فوز عمران خان يقوض النفوذ السعودي في باكستان

فوز عمران خان يقوض النفوذ السعودي في باكستان
الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:٤٤ بتوقيت غرينتش

يحمل نجاح حزب "حركة الإنصاف" الباكستاني وزعيمه عمران خان رسائل إلى الداخل والخارج، ويتردد صدى هذا النجاح خبرا سيئا خصوصا في السعودية التي يقبع نواز شريف حليفها في إسلام آباد بالسجن بتهم فساد.

العالم- أسيا والباسفيك

فبعد انتظار طويل يصل نجم الكريكيت العالمي عمران خان (52 عاما) -الذي ولج الحياة السياسية رسميا عام 1995 من بوابة اللعبة الأكثر شعبية في باكستان- إلى الصفوف الأولى في المشهد السياسي الباكستاني متفوقا على الأحزاب العريقة والتقليدية.

وأعلن عمران خان عن فوز حركته في الانتخابات العامة على حساب حزب رئيس الوزراء السابق المعتقل نواز شريف، "الرابطة الإسلامية".

وأكد خان، أن حركته حصدت أغلبية المقاعد في البرلمان، ما يمنحها الحق في تشكيل حكومة جديدة.

وتعهد خان بأن حزبه سيقود باكستان في نهج جديد، معربا عن رغبته في ترسيخ السلام في أفغانستان المجاورة.

وتطرق خان إلى موضوع العلاقات بين إسلام آباد ونيودلهي، مؤكدا على ضرورة لقاء زعيمي باكستان والهند من أجل تسوية الخلافات بخصوص منطقة كشمير المتنازع عليها.

 خان: علاقات باكستان مع إيران ذات أهمية

نوه عمران خان في أول خطاب له عقب إعلان نتائج الانتخابات، على أهمية علاقات باكستان مع إيران، وقال إن بلاده تتطلع إلى علاقات جيدة و حسن جوار مع طهران.

وقال إن باكستان بحاجة للسلام والاستقرار، ونحن نريد علاقات جيدة مع جيراننا، والحكومة المستقبلية "ستوسع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية في إيران".

وكرست نتائج الانتخابات التشريعية في باكستان مشهدا سياسيا جديدا أزاح من المقدمة مبدئيا الأحزاب القديمة حزب الرابطة الإسلامية وحزب الشعب الباكستاني، وأقام توازنات مختلفة داخليا رغم وجود احتجاجات ورفض للنتائج.

مصير السعودية في باكستان بعد هزيمة حلفائها التقليدية

وستنعكس هذه النتائج بلا شك على العلاقات الخارجية، إذ ستجد السعودية التي احتفظت دائما بعلاقات "تاريخية" مع باكستان من بوابة الجيش والأحزاب التقليدية (الشعب والرابطة) نفسها مع شريك جديد في باكستان أقرب إلى الاختلاف معها.

استياء السعودية من فوز عمران خان!

وفيما يسود الحذر والترقب الأوساط الرسمية بين البلدين جاءت تغريدة الأمير السعودي خالد بن عبد الله آل سعود تعليقا على فوز عمران خان وحزبه "الله يستر منه، يقال إنه ذنب من أذناب طهران" حسب زعمه، معبرا عن استياءه من فوز حزب "حركة الإنصاف" وخسارة الحليف نواز شريف.

عمران خان يعارض مشاركة باكستان في العدوان على اليمن

ويستحضر الإعلام السعودي الرسمي عمران خان على أنه المناهض للسياسات السعودية و"خصم لها"، خصوصا في مسألة موقفه من الحرب على اليمن ومعارضته الشديدة لمشاركة قوات باكستانية في عدوان التحالف السعودي على اليمن.

صحيفة عكاظ: خان مندوب قم في إسلام آباد !

مقابل وصف الأمير خالد بن عبد الله آل سعود عمران خان سبق لصحيفة عكاظ الرسمية أن وصفته عام 2016 بأنه "مندوب قم في إسلام آباد"، وذلك في إشارة إلى علاقاته مع الجمهورية الإسلامية في إيران ورفضه العدوان السعودي على اليمن.

ورغم خلاف الرياض مع نواز شريف بشأن الموقف من أزمة السعودية وحلفائها مع قطر وعدم انخراط إسلام آباد بشكل كامل في الحرب ضد الشعب اليمني -بحكم الرفض البرلماني- فإن السعودية تعتبر شريف وحزبه "الرابطة الإسلامية" حليفا مأمونا في ظل التحولات السياسية الباكستاني وصعود شخصيات وأحزاب داعية إلى التغيير ومكافحة "الفساد".

في سياق أخر، تنظر رياض إلى تصريحات عمران خان تجاه أميركا "التي تعتقد أنها تمنح باكستان من أجل القتال لمصلحتها" -كما يقول -، بكونها مؤشرات على إمكانية وضع الرياض في سلة واحدة مع الولايات المتحدة، وعدم ممانعته التقرب من إيران.

ومنذ ستينيات القرن الماضي تحتفظ الرياض وإسلام آباد بعلاقات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية وطيدة عندما وقعتا اتفاقية عسكرية أرسلت باكستان بموجبها جنودا لحماية السعودية (1969)، كما دعمت السعودية باكستان في نزاع كشمير، وهي أحد أهم داعميها الاقتصاديين، لكن هذه العلاقات بدأت تعتريها شكوك داخلية في البلدين وأخرى خارجية.

وتخشى رياض أن تؤدي سياسات رئيس الوزراء المنتظر "غير المنضبطة" إلى إبعاد باكستان أكثر عن دائرة التأثير السعودي المباشر عبر تنويع الشراكات والعلاقات، ورفض الإملاءات السياسية المبنية على العلاقات التاريخية التي تروج لها الرياض.

ورغم أولوية الملف الاقتصادي يرى عمران خان أن إسلام آباد ستكون أكثر راحة بإقامة علاقات مع كل من السعودية وإيران، وهو الموقف الذي عبر عنه أيضا الجيش الباكستاني، لكن السعودية تعتقد أن هذا الموقف يضع باكستان في دائرة "خسائرها".

والسؤال هنا، هل تستطيع السعودية من خلال الهبات وتقديم الرشاوى والدعم الإقتصادي ، الإحتفاظ بعلاقاتها التقليدية مع باكستان؟.. رغم أن صناديق الاقتراع في باكستان تعكس خلاف ذلك..

 

محمد حسن القوجاني