ما هی اسباب اقامة مؤتمر بالبحرين حول حُكم آل خليفة في قطر؟

ما هی اسباب اقامة مؤتمر بالبحرين حول حُكم آل خليفة في قطر؟
السبت ٣٠ يونيو ٢٠١٨ - ٠٤:٣٢ بتوقيت غرينتش

ينظم مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" مؤتمرا بعنوان "حُكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر.. التاريخ والسيادة"، بحضور ومشاركة عددا من أكاديميين وباحثين ومتخصصين ومهتمين، في مجالات الفكر والتاريخ والثقافة.

العالم - أسیا

ويتضمن المؤتمر 3 جلسات متخصصة، لمناقشة 3 محاور رئيسية، الأول حول "الزبارة عاصمة آل خليفة في شبه جزيرة قطر وجُزر البحرين"، أما المحور الثاني، فيتحدث عن "التمرد على شرعية آل خليفة في شبه جزيرة قطر"، والثالث سيكون بعنوان "العدوان القطري على الديبل في عام 1986".

ويتناول المؤتمر حقبة زمنية مهمة من تاريخ منطقة الخليج الفارسي، وهي حكم آل خليفة وسيادتهم على شبه جزيرة قطر، منذ بداية إنشاء دولة آل خليفة في الزبارة عام 1762.

وقال رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة إن المؤتمر سوف يصدر عنه توصيات ختامية بشأن ما سوف يتم استعراضه من أحداث وشواهد، ليستكمل بذلك بعدا أصيلا لحقيقة الأوضاع، لا سيما بعد تنظيم منتدى "دراسات" (قطر عراب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط) وتدشين كتاب (العدوان القطري على الديبل عام 1986).

وأوضح أن المؤتمر يمثل إضافة جديدة لتناول وقائع تاريخية ثابتة ما زالت تداعياتها قائمة حتى الآن، وذلك من خلال مناقشة رصينة وطرح موضوعي.

وأشار رئيس مجلس أمناء مركز "دراسات" إلى أن المؤتمر يستعرض العديد من الأحداث التاريخية في تلك الفترة الثرية بالوقائع، والتي لم تنل حقها من البحث والاهتمام وذلك مثل "نسب عشيرة آل خليفة وارتحالها من شبه الجزيرة العربية إلى شبه جزيرة قطر، وتأسيس دولة آل خليفة، بعد مبايعة قبائل المنطقة لآل خليفة، والتحالفات القائمة آنذاك.

ومدينة الزبارة مدينة قطرية تاريخية تقع في بلدية الشمال.. سميت بهذا الاسم بسبب ارتفاع أرضها فيقال لها الزبارة أي الأرض المرتفعة ويقال كذلك أنها سميت بالزبارة نسبة لأهالي الزبير الذين وفدو إليها من جنوب العراق حيث حل الطاعون بهم.

التاريخ

في عام 1188هـ/1774م وصل من القرين مرورا بالبحرين والإحساء الشيخ أحمد بن رزق الخالدي (ابن رزق) وكان العتوب في ذلك العام يسكنون بلدة فريحة القريبة من الموقع الذي تأسست عليه بلدة الزبارة، والتي أسسها أمير العتوب الشيخ محمد بن خليفة العتبي (جد آل خليفة حكام البحرين حاليا) سنة 1182هـ/1768م وسكن في قلعة مرير، فتشاور ابن رزق مع خليفة العتبي بخصوص موضوع تأسيس الزبارة فوافق أمير العتوب فباشر ابن رزق في تاسيس مدينة الزبارة، ولم يحاول آل مسلم حكام قطر آنذاك منع العتوب من سكن الزبارة واتخاذها مقرا لهم رغم تجربتهم السابقة معهم، وسبب ذلك للعلاقة الطيبة بين آل خليفة وبني خالد حكام شرق الجزيرة والإحساء الذين يهابهم آل مسلم. إلا أنهم ألزموهم بدفع إتاوة سنوية لهم.

وقد هاجر العديد من تجار البصرة إلى الزبارة إثر طاعون الكوليرا الذي حلّ بها وبالزبير سنة 1187هـ/1773م، فساعد ذلك على سرعة نمو المدينة الجديدة وتركزت فيها تقريباً تجارة اللؤلؤ والتجارة عامة بين شرق الجزيرة العربية والهند خلال هذه الفترة والفترة اللاحقة امتدت المنازل والقصور إلى خارج الأسوار وبنى سور آخر حول المدينة الجديدة يبلغ طوله حوالي 2 كيلومتر يتخلله عشرون برجاً (نصف دائري) كما تم حفر القناة التي كانت تصل بين البحر وأطراف قلعة مرير، وشيدت عدة قلاع حول الزبارة في الفريحة وليشا وحلوان وعين محمد وركيات وأم الشول والثغب، حيث بلغت أوج ازدهارها في حكم خليفة بن محمد. وكان من أشهر سكانها الذين ذكرهم الشيخ عثمان بن سند البصري مؤلف مخطوطة سبائك العسجد، وهم آل جامع وابن فيروز وآل العباسي (باش اعيان) وغيرهم.

الاختلاف بين قطر والبحرين على الزبارة

الخلاف الحدودي البحريني القطري 1937-2000 يعود تاريخه إلى عام 1937 حينما هاجمت القوات القطرية منطقة الزبارة التي كانت تابعة للبحرين، والواقعة ضمن شبه الجزيرة القطرية في الناحية الشمالية الغربية منها. ووفقا للبحرين، فإن قطر لم تكتف بانتزاع الزبارة المقر الأصلي لآل خليفة الأسرة الحاكمة في البحرين، بل سعت للسيطرة على مجموعة جزر حوار وفشت الديبل وجزر أخرى صغيرة تابعة للبحرين تشكل في مجموعها ثلث مساحة البحرين.

وفي عام 1937 تدخلت بريطانيا التي كانت تفرض حمايتها على أجزاء واسعة في الشاطئ الشرقي لشبه الجزيرة العربية في النزاع بين قطر والبحرين وتمت تسوية النزاع وترسيم الحدود بينهما.

ذروة الخلاف و التوسط السعودي

وفي أبريل (نيسان) 1986 أنزلت قطر قواتها على جزيرة فشت الديبل البحرينية (وفشت هي كلمة فارسية تعني الأراضي المغمورة بالمياه) والتي تقع إلى الشمال شرق من جزيرة البحرين الرئيسية، حيث احتجزت 29 من الموظفين وعمال البناء الذين كانوا يعملون في إنشاء مخفر لشرط السواحل.

وتدخلت السعودية، حيث أدت وساطتها للإفراج عن المحتجزين بعد 17 يوما وواصلت وساطتها لاحتواء الخلاف.

وفي فترة لاحقة نجحت السعودية في تشكيل لجنة ثلاثية برئاسة الملك فهد بن عبد العزيز وعضوية كل من أمير البحرين السابق الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وأمير قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني هدفها البحث عن حل ودي للخلاف.

وفي عام 1987 وافق الطرفان بشكل مبدئي على إطار مبادئ للحل اقترحته السعودية، والذي نص على أنه أذا لم تنجح المفاوضات بين الطرفين للتوصل إلى اتفاقية شاملة لتسوية الخلاف يقوم الطرفان باجراء مفاوضات لاحقة لتقرير أفضل السبل للوصول إلى تسوية عن طريق القانون الدولي.

فشل الوساطة السعودية

وتقول البحرين انه في عام 1990 استغلت قطر القمة الخليجية التي عقدت في الدوحة لبحث مسألة غزو الكويت ونجحت في انتزاع توقيع البحرين على اتفاق بناء على المبادئ التي اقترحها الملک السعودي والذي بموجبه اتيحت الفرصة أمام السعودية لإيجاد حل للنزاع الحدودي بين البلدين على أن يسمح لكلا الطرفين برفع النزاع إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا.

محكمة العدل الدولية

وفي 8 يوليو (تموز) 1991، متسلحة بهذا الاتفاق ودون الإعلان رسميا عن فشل الوساطة السعودية، توجهت قطر بشكل منفرد إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا، وهي أعلى سلطة قضائية في إطار منظمة الأمم المتحدة، وطالبت المحكمة تأييد رغبتها في إعلان السيادة القطرية على جزر حوار وجزيرتي فشت الديبل وقطعة جرادة وإعادة ترسيم الحدود البحرية الفاصلة بين قيعان الأراضي والمياه اللاصقة لها والعائدة لكل من قطر والبحرين.

اشتداد النزاع

وفي عام 1992 اشتد الخلاف بين الطرفين عقب إعلان أمير قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني قرارا يقضي بتحديد حدود المياه الاقليمية لبلاده بـ44.4 كيلومتر، مما عنى شمول حوالي 10 جزر واقعة تحت السيادة البحرينية ضمن الحدود القطرية.

وحددت محكمة العدل الدولية تاريخ 28 سبتمبر (أيلول) 1992 لتقديم قطر وثائقها إلى المحكمة، كما حددت اليوم التالي 29 سبتمبر (أيلول) 1992 موعدا لتقديم البحرين وثائقها.

انتهاء الخلاف

في يوليو (تموز) 1994 أصدرت المحكمة الدولية حكما حول الخلاف القائم بشأن اختصاصها وقبولها النظر في قضية تحديد الحدود البحرية والمسائل الإقليمية بين الدولتين، حيث قبلت المحكمة الصيغة البحرينية المطالبة بالنظر في جميع نقاط الخلاف التي أصبح عددها خمس نقاط وهي:

1 ـ جزر حوار 2 ـ فشت الديبل وعين جرادة 3 ـ خطوط أساس الأرخبيل 4 ـ الزبارة 5 ـ هيرات اللؤلؤ ومصائد الأسماك السابحة وغيرها من المسائل ذات العلاقة بالحدود البحرية. وحددت المحكمة تاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1994 موعدا نهائيا لتقديم الطرفين جميع نقاط الخلاف الخلاف وجوانبه للمحكمة، بعد أن صرفت هذه النظر نهائيا عن الطلب القطري المنفرد. وفي أبريل (نيسان) 1998 قدمت البحرين طعنا باثنتين وثمانين وثيقة قدمتها قطر للمحكمة، على أساس أنها وجدت مزورة من حيث الأختام والأحبار ونوعية الأوراق المستخدمة والتي قدمتها قطر لتدعيم قضيتها ضد البحرين.

وفي فبراير (شباط) 1999 سجلت المحكمة رسميا تخلي قطر عن الوثائق التي ثبت أنها مزورة.

وفي 29 مايو (أيار) 2000 بدأت المرافعات الشفهية للقضية بلاهاي.

وفي يونيو (حزيران) 2000 انتهت المرافعات الشفهية للطرفين أمام المحكمة الدولية، بانتظار صدور الحكم.

أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي حكما ملزما وغير قابل للاستئناف بشأن النزاع الحدودي بين قطر والبحرين الذي استمر قرابة خمسين عاما. فقد أعلنت المحكمة بأن دولة قطر لها السيادة على الزبارة وجزيرة جنان وحد جنان وفشت الدبل. كما حكمت للبحرين بالسيادة على جزر حوار وجزيرة قطعة جرادة. وحكمت بأن يكون لسفن قطر التجارية حق المرور السلمي في المياه الإقليمية للبحرين الواقعة بين جزر حوار والبر البحريني.

وقد صدر الحكم عقب قراءة المحكمة للحيثيات التي استندت إليها في إصدار حكمها، وقد استغرق ذلك عدة ساعات. وبذلك أسدل الستار على أطول نزاع قضائي أمام محكمة العدل في قضية الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين. وكانت المحكمة أعلنت أنها ستصدر حكما نهائيا لا يجوز الطعن فيه أو الاحتجاج عليه من أي من الطرفين.

الموقع

تقع مدينة الزبارة على الشاطئ الشمالي الغربي لقطر، وتبعد عن مدينة الدوحة بحوالي 105كم، يحوي الموقع خرائب مدينة الزبارة بقصورها ومنازلها ومخازنها وهي مقامة على أرض سبخة، وتمتد فوق مساحة تبلغ حوالي 60 هكتاراً داخل الأسوار التي تحيط بالمدينة من جهاتها الثلاث (الجهة الرابعة مفتوحة على البحر)، يتخللها (20 برجاً) أقيمت على مسافات غير متساوية تتراوح ما بين 90 و115 متر.

تشرف على المدينة قلعة الزبارة الحديثة شيدت عام 1938 م تقريباً لتحل مكان القلعة السابقة التي كانت قد أقيمت بالقرب منها، وهي تتصل بالمدينة بسورين تتخللهما أبراج، ويشكل السوران ممراً عرضة حوالي 400م من جهة السور الخارجي للمدينة يضيق عند التقائه بالقلعة القديمة.