ملادينوف؛ مسؤول أممي او محامي للاحتلال؟

ملادينوف؛ مسؤول أممي او محامي للاحتلال؟
الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٨ - ١٠:٠٤ بتوقيت غرينتش

أجّل منسق الأمم المتحدة لعملية التسوية في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف زيارته التي كانت مقررة إلى السعودية، ووصل امس الخميس إلى قطاع غزة في ظل تدهور الوضع الأمني والتصعيد الاسرائيلي ضد غزة ورد المقاومة الفلسطينية عليه.

العالم - فلسطين المحتلة

وجاءت زيارة ملادينوف وسط حالة من التوتر يشهدها قطاع غزة، عقب تدهور الأوضاع الميدانية، واستشهاد ثلاثة عناصر من كتائب الشهيد عزالدين القسام؛ الجناح العسكري لحركة حماس، في قصف مدفعي للاحتلال الإسرائيلي استهدف نقطة رصد للمقاومة شرقي مدينة غزة.

واعلنت كتائب القسام في بيان عن رفع درجة الجهوزية للدرجة القصوى، واستنفار جميع جنودها وقواتها العاملة في كل مكان.

وقد هدد وزيرا البُنى التحتية والأمن الداخلي للاحتلال الإسرائيلي، يوم الخميس، بتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، في حال استنفاد كافة الحلول المتاحة للوصول إلى تهدئة وتسوية بين هذا الاحتلال وحركة حماس، حسب تعبيره.

واكدت عدة أذرع عسكرية فلسطينية؛ بينها سرايا القدس (الجهاد الإسلامي)، أن "الجريمة" التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي مساء الأربعاء في قطاع غزة، بقتله لثلاثة مقاومين فلسطينيين شرقي غزة "لن تمر دون عقاب وحساب".

والتقي ميلادينوف في ظل هذه الظروف الى غزة واجرى لقاء مع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وصفته قالت قناة الأقصى الفضائية بالمهم.

واثر هذا اللقاء، جرى اتصال هاتفي بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ووزير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، وذلك للمرة الثانية خلال أربعة أيام.

وسبق أن سعی ميلادينوف، برفقة وسطاء مصريين وقطريين ودوليين، بمنع تصعيد الأوضاع في غزة أكثر من مرة خلال الشهر الجاري، ومنع الذهاب لمواجهة عسكرية بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقوات الاحتلال.

ويرى محللون سياسيون أن لقاءات ميلادينوف لها أهداف متعددة منها، المحافظة على خطته "الإنسانية" التي يسعى لتنفيذها في قطاع غزة والتي تحتاج إلى فرض الهدوء، بينما يرى آخرون أنها تهدف لكسر المعادلة التي فرضتها المقاومة الفلسطينية (القصف بالقصف والدم بالدم) من خلال إيقاع خسائر كبيرة في صفوف المقاومة دون ردٍ مناسبٍ على جريمة الاحتلال من خلال تدخلات ميلادينوف السريعة.

وعبرت حركة حماس قبل شهر عن أسفها من انحياز منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف للاحتلال الإسرائيل حيث قال الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم في بيان أن استمرار السيد ميلادينوف في موقفه المنحاز للاحتلال رغم جرائمه اليومية، التي يمكن أن ترتقي لجرائم حرب أو لجرائم ضد الإنسانية وفي مقدمتها الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 12 عاما، لا يساعد في تأدية دوره المطلوب مبعوثا خاصًّا للتسويه في الشرق الأوسط.

وطالب برهوم ميلادينوف مراجعة مواقفه، والعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني وضحايا الاحتلال والوقوف إلى جانبهم ودعمهم، واحترام حقوقهم القانونية والمشروعة.

ويعتقد المحللون في تصريحات لـ"فلسطين اليوم الإخبارية" أن المرحلة القادمة ستشهد هدوء حذر بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، لكنها لن تطول؛ فإما هدنة طويلة الأمد لها تداعيات كثيرة واستنزاف للمقاومة وإما معركة تكتيكية تنتهي بهدنة طويلة الأمد وانفراجه سياسية إلى حينه.

المحلل السياسي حمزة أبو شنب يرى أن اللقاءات الماراثونية التي أجراها المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف مع رئيس حركة حماس إسماعيل هنية تأتي في إطار تسويق خطته الإنسانية بتحسين أوضاع السكان في قطاع غزة والحفاظ على استمرارها.

وأوضح أبو شنب في تصريح لـ"فلسطين اليوم الإخبارية"، أن ميلادينوف لديه خطة إنسانية منذ البداية وأي تصعيد يدفعه لإجراء لقاءات مع المسؤولين في المقاومة الفلسطينية من أجل التهدئة لتسويق خطته والحفاظ على استمرارها، مؤكداً أن الفصائل مع تحسين الأوضاع الإنسانية لكن دون تقديم ثمن سياسي.

ويعتقد أن موقف الأجنحة العسكرية للفصائل بعد استشهاد ثلاثة مقاومين إثر قصف الاحتلال نقطة رصد تابعة للمقاومة، برفع حالة الاستنفار في صفوفها وتهديد الاحتلال بالرد دفع ميلادينوف لزيارة القطاع ومناقشة التهدئة للحفاظ على خطته.

وحسب رؤيته للمستقبل يرى الكاتب والمحلل السياسي حمزة أبو شنب، أنه من المبكر الحديث بصورة واضحة عن أن الأمور تتجه إلى الهدوء لأن هذه المرة تختلف عن السابق حيث تتعاطي المقاومة مع العدو بشكل مختلف، ما لم يكن هناك استراتيجية أو حلول أكثر عمقاً من قضية الهدوء مقابل الهدوء".

من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، أن اللقاءات التي يُجريها نيكولاي ميلادينوف في قطاع غزة هي محاولة من الاحتلال لكسر المعادلة التي فرضتها المقاومة الفلسطينية "القصف بالقصف، والدم بالدم" من خلال إيقاع الكثير من الأذى والخسائر في صفوف المقاومة.

وقال سويرجو لـ"فلسطين اليوم الإخبارية": "إن إسرائيل تحاول استخدام أطراف خارجية من أجل الالتفاف على معادلة المقاومة لإيقاع الهزيمة السياسية في صفوف المقاومة، وذلك من خلال إجراء اتصالات ميلادينوف مع حماس عقب كل تصعيد على حدود غزة".

وأضاف: "اعتقد أن لقاءات ميلادينوف مع إسماعيل هنية مرة ومرتين عقب كل تصعيد ممكن أن تكون مفهومة، ولكن إذا تكررت أكثر من مرة فإنها إشارة إلى وجود أسلوب إسرائيلي جديد في التعامل مع المقاومة وهو تلبية لاستراتيجية رئيس اركان الاحتلال غادي ايزنكوت والتي تستند إلى القضم المتدرج لأفعال المقاومة".

وعن الضغوط التي تتعرض لها المقاومة قال: "هناك ضغوط كبيرة ومحاولات ترهيب وترغيب من خلال ميلادينوف بمعنى أنه إذا لم تلتزم المقاومة فإنها ستدفع الثمن غاليا وإذا التزمت الهدوء سيكون هناك (مكافآت) في المجال الإنساني"، معتبراً ذلك الأسلوب بأنه عملية رخيصة غير مقبولة لأن دماء الشهداء لا يوازيها كل مليارات الدنيا، وأن القبول في هذا التعامل سيؤسس إلى ثقافة جديدة مع المقاومة".

وفي ذات السياق يرى الكاتب والمحلل السياسي اياد القرا، أن زيارات المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف لا جديد فيها أنه بائع كلام.

وقال القرا في تصريح عبر صفحته الخاصة الفيسبوك: "لا أتوقع أي نتائج ايجابية لزيارة نيكولاي ميلادينوف لغزة، سوى أنه بائع كلام، وينقل رسائل الاحتلال بدقة كبيرة ومحامي يدافع عن الاحتلال".