الفاترة حيال هذا السيناريو والموقف العقلاني الذي اتخذته ايران بشأن انسحاب اميركا من الاتفاق النووي، واعلان التزامها به شريطة تلبية مطالبها المشروعة ادى الى فرض عقوبات جديدة على بعض المسؤولين والمؤسسات الايرانية وطبعا حزب الله لنصل الى المشهد الاخير من السيناريو والذي قام بتمثيله وزير الخارجية الاميركي الجديد مايك بومبيو.

وكان بومبيو قد تحدث في كلمة له باحد مراكز الابحاث الاميركية عن الاستراتيجية الاميركية الجديدة حيال ايران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي ووضع 12 شرطا. الشروط في الحقيقة كانت تكرارا مسهبا لمزاعم ترامب ونتنياهو التي تعودت بعض الدول المعروفة بتوجهاتها المعادية لايران او بعض الدول النكرة الاعلان عن دعمها لها.

وفيما اعتبر البعض ان السياسة الاميركية الجديدة هي في الحقيقة محاولة لتغيير النظام في ايران، تلك السياسة التي لا تعتبر جديدة نظرا لان واشنطن تتبعها منذ اربعة عقود وبشتى الاشكال ولكنها باءت بالفشل دوما. راى اخرون بناء على التقارير العشرة الاخيرة التي اصدرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تؤكد التزام ايران ببنود الاتفاق النووي، رأوا انها مجرد تكرار للمزاعم السابقة ليصفوا ثلاثية نتنياهو ترامب بومبيو بانها تعبير عن "اضغاث احلام نتنياهو" في كلام ترامب.

نظرة اجمالية على تصريحات بومبيو تكشف عن انها مليئة بالتناقضات التي تشير الى ان التوصل لاي اتفاق جديد مع اميركا سيشكل بداية النهاية. وخير دليل على ذلك انه وفي هذه المزاعم تم تحديد واجبات الايام الوهمية التي ستلي التوقيع على الاتفاق على صعيد احتواء القدرات الصاروخية الايرانية وكذلك نفوذها الاقليمي بشكل صريح، لتبدا الادارة الاميركية وبشكل مبكر اللعب على وتر مسالة انتهاك حقوق الانسان في ايران، وهذا يعني ان المطالب الاميركية من ايران لن تقف عند اي حد وفي الحقيقة تكشف عن ان مشكلة اميركا والكيان الصهيوني مع ايران ليست مسالة الصواريخ او نفوذها الاقليمي بل هو اساس وجود الجمهورية الاسلامية الايرانية.

كما ان طرح مسالة مساعدة ايران لسوريا ونظامها الشرعي والذي يتم بناء على طلب من هذا البلد ويهدف لمكافحة الارهاب، يأتي في الوقت الذي قامت وتقوم اميركا وحلفاؤها الاقليميين بتسويق شتى انواع الجماعات الارهابية الى سوريا على مدى الاعوام السبعة الماضية.

على صعيد آخر نرى ان بومبيو يتحدث في العراق عن التهديد الايراني ولكنه في نفس الوقت يغض الطرف او يتغافل عن المحاولات الاميركية لاحتلال العراق من جهة ومسالة تشكيل جماعة "داعش" من قبل اميركا وحلفائها وكأن شيئا لم يحدث. كما انه يصف لبنان بانه الملجأ الآمن لحزب الله في حين ان الحزب والمقاومة حصلا على هذه المكانة من خلال الانتخابات وفي ضوء صناديق الاقتراع التي عكست توجهات ورغبة الشارع اللبناني.

الحقيقة هي ان حكومة ترامب حكومة التهديدات. وهذا السمسار توصل الى نتيجة فيما يخص المنطقة مفادها بانه مهما زاد من حجم التهديدات فانه سيحصل على امتيازات اكبر، ولكن ليس من ايران بل من دول مثل السعودية والامارات والبحرين و...

وختاما ينبغي القول انه لا اقتدار الايرانيين قابل للمساومة ولا هواجس اميركا والكيان الاسرائيلي من هذا الاقتدار لها نهاية.

ابورضا صالح 

109-2