ترامب يفكك المجتمع الاميركي بمواصلة انقلابه على الفقراء

ترامب يفكك المجتمع الاميركي بمواصلة انقلابه على الفقراء
الأحد ٠٣ يونيو ٢٠١٨ - ١٠:٠٢ بتوقيت غرينتش

اعلن محقق في الأمم المتحدة مختص بشؤون حقوق الإنسان اليوم الاحى أن الفقر في الولايات المتحدة واسع النطاق ويستفحل في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب.

العالم - الاميركيتان

ودعا فيليب الستون مقرر الأمم المتحدة بشأن الفقر المدقع وحقوق الإنسان السلطات الأمريكية إلى توفير حماية إجتماعية قوية ومعالجة المشكلات الكامنة وراء ذلك بدلا من معاقبة ومحاصرة الفقراء.

وقال في تقريره إنه على الرغم من تقليص الرعاية الإجتماعية وإمكانية الحصول على تأمين صحي فقد منح الإصلاح الضريبي الذي قام به ترامب كبار الأغنياء والشركات الكبرى مكافآت مالية غير متوقعة مما زاد من التفاوت.

الولايات المتحدة لديها أعلى معدل لفقر الشباب بين الدول الصناعية

وأضاف فيليب الستون أن السياسات الأمريكية المتبعة منذ الحرب التي أعلنها الرئيس ليندون جونسون على الفقر في الستينات كانت تتسم بالتقصير في أفضل الأحوال، وعرج قائلا: "لكن السياسات التي تم انتهاجها في العام المنصرم استهدفت عمدا إلغاء وسائل الحماية الأساسية للأكثر فقرا ومعاقبة العاطلين وجعل حتى الرعاية الصحية الأساسية امتيازا يتم اكتسابه بدلا من أن تكون أحد حقوق المواطنة.

وأفاد مقرر الأمم المتحدة بشأن الفقر المدقع وحقوق الإنسان بأن ما يصل إلى 41 مليون شخص يشكلون نحو 12.7 بالمئة يعيشون في فقر فيما يعيش 18.5 مليون في فقر مدقع ويشكل الأطفال واحدا من كل ثلاثة فقراء، مضيفا أن الولايات المتحدة لديها أعلى معدل لفقر الشباب بين الدول الصناعية.

واذا اردنا ان نفهم اسباب هذا الاندفاع من قبل الرئيس الاميركي نحو العمل من اجل توفير مصالح الاغنياء على حساب الفقراء في المجتمع الاميركي يجب ان ننظر الى شخصية الرئيس نفسه وطبيعة عائلته الى جانب القاء النظرة على الذين صوتوا له في الانتخابات الرئاسية الاخيرة.

ترامب هو رجل أعمال وملياردير أمريكي ورئيس منظمة ترامب التي يقع مقرها في الولايات المتحدة ويدير ترامب عدة مشاريع وشركات و منتجعات ترفيهية، التي تدير العديد من الكازينوهات، الفنادق، ملاعب الغولف، والمنشآت الأخرى في جميع أنحاء العالم ويعتبر ترامب الابن الرابع لعائلة مكونة من خمسة أطفال، والده فريد ترامب، أحد الأثرياء وملاك العقارات في مدينة نيويورك، وقد تأثر دونالد تأثرا شديدا بوالده، ولذلك انتهي به المطاف إلى جعل مهنته في مجال التطوير العقاري وفي عام 1968، انضم دونالد ترامب إلى شركة والده "منظمة ترامب".

ثورة الاغنياء على الفقراء

واذا نظرنا الى الاحصاءات التي جاءت بعد اعلان نتائج الانتخابات الاميركية الاخيرة ندرك حقائق اخرى تساعدنا على فهم اسباب اخرى لمواصلة ترامب انقلابه على الفقراء في اميركا.

وفي وقت كان يجمع المتابعون ان المفاجأة التي فجرها الرئيس، في وجه منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات، كانت بمثابة «ثورة المهمشين» ضد الطبقة السياسة الحاكمة، التي كانت تمثلها كلينتون، الا ان الاتجاه الحقيقي - حسب نتائج صناديق الاقتراع - اظهر بان الانتفاضة الانتخابية التي زعمها ترامب كانت في الواقع "ثورة الاغنياء على الفقراء".

وظهرت الارقام ان 35 في المئة من الناخبين بلغ معدل دخلهم السنوي اقل من خمسين الف دولار، وان 53 في المئة ممن يتقاضون اقل من 30 الف دولار سنويا، وهم الفئة الاكثر فقرا في الولايات المتحدة، اقترعوا لمصلحة الديموقراطيين وكلينتون، فيما اقترع 41 في المئة من هؤلاء لترامب والجمهوريين. كذلك منح 51 في المئة ممن يتراوح دخلهم السنوي بين 30 و55 الفا سنويا لمصلحة كلينتون، و42 في المئة منهم فقط أيدوا ترامب.

اما الفئة الاميركية الميسورة، اي، ثلثا الناخبين الاميركيين، فهم رجحوا كفة الانتخابات لمصلحة ترامب والجمهوريين. وجاء في البيانات الانتخابية ان نصف من يترواح دخلهم بين 50 و100 الف دولار سنويا صوتوا لترامب، فيما اقترع 46 في المئة من هؤلاء لكلينتون. اما في فئة 100 الى 200 الف دولار، وهم يشكلون النخبة الاميركية وربع اجمالي الناخبين، فاقترع 48 في المئة منهم لترامب، و47 في المئة لكلينتون.

وتفوق ترامب بنقطة مئوية، 49 مقابل 48 في المئة، لدى الفئة التي تتقاضى 200 الى 250 الف سنويا، وهؤلاء شكلوا 4 في المئة من الناخبين. اما من يجنون اكثر من ربع مليون دولار سنويا، فشكلوا 6 في المئة من اجمالي الناخبين، واقترعت غالبيتهم لترامب بواقع 48 في المئة مقابل 46 في المئة لكلينتون.

هذه الارقام تظهر بوضوح ان غالبية فقراء أميركا اقترعوا لكلينتون والحزب الديموقراطي، فيما اقترعت غالبية الاغنياء لترامب وحزبه الجمهوري، وهو ما فسّر تمسك الرئيس باراك أوباما وحزبه الديموقراطي بقانون الرعاية الصحية، واصرار الجمهوريين على نسفه، اذ اعتقد الجمهوريون ان اموال ضرائبهم تمول علاج الاقل دخلا، وهم يرفضون ذلك، ويصرون على «حرية الاستشفاء» عن طريق الشركات الخاصة.

وكان زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل افتتح مؤتمره الصحافي، أنذاك بالقول ان المشروع الاول على جدول اعمال الكونغرس المقبل سيكون نسف قانون الرعاية الصحية الذي أقرّه أوباما على الرغم من ان خطوة من هذه النوع نزع الضمان الصحي عن حوالي 25 مليون أميركي.

اذا نظرنا الى الاسرة الثرية التي ترعرع فيها الرئيس الاميركي وبما يملكه من ثروات هائلة في شتي مجالات الاقتصاد الى جانب طبيعة الذين صوتوا لصالحه اى المكونات الاميركية الثرية نفهم اسباب تمادي الرئيس الاميركي لتوفير المصالح الاقتصادية لصالح الاثرياء على حساب الفقراء في المجتمع الاميركي الامر الذي ينذر من حدوث مزيد من الشرخ والهوة بين الطبقات ومكونات المجتمع الاميركي ويهدد وجودها في المستقبل.

محمد امين الجرجاني

6