رغم التصعيد الأخير ضد ايران..

تصريحات ترامب وبمبيو وجهان لعملة واحدة

تصريحات ترامب وبمبيو وجهان لعملة واحدة
الأربعاء ٠١ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٨:٠٥ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي سجل الإعلام العالمي الصخب الإعلامي المتنامي في خطابات الرئيس الامريكي دونالد ترامب ضد الجمهورية الاسلامية، بدورها ابدت إيران بوجهة نظرها و أوضحت النقاط التي يجهلها "أو يتجاهلها ترامب" في تصريحاته ضد ايران، وقالت انها على استعداد التام للتصدي لأي مؤامرة امريكية، خاصة اذا ما فقدت الاخيرة صوابها وجربت التجربة الفاشلة في العدون على ايران، فإن الرد الإيراني سيجعلها تندم على فعلتها.

العالم- تقارير

فهذه التصريحات التي جاءت متناغمة بدءا من الرئيس الايراني حسن روحاني الذي كان في زيارة لاوروبا وكشف عنها، وصولا الى وزيري الدفاع والخارجية وقائد قوات الحرس الثوري، وباقي قيادات الشعب العسكرية والمدنية ومن ورائها القيادة برمتها وعلى رأسها قائد الثورة الإمام السيد علي الخامنئي.

فماذا حدث لأمريكا لتعود وبعد أقل من عشرة أيام على تصريحات ترامب النارية ضد ايران ومنعها من حقها في تصدير النفط، وتكريس الضغوط السياسية والإقتصادية وبالتالي العسكرية عليها، ليستبدلها سمسار البيت الأبيض بالتراجع ورفغ غصن الزيتون معلنا انه على اتم الإستعداد للحوار مع ايران في اي وقت واي مكان شاءت دون اي شروط مسبقة؟

ونظرا لمواقف ترامب المتقلبة، شعر المراقبون ان تصريح ترامب الأخير لم يكن سوى شماعة أو خدعة سياسية أراد التمويه على الإيرانيين والراي العام ليظهر بمظهر المسالم رغم صرامته المعهودة التي يتباهى بها بعد كل توقيع، يوقعه بنفسه وقد يرفضه قبل أن يجف حبره. والدليل على ذلك هو تصريحات وزير خارجيته مايك بمبيو، بضع ساعات بعد تصريح ترامب حول التفاوض مع ايران، حيث أكد ن تصريحات الرئيس لن تمثل سوى الطابع العام للوجهة الامريكية وان واشنطن ترى ضرورة قبول ايران ببعض الشروط قبل الدخول بأي حوار مع واشنطن.

هذه الوجهة لوزير الخارجية الامريكي قد تبدو غير متناغمة مع سياسة رئيسه ترامب، الا أن المراقبين يعتبرونها الوجه الآخر للسياسة الخارجية لامريكا، خاصة وأن واقع التصريحين يؤكد وجود ثلاثة إحتمالات وراءها وهي :

السيناريو الاول هو ان السياسة الخارجية الامريكية مبتنية على اسس وقرارت تأتي من مطبخ القرارات السياسية الذي لا بد وان يوافق عليها الكونغرس الامريكي بالتحديد. وإن دخول مايك بمبيو على الخط يؤكد انه تدخل لتلميع صورة ترامب واسباغ الطابع الدبلوماسية على تصريحه الذي تطغى عليه صبغة المهاترات ولا تليق بتصريحات رئيس دولة تعتبر نفسها القوى العظمى الوحيدة في العالم.

السيناريو الثاني- وبالرغم من ان ترامب عود العالم على سماع تهريجاته التافهة ليصبح غير موثوق لابكلامه ولا بأفعاله، إلا أن السياسة الامريكية كلما اقتضت الضرورة، تدخل على الخط لتعديل تصريحات ترامب غير السياسية، اي ان ترامب يبدأ بالتصريح وان الخارجية تدخل على الخط، وتصلح ما اربكه ترامب بتصريحاته النارية، وتسبغ عليه الطابع الدبلوماسي لتكون هي المشرفة والراعية لأي خطوة خارجية خاصة اذا كانت في مجال التفاوض، لتتمكن من تمييع القضية وإخضاع الطرف الآخر للسياسات الامريكية.

السيناريو الثالث- هو مهما تكاثر التخبط الأمريكي الا أن النتيجة هي واحدة، وهي حصر ايران في الزاوية، واجبارها على الجلوس لطاولة التفاوض ع امريكا الامر الذي تجني واشنطن منه ثلاث نتائج هي:

اولا- تؤكد للعالم انها مازالت هي القوة  العظمى الوحيدة في العالم وهي التي تتحكم بما تريد، وتفرض ما تريد على اي طرف كان،

ثانيا- تؤكد للحركات الثورية والتحررية، والشعوب المتطلعة للثورة والإستقلال أن لا طائل من متاعبهم وتضحياتهم، والدليل الأكبر هو ايران التي ثارت وعارضت امريكا، قرابة الاربعة عقود، فها هي اليوم تجلس على طاولة الحوارمع امريكا، وبالتالي لابد أن ترضخ لشروطها.

ثالثا - ان امريكا وبرسالتها هذه توجه اكثر من رسالة لمنافسيها بمن فيهم روسيا والصين، كي لا تواصلا العمل والتعاون مع ايران، لأن امريكا وبعد اخضاع ايران للسياسات والهيمنة الامريكية ستتصدى لهم دون شك.

إلا أن الرد الايراني الصارم على تهريجات ترامب فرض نوعا آخر من التغيير في المواقف الامريكية، يؤكد صلابة الرأي الإيراني وقوة تماسكه، مقابل الهشاشة المشهودة في المواقف الأمريكية، خاصة وان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الايراني، السيد "فلاحت بيشه" صرح يوم أمس ان التصعيد الامريكي ضد ايران يعود لعوامل خارجية، تستغل إنعدام وجود قنوات دبلوماسية ورسمية بين طهران وواشنطن التي تعتبر من أهم العوامل التي يمكن ان تمنع التصعيد بين الطرفين، مشيرا إلى ان واشنطن، إن لم تعي ذلك، فإنها قد تخسر الكثير من مصالحها وخاصة إذا إرتكبت أي حماقة في العدوان على ايران، عند ذلك عليها ان تبحث عن "فانوس تقليدي" ومجهر لتبحث عن الأمن والسلم في منطقة غرب آسيا طوال العقد القادم. وتلك هي عملية سبقها العقلاء بالقول: "من جرَّب المجرَّب، حلَّت به الندامة".