صحيفة اردنية .. ماذا يحصل في "مملكة الحب"؟

صحيفة اردنية .. ماذا يحصل في
الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٧:٣٢ بتوقيت غرينتش

مقال في الصحيفة الأردنية الرسمية يعيد سؤال "أين الملك" للواجهة.. ردّات فعل عنيفة على تخويف الشارع من مصير "سوريا والعراق وليبيا" وتحذير الكاتب من عهد عسكري على غرار مصر .. وتصاعد المطالبات برد رسمي من الديوان الملكي.

العالم - الاردن

 يعجز مقال شغل ما يقارب صفحة كاملة في الصحيفة الرسمية الأردنية "الرأي" في معالجة السؤال المحيّر الذي يطرحه الأردنيون منذ أسابيع عن المكان الذي يتواجد فيه ملكيهم عبد الله الثاني في وقت يشعرون انهم بحاجة وجوده، ودون أي اعلان رسمي عن أسباب غيابه.

المقال الذي طرح السؤال باعتباره غير مشروع ونوع من "نخر الرموز"، يبدو وانه اتى بنتائج عكسية إذ زاد حيرة الأردنيين الذين لا زالوا يكررون سؤال "أين الملك"، رغم ان الصحيفة افردت له بالإضافة للصفحة الداخلية ما يقارب "ربع صفحة" على غلافها ومنحته صفة المانشيت.

تطرُّق الإعلام الرسمي للسؤال عمليا يكشف عن النارين اللتين تقع بينهما الصحيفة، فعاهل البلاد غائب منذ أكثر من 40 يوماً والشارع يتساءل وعلى الاعلام ان يكون بالمرصاد ولا يتجاهل مثل هذه التسريبات، وفي ذات الوقت فالصحيفة لا تملك ابدا أي معلومات، ما جعلها تلجأ لمقال رأي بدلا من افتتاحية، وهنا يصف بعض الناشطين المقال بأنه لم يحقق الهدف المطلوب، بينما يرى البعض الآخر انه يفي بالغرض.

كاتب المقال الأستاذ احمد سلامة، وهو صحافي وكاتب مخضرم، استخدم الكثير من المفردات التي رأى فيها بعض الأردنيون أدوات تقليدية وسلبية والتي منها تخويف الشارع إذا استمر بالسؤال عن مكان الملك من ان يلحق بتجارب مثل "سوريا وليبيا والعراق"، وهو يتحدث عن كون حسني مبارك تم خلعه لانه سمح للناس بما اسماه "نخر الرموز". في هذه الحالة زادت حدة السؤال في الأردن والمطالبة بعدم العودة الى الخلف في مجال حق الشارع في الشفافية والكشف عن المعلومة.

حالة "غياب المعلومة الحقيقية" تجسدت في انتقاد السائلين وحديث عن "ديدان" في ارض الأردن التي أطلق عليها الكاتب اسم "مملكة الحب"، وهو الامر الذي زاد الطين بلة وفق توصيف أحد الناشطين، حيث الشارع لم يعد يشتري روايات التكفير والتخوين، بل على العكس سيزداد إصرارا في سؤال اين الملك.

ويعد المقال المذكور، اول محاولة رد رسمية من الاعلام على التساؤل المطروح منذ أسابيع، خصوصا مع غياب عاهل الأردن مباشرة بعد زيارته الى واشنطن وعقده عدة لقاءات مع الإدارة الامريكية.

المحامية والناشطة الحقوقية الأردنية هالة عاهد، اعتبرت انه كان من الأولى بالديوان الملكي ان يجيب ببيان على تساؤلات الناس المشروعة، بدلا من "ان يترك المجال و/او يوجه (كاتبا) ليخون ويهدد ويتوعد!! اما ان لأجهزة المملكة ان تعي ان هذه الوسائل في التخوين والتهديد لا تنطلي على الاردنيين ولا تخيفهم ولا تسكتهم!!!".

المحامية عاهد واحدة من المئات الذين عبَّروا عن رأيٍ مُناهضٍ للمقال ولطريقة تناول القضية، الأمر الذي زاد التساؤلات عمليا عن مكان وجود عاهل الأردن وعن أسباب غيابه في هذه الفترة خصوصاً مع تزايد الاشاعات تحديدا من الجانب "الإسرائيلي" وعبر الناشط "ايدي كوهين" والذي روج سلسلة من الروايات حول الملك وغيابه.

وبغض النظر عن المقال، فالأردنيون لا يزالون يتساءلون وبصورة المحب والخائف على مليكه ومن المستقبل وليس غير ذلك. ولم ترصد "رأي اليوم" أي توجه فعلي لسؤال مسموم في السياق الا إيجاد إجابات على روايات يطلقها اعلام وسائل التواصل وتحديدا الجانب الاسرائيلي ولا تجد رواية رسمية واضحة وصلبة لمواجهتها.

في المقابل، فحتى طبقة رجال المملكة التي اتهمها الكاتب بالصمت، استمعت اليها "رأي اليوم" وهي تتحدث عن انتظارها لعاهل الأردن لحسم عدد من الملفات والتي أهمها التي تتعلق بالسياسة الخارجية مثل فتح قنوات التواصل مع سوريا والعراق وغيرها بالإضافة لما يختص بالملف الفلسطيني وما تسميه الإدارة الامريكية "صفقة القرن".

بكل الأحوال فهناك اشارتين يمكن التنبه اليهما في سؤال "اين الملك" الذي تجدد عبر الصحيفة الرسمية، الأولى ان الدستور الأردني عمليا يترك مجالا للملك الأردني 4 شهور من الغياب دون أي قلق وعاهل الأردن لم يكمل حتى شهرين منهما. والثانية ان كاتب المقال أصر على تصوير شخص الرئيس الدكتور عمر الرزاز وكأنه يسحب من شعبية الملك والقوات المسلحة.

في الإشارة الثانية قد تكمن خطورة أخرى على الصعيد الداخلي، حيث الاعلام الرسمي يشنّ حملة على الحكومة الجديدة، ويطالب (بتفسير الحديث عن انقاذ الجيش المصري للحالة المصرية) بحكم عسكري ووأد تجربة الرزاز، وعلى الاغلب هنا، كان المقال مدفوعا، حسب بعض المراقبين، من بعض القوى في المملكة والتي يسميها الوزير الأسبق الدكتور مروان المعشر "قوى الوضع القائم".