الهجرة والإرهاب .. ملفات شائكة تتصدر القمة الأفريقية بنواكشوط

الهجرة والإرهاب .. ملفات شائكة تتصدر القمة الأفريقية بنواكشوط
الأحد ٠١ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:٢٦ بتوقيت غرينتش

تستضيف العاصمة الموريتانية نواكشوط يومي الأحد والإثنين (الأول والثاني من يوليو) القمة العادية الحادية والثلاثين للاتحاد الأفريقي، التي سيشارك فيها حوالي 40 رئيس دولة أفريقية وتستمر لمدة يومين.

العالم - افريقيا

فما هي رهانات هذه القمة في ظل الأزمات التي تعصف بالقارة السمراء والتحديات التي تواجهها القارة وأولها معضلة الهجرة غير الشرعية وما حظوظ نجاح خطة إصلاح الاتحاد الأفريقي التي سيقترحها رئيس رواندا بول كاغامي؟

وقد تواصل توافد القادة الأفارقة على موريتانيا استعدادا للمشاركة فى الاجتماعات، وكان فى استقبالهم فى مطار نواكشوط الدولى الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز أمس.

ويبحث المشاركون في قمة نواكشوط تعزيز التضامن في القارة السمراء والوضع في ليبيا و التجارة الحرة وميزانية الإتحاد الأفريقي والحرب الأهلية في جنوب السودان وقضية الصحراء الغربية التى يرفرف علمها للمرة الأولى فى نواكشوط بمناسبة القمة، وتمكين المرأة وقضايا الفساد والهجرة غيرالشرعية إلي أوروبا والتنمية.

وعشية القمة، عقد مجلس السلم والأمن الأفريقي اجتماعاته مركزا على الوضع في جنوب السودان، حيث حذّر رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي من خطورة الوضع، مطالبا باتخاذ إجراءات سريعة ورادعة ضد منتهكي اتفاق وقف إطلاق النار.

كما شهدت نواكشوط أمس السبت أعمال لقاء أفريقي أوروبي لبحث "تمكين المرأة في أفريقيا"، بحضور الرئيسين النيجيري محمد بخاري، والرواندي بول كاغامي، إضافة إلى ممثلين على مستوى وزراء دول الاتحاد الأفريقي.

افتتح اللقاء بكلمة لكاغامي قال فيها إن "تمكين المرأة شكل موضوعا أساسيا لقمم الاتحاد الذي ظل يعتمد الإعلان الموحد للمساواة بين الجنسين منذ 2004"، مؤكدا أن الدول الأفريقية حققت الكثير في هذا الخصوص، لكن ما زال ينقصها الكثير لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.

 

الهجرة غيرالشرعية

وتأتي هذه القمة في وقت كثر فيه الجدل حول أزمة المهاجرين الذين يعبرون الصحاري للوصول إلى أوروبا. ويشارك الرئيس الفرنسي للمرة الأولى في هذه القمة كونه يسعى، مع مسؤولين أوروبيين آخرين، إلى إقناع بعض الدول الأفريقية بقبول فكرة فتح مراكز لإيواء وفرز المهاجرين الذين يعبرون منطقة الصحراء، على أراضيها.

ويعتبر ملف الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها بعض الدول الأفريقية نفسها مثل الجزائر والمغرب وليبيا التي يقصدها عشرات الآلاف من المهاجرين، الذين يعبرون الصحراء الكبرى أملا في الوصول إلى أوروبا, من بين القضايا التي سيناقشها المشاركون في قمة نواكشوط.

وستكون الجزائر والمغرب في طليعة البلدان التي ستطلب من بعض الدول الأفريقية الجارة بذل جهود أكثر من أجل ضبط حدودها ومنع عشرات المهاجرين من التدفق إليها.

كما سيناقش المشاركون فكرة إيمانويل ماكرون القاضية بفتح مركز إيواء وفرز المهاجرين في أراضي بعض دول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل علما أن الجزائر والمغرب، واجهتا لحد الآن، المبادرة الفرنسية بالرفض.

وسينضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سيبدأ غدا الإثنين جولته الي القارة السمراء لمدة ثلاثة أيام، يشارك خلالها في القمة الإفريقية في نواكشوط ويبحث جهود مكافحة الإرهاب في الساحل قبل أن يتوجه إلى نيجيريا.

 

المشاركين في القمة والغائبين عنها

ومن بين الرؤساء الأفارقة الذين تأكد حضورهم في قمة نواكشوط, رؤساء مالي والنيجر والسينغال وغامبيا وبوركينافاسو وتشاد والجمهورية الصحراوية، إضافة الى رؤساء حكومات الجزائر وأنغولا والسودان.

فقد تأكد غياب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه لأسباب صحية, كما تأكد أيضا غياب الرئيس الصومالي عن القمة، حيث وصل نواكشوط رئيس وزرائه علي حسن خيري، لترأس الوفد الصومالي في القمة.

وكشف مصدر دبلوماسي مطلع، أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي سيقود وفد بلده المشاركة في قمة الاتحاد الإفريقي من أجل كسب الدعم لمبادرته حول ليبيا.

وقال المصدر حول مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة أنه "لا مؤشرات تؤكدها رغم أن العلاقات بين القاهرة ونواكشوط تعيش ازهى عصورها" وأضاف المصدر "سامح شكري رفض تأكيد او نفي مشاركة السيسي، ربما اعتبارا لأن تحركات السيسي في إفريقيا خاصة تتم في آخر اللحظات… وهناك قصة محاولة الاغتيال التي كانت ستستهدف السيسي قبل عامين في موريتانيا وهو ما دفعه إلى إلغاء مشاركته في القمة العربية آنذاك ربما ان جميع الترتيبات تمت لاستقباله".

وبخصوص مشاركة الملک المغربي محمد السادس في القمة، قال المصدر "كانت هناك تأكيدات قوية على مشاركته، بعد أن تحسنت العلاقات بين البلدين وإصرار المغرب على المشاركة في جميع الاجتماعات الافريقية بوفود هامة، لكن ادراج قضية الصحراء ضمن جدول اجتماع القمة، دفع الرباط الى تخفيض مستوى مشاركتها الذي لن يزيد عن وزير الخارجية".

ويغيب عن القمة الحادية والثلاثين للاتحاد الإفريقي في العاصمة الموريتانية نواكشوط رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أوفد وزير خارجيته رياض المالكي ممثلا شخصيا له للمشاركة في القمة.

وكان محمود عباس قد حضر قمة الاتحاد الإفريقي يناير الماضي في أديس بابا، وكان الرئيس الوحيد غير الإفريقي الذي منح خطابا أثناء القمة.

وكما ذكر سابقاَ سيشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القمة الإفريقية في نواكشوط ويبحث جهود مكافحة الإرهاب في الساحل قبل أن يتوجه إلى نيجيريا.

محاربة الإرهاب

أما سبل محاربة الإرهاب والجماعات الإرهابية لا سيما في ليبيا وشمال مالي ودول مجاورة أخرى, هو ملف آخر يبحثه المشاركون في القمة الأفريقية.

وحسب ماأعلن مجلس السلم والأمن الافريقي أن الإرهاب والتطرف العنيف اللذين يستمدان تمويلهما من موارد الجريمة المنظمة العابرة للأوطان بمختلف أشكالها بما فيها المتاجرة بالمخدرات والاتجار بالبشر والأسلحة يمثلان "أكثر تهديدات السلم والأمن والاستقرار خطورة" في القارة الافريقية. 

الاتحاد الإفريقي عبر التاريخ

أسست منظمة الوحدة الأفريقية في 1963 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بعضوية ٣٠ بلدا، بهدف توحيد الشعوب الأفريقية وبعث روح التضامن بينها بعد محاولات سابقة انطلقت بسلسلة اجتماعات في غانا عام ١٩٥٨.وهي تضم حاليا جميع الدول الأفريقية (55 دولة) المعترف بها دوليا. وكان يطلق عليها اسم "منظمة الوحدة الأفريقية "لكن في العام 2002 غيرت اسمها وتحولت إلى "الاتحاد الأفريقي".

١٩٨٤- المغرب ينسحب من منظمة الوحدة الإفريقية بعد اعترافها بالجمهورية الصحراوية وقبولها عضوا في المنظمة

١٩٩٤ - انضمام جنوب إفريقيا إلى منظمة الوحدة الإفريقية بعد إلغاء نظام التمييز العنصري بشكل تام

١٩٩٩ - قمة سرت تقر تطوير العمل الإفريقي المشترك بإنشاء الاتحاد الإفريقي

٢٠٠٢ - تأسيس الاتحاد الإفريقي في قمة دربان بجنوب إفريقيا

٢٠٠٣ - استكمال مؤسسات الاتحاد الإفريقي في قمة مابوتو في الموزمبيق باستحداث مفوضية وبرلمان ومجلس للسلم والأمن

٢٠٠٥ - انطلاق العمل بنظام العقوبات على أي دولة عضو تتمسك فيها السلطة الحاكمة بانتهاك أحكام الدستور بتعليق عضوية توغو

٢٠١٧- المغرب ينضم مجددا للاتحاد الإفريقي، بعد مصادقة برلمانه على ميثاق الاتحاد الإفريقي ودعم ٤٠ بلدا لطلب عودته

٢٠١٨- إنشاء منطقة اقتصادية حرة في قمة كيغالي،

وفي مارس/آذار الماضي، صادقت 44 دولة أفريقية على قرار بإنشاء منطقة التجارة الحرة القارية بالقمة الأفريقية الاستثنائية التي استضافتها العاصمة الرواندية كيغالي.

ووصف مفوض الاتحاد الإفريقي للتجارة والصناعة، البرت موتشانغا، منطقة التجارة الحرة في إفريقيا بأنها فكرة ممتازة، غير إنها بحاجة للكثير من التكوين والتأطير.

ونبه إلى أن بدء العمل الفعلي لهذه المنظمة يحتاج مصادقة 20 دولة إفريقية، لافتا إلى 4 دول جديدة صادقت على إنشاء المنظمة دون أن يذكر أسماء الدول الجديدة.

رأى خبراء اقتصاديون أن احتضان موريتانيا للقمة الإفريقية لأول مرة في تاريخها قد يحقق شراكة اقتصادية مع بعض الدول مما قد يعزز التعاون بينها وموريتانيا.

وتوقع الخبير الاقتصادي سيدي محمد محمد عثمان أن تشكل القمة التي تعقد مطلع يوليو المقبل بادرة جديدة لتنشيط التعاون الاقتصادي بين موريتانيا وبعض أقطار القارة السمراء خصوصا تلك البعيدة جغرافيا والتي تطمح في تبادلات تجارية مثل الأسماك والمعادن واللحوم الحمراء.

خطة إصلاح الاتحاد الأفريقي

يرى المتتبعون للشؤون الأفريقية أن الاتحاد الأفريقي بحاجة إلى اصلاح واسع لهيئاته ومؤسساته الداخلية إذا أراد أن يلعب دورا محوريا في حل المشاكل التي تعاني منها القارة الأفريقية أو أن يكون طرفا قويا في المحادثات الدولية ومع الولايات المتحدة.

وقد بادر رئيس رواندا بول كاغامي الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الأفريقي بخطة إصلاح ترتكزعلى ثلاث نقاط أساسية:

النقطة الأولى تتمثل في توفير التمويل الكافي لهذه المنظمة لكي تسير شؤونها ومشاريعها بنفسها دون أن تطلب في كل مرة الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي أو من الأمم المتحدة. يذكر أن حسب المجموعة الدولية للأزمات، لم تتجاوز في 2017 نسبة المشاريع الممولة من قبل الاتحاد الأفريقي 14 بالمائة. وهي نسبة أقل ما يقال عنها بأنها ضعيفة وبعيدة عن الهدف المسطر في البداية والمتمثل في بلوغ 75 بالمائة من التمويل في حلول 2020.

النقطة الثانية التي يتضمنها مشروع رئيس رواندا الإصلاحي هو إنشاء سوق أفريقية موحدة والسماح للمنتجات والأشخاص بالتنقل بين بلد إلى آخر بكل حرية. ويعتقد بول كاغامي أن مثل هذا المشروع بإمكانه أن يجلب أموالا كثيرة للمنظمة ويعزز من اقتصاد أعضاء الاتحاد. من جهته، اقترح رئيس البنك الأفريقي السابق الرواندي رونالد كباروك فرض ضريبة نسبتها 0.2 بالمائة على جميع المنتجات التي تأتي من خارج الدول الأفريقية.

أما الاقتراح الثالث فيكمن في إنشاء قوة عسكرية أفريقية مشتركة تتدخل في حال وقوع نزاعات بين الدول الأعضاء أو للحفاظ على السلام على مستوى القارة. وتجدر الإشارة إلى أن جل عمليات حفظ السلام في القارة السمراء تتكلف بها قوات الأمم المتحدة أو بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وبلجيكا.

بالرغم من وجود عدد كبير من الدول الأفريقية التي تساند خطة بول كاغامي (حوالي 21 بلدا) إلا أنه يبدو من الصعب في الوقت الراهن أن تتحول هذه الخطة إلى حقيقة واقعية في المستقبل القريب, فإضافة إلى رفض بعض الدول التي تنتمي إلى فضاء الكومونويلث دفع ضريبة على منتجات قد تستوردها من بلدان غير أفريقية، تملك دول أخرى وزنا ثقيلا داخل الاتحاد مثل جنوب أفريقيا والجزائر والمغرب ونيجيريا ومصر. وهي غير متحمسة إزاء هذا المشروع وبإمكانها أن تهدد بتقليص نسبة التمويل الذي تقدمه لهذه المنظمة والذي وصل إلى 60 بالمائة.

ما المشكل الثاني الذي يمكن أن يعيق خطة الإصلاح فيتمثل في وجود عدة منظمات ثانوية (حوالي 10 منظمات)ترتبط بالاتحاد الأفريقي، من بينها منظمة وحدة المغرب العربي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ومنظمات جهوية أخرى.

ك .الف