بلاء أو بركة !... "ايكاترينبرغ" تحت الحصار والسبب: كأس العالم!!

بلاء أو بركة !...
الثلاثاء ١٢ يونيو ٢٠١٨ - ٠٧:٥٥ بتوقيت غرينتش

اختارت روسيا "إيكاترينبرغ" كواحدة من المدن المستضيفة لبطولة كأس العالم 2018، نظراً لجمالها وأهميتها في أوروبا، ويكفي أن "اليونيسكو" منحتها لقب المدينة المثالية،

العالم - منوعات

وهي منطقة مليئة بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز ومناجم الذهب، كما تمتلك كميات هائلة من الزمرد. تبعدُ إيكاترينبرغ عن العاصمة موسكو حوالي 1417 كلم، وهي رابع أكبر المدن الروسية.

لمحة وتاريخ 

أنشئت مدينة "إيكاترينبرغ" في عام 1723 وسُميت على اسم زوجة الإمبراطور الروسي السابق بيتير العظيم، والتي كان اسمها إيكاتيرينا.

تبلغ مساحتها حوالي 495 كلم مربعاً، ويبلغ عدد سكانها نحو مليون و488 ألف نسمة، تُعتبر المدينة واحدة من ثلاث مدن تطورت على الصعيد الصناعي كثيراً في روسيا، كما تُعتبر مقر المنطقة العسكرية المركزية.

وتتميز المدينة بأنها قريبة من قارة آسيا، لذلك نالت اسم "نافذة آسيا" مثل مدينة سانت بطرسبرغ التي حصلت على لقب "نافذة أوروبا".

في نهاية القرن الـ 19 أمست مدينة "إيكاترينبرغ" واحدة من المدن التي شهدت الحركات الثورية، وفي عام 1924 بعد أن أصبحت روسيا دولة اشتراكية أمسى اسم المدينة "سفيرلدلوفسك" بسبب قائد الاشتراكية ياكوف سفيردلوف.

ومع انتهاء عصر الاتحاد السوفياتي في عام 1991 استعادت المدينة اسمها التاريخي "إيكاترينبرغ" وأصبحت اليوم واحدة من أقوى المدن الاقتصادية في أوروبا.

تصل درجات الحرارة في مدينة "إيكاترينبرغ" خلال شهر حزيران / يونيو إلى حوالي 23 درجة كحد أقصى ونحو 17 أو 12 درجة كحد أدنى، وتاريخياً سجلات معدلات نادرة مثل 35 درجة كحد أقصى ودرجة واحدة كحد أدنى.

أما في شهر تموز / يوليو فتصل درجات الحرارة إلى حوالي 24 كحد أقصى و19 أو 14 كحد أدنى.

المعالم السياحية

كما سائر المدن الروسية تحتضن "إيكاترينبرغ" الكثير من المعالم السياحية المُميزة التي تجذب السياح من مختلف دول العالم. بدايةً بكنيسة جميع القديسين المعروفة بكنيسة الدم والتي دُمرت أكثر من مرة قبل أن يتم افتتاحها مجدداً في عام 2000.

وهناك "بركة السد" المطلة على نهر "إيسيت"، ولا يمكن الوصول إلى المدينة دون زيارة متحف "إيكاترينبرغ" للفنون الجميلة الذي أسس في عام 1936.

ومن المعالم السياحية البارزة في المدينة هو "البيت المائل" الذي بُني في عام 1900، في بداية الأمر يبدو منزلاً عادياً لكن عند دخوله يظهر الميلان بشكل واضح لحدود 80 درجة تقريباً. 

وهناك ساحة "غودا 1905" وهي من أقدم الساحات في المدينة. ويوجد في المدينة أيضاً متحف "بوريس يلتسين"، قصر "راستورغيف-خاريتونوف"، بيت "سيفاستيانوف" وهو من أجمل المباني الأثرية في المدينة.

وسائل النقل

كونها مدينة اقتصادية قوية، تملك "إيكاترينبرغ" شبكة مواصلات متطورة تضمن مختلف وسائل النقل، والتي ستُسهل تنقل الجماهير خلال كأس العالم بشكل كبير. هناك شبكة "الميترو"، نظام الحافلات، نظام "حافلات الترولي"، نظام "الترام"، نظام القطار وطبعاً المطار الدولي.

بدايةً من شبكة "الميترو" التي تمتد على مسافة 12,7 كلم ويتوزع عليها تسع محطات تمتد على طول خط واحد، وهناك نظام "الترام" الذي يمتد على مسافة 78 كلم وفيه 30 خطاً يغطي المدينة بأكملها.

وهناك نظام "حافلات الترولي" الذي يتوزع على عشرة خطوط في المدينة، في حين أن نظام "الحافلات" يضم 51 خطاً وأخيراً هناك نظام القطار الذي يضم 15 خطاً.

الملعب "المركزي"

هو أصغر ملاعب مونديال روسيا 2018، حيثُ يتسع لحوالي 35,696 متفرجاً على أن تُصبح سعته بعد نهاية كأس العالم حوالي 23 ألف متفرج. بُني الملعب في عام 1957 وأعيد تشييده مرتين بين أعوام 2006 و2011 وثم من 2014 حتى 2017 تحضيراً للبطولة الرياضية الكبيرة.

سيحتضن الملعب "المركزي" في "إيكاترينبرغ" أربع مباريات في دور المجموعات فقط، حيثُ يلعب المنتخب المصري مع الأوروغواي، وتواجه فرنسا منتخب بيرو، كما وتلعب اليابان مع المنتخب السنغالي وأخيراً تواجه المكسيك المنتخب السويدي.

هو أصغر ملاعب مونديال روسيا 2018، حيثُ يتسع لحوالي 35,696 متفرجاً على أن تُصبح سعته بعد نهاية كأس العالم حوالي 23 ألف متفرج. بُني الملعب في عام 1957 وأعيد تشييده مرتين بين أعوام 2006 و2011 وثم من 2014 حتى 2017 تحضيراً للبطولة الرياضية الكبيرة.

سيحتضن الملعب "المركزي" في "إيكاترينبرغ" أربع مباريات في دور المجموعات فقط، حيثُ يلعب المنتخب المصري مع الأوروغواي، وتواجه فرنسا منتخب بيرو، كما وتلعب اليابان مع المنتخب السنغالي وأخيراً تواجه المكسيك المنتخب السويدي.

ولكن القصة تبدأ من هنا ...

تشديد الإجراءات الأمنية

في أحد الأيام الباردة بشهر فبراير/شباط 2018، وجد سكان أحد المجمعات السكنية في مدينة إيكاترينبرغ، التي ستقام فيها بعض مباريات كأس العالم لكرة القدم، أنفسهم فجأة، معزولين عن الطرق الرئيسية ومساحات وقوف السيارات.

وقد أقيم سياج أمني حديدي يفصلهم عن الاستاد الذي ستقام عليه 4 مباريات في البطولة التي ستستغرق شهراً كاملاً.

ويمتد الحاجز، الذي أقيم بارتفاع 3 أمتار، إضافة إلى كاميرات مراقبة تلفزيونية، عبر عدة مجمعات سكنية، وسيظل قائماً حتى أغسطس/آب 2018، رغم أن البطولة نفسها ستنتهي في 15 يوليو/تموز 2018.

كما منعت الشرطة الروسية السكان من استخدام شرفات منازلهم، وحظرت عليهم فتح النوافذ أو الوقوف بجوارها في أيام إقامة المباريات؛ تجنباً لاستهدافهم بالخطأ من جانب قناصة الشرطة على اعتبار أنهم مهاجمون محتملون.

ويعيش المقيمون في مبنى 27 بشارع "كريلوفا"، وهي بنايةٌ مؤلفةٌ من 12 طابقاً مطليّة باللون البني بدرجتيه الفاتح والغامق مع سقف أحمر، على مسافة قريبة للغاية من الاستاد، لدرجة أنه يمكنهم رؤية المشجعين في المدرجات من نوافذ منزلهم.

وتقول إيلينا مورمول، وهي واحدة من سكان هذه البناية: "نعيش الآن خلف الأسوار، كأننا في حديقة حيوانات. مدخل البناية التي أسكن بها أصبح تحت الحصار".

وتقول إنه لم يعد بإمكانها أن تذهب بابنها الذي يعاني إعاقة إلى المستشفى؛ لأنه أصبح ممنوعاً عليها استخدام الشريط الضيق من الرصيف الذي خصصته السلطات للوصول إلى الطريق. كما تأثرت أيضاً خدمات التوصيل للمنازل.

ولم تخلق الإجراءات الأمنية المكثفة مشكلات في إيكاترينبرغ فحسب؛ بل إن سكاناً في مدن أخرى ستستضيف مباريات كأس العالم يقولون إن تلك الإجراءات مربكة بشكل كبير، ولا تراعي مصالح المواطنين العاديين.

ويقول يفجيني شيرنوف، الذي يدير محلاً لبيع الأدوات الرياضية في البناية نفسها، التي يقع مدخلها تحت الحصار: "اتضح أن كل ما تم اتخاذه من إجراءات لا يراعي صالح المشجعين أو السكان… ولكن لكي يقول المسؤولون إنهم أدّوا ما عليهم".

يكمل شيرنوف: "لَم يضعنا أحد في حسبانه عند القيام بهذه الإجراءات. في بلدنا ليس هناك حاجة للناس أو الأفكار، المواطنون عليهم فقط دفع الضرائب، وأن يوافقوا على كل شيء وهم صامتون".

وقال تشيرنوف إن إيراداته انخفضت إلى أكثر من النصف؛ لصعوبة وصول الزبائن إلى المحل؛ بسبب السياج. وخلال المقابلة، لم يدخل المحل أي مشترٍ.

ولم تردَّ وزارة الداخلية الروسية في موسكو أو فرعها بمقاطعة سفردلوفسك التي تضم إيكاترينبرغ أو اللجنة المحلية المنظِّمة لكأس العالم على طلبات التعقيب على تلك المسألة إلا في وقت متأخر.

إجراءات أمنية خاصة

وأصبحت إيكاترينبرغ، التي تضم نحو 1.5 مليون نسمة وتبعد 1500 كيلومتر شرق موسكو، خاضعة تماماً لسيطرة قوات أمنية خاصة مثل غيرها من المدن العشر الأخرى التي ستقام بها مباريات في البطولة.

وتقول السلطات إن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز أمن المشجعين وتقليل احتمالات وقوع هجمات، مشيرة إلى أن ما يترتب عليها من إزعاج هو أمر مؤقت.

وحظرت السلطات استخدام الطائرات اللاسلكية (الدرون) خلال مدة البطولة، كما شددت من القوانين الصارمة بالأساس والتي تنظم أمور الاحتجاجات العامة، ومنعت تنظيم حفلات الشواء، كما علَّقت مبيعات الأسلحة الشخصية والبنادق طوال فترة كأس العالم.

وقالت مسؤولة في شركة سياحة قريبة من المقاطعة، إن السلطات حاولت إقناعها مع عدد من الشركات الأخرى بالإغلاق في أيام إقامة المباريات.

وأضاف تاتيانا ستراخينا: "لن نغلق أبوابنا؛ فنحن شركة سياحية، وهذه الفترة هي ذروة نشاطنا. من سيعوضنا (عن أي خسائر)؟".

وقالت إن الاستعدادات لكأس العالم وأعمال الإنشاءات في الاستاد زادت من صعوبة أن يجد الزبائن مكاناً لإيقاف سياراتهم في موقع قريب من الشركة، وغالباً ما تعرضت سيارات الزبائن للسحب بعيداً من جانب الشرطة، مضيفة أن الشركة تبحث عن مقر جديد لها بسبب ما حدث.

وستزداد صعوبة سفر السكان المحليين إلى الخارج خلال البطولة؛ إذ قال مسؤولون في المطار ووكلاء سفر إن رحلات الطيران العارض سيعاد توجيهها لتهبط في مطار تشيليابينسك الذي يبعد 200 كيلومتر بدلاً من المطار المحلي لـ4 أيام في الأسبوع على الأقل.

وسيحتاج سكان 52 بناية سكنية تقع في المحيط الأمني بالقرب من استاد إيكاترينبرغ لتصريح خاص باستخدام سياراتهم؛ للتحرك في موعد إقامة المباريات نفسه. أما من يقع مقر عمله في المنطقة، لكنه لا يسكن فيها، فيلزم عليه استخدام المواصلات العامة.

ويقول المقيمون في 27 شارع كريلوفا، إنهم خضعوا للتدقيق في هوياتهم الشخصية على مدار عدة أشهر.

ويقول ديمتري شيفنين إن السكان قلقون من فكرة المعاناة في الوصول لمنازلهم خلال البطولة، بينما ذكرت مورمول إن الشرطة أعطت تعليمات صارمة إزاء ما يلزم تجنبه خلال البطولة.

وأضافت: "قام رجال الشرطة في المنطقة بالمرور على جميع الشقق، محذرين جميع السكان من الوقوف في شرفات المنازل خلال إقامة المباريات، وحذرونا أيضاً من فتح النوافذ أو استخدام النظارات المقربة؛ لأن القناصة (التابعين للشرطة) سيعملون في هذه المنطقة".

لكن الاستياء بسبب تعزيز الإجراءات الأمنية لا يشمل الجميع.

وتقول يوليا نيكولاييفا، التي تعيش مع ابنتها في البناية نفسها الواقعة تحت الحصار: "هناك المزيد من النظام الآن، والأمور أصبحت أكثر هدوءاً".

ويبدو من ذلك أن كأس العالم له وجه مغاير تماماً عن الأجواء الاحتفالية التي تعرضها القنوات والمواقع التابعة للحكومة الروسية؛ إذ يعاني آلاف المواطنين من السياسات الأمنية التي تنتهجها الحكومة الروسية في ظل تعتيم إعلامي.  

120