اثبتت الحكومة جدارتها.. والمستقبل السوري واعد

اثبتت الحكومة جدارتها.. والمستقبل السوري واعد
الجمعة ٠٣ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٨:٥٦ بتوقيت غرينتش

بدأت سوريا تتعافى من جراحها المثخنة التي عانت منها لسنين عجاف نتيجة طعنات اقليمية ودولية منها عربية خليجية واخرى تركية واسرائيلية تكالبت عليها صبت جميعها في بوتقة انهاء حكم الرئيس السوري بشار الاسد وتفتيت سوريا الدولة القوية التي تواجه عن قرب مخططات الكيان الاسرائيلي التوسعية في المنطقة.

العالم - مقالات وتحليلات

ذهبت آمال وطموحات تركيا وقطر والامارات والسعودية ادراج الرياح في تمكين جماعات موالية لهم في السيطرة على سوريا وعموم المنطقة كما تبددت احلامهم والكيان الاسرائيلي في تفتيت الارض السورية وجعلها اشلاء متناثرة تسيطر عليها عصابات مسلحة ذات مسميات مختلفة كـ"جيش الاسلام" وغيرها من واجهات تقتاة على فتات موائد توفرها لها السعودية والامارات فيما يوفر لها الكيان الاسرائيلي الرعاية والحماية.

سوريا اليوم عادت الى ما كانت عليه قبل سبع سنوات تسيطر على اغلب اراضيها ولم يعد هناك سوى بضعة جيوب حرجة مآلها الرجوع الى احضان البلد لا ريب، ما ينعكس بقوة على وضعها الدبلوماسي الذي يبشر بنجاحات اكيدة تتوازى مع قوة وصلابة السلطة المركزية الحاكمة.

فقد اشار الرئيس السوري بشار الأسد وبوضوح تام أثناء اجتماعه مع وفد روسي زائر لدمشق الاسبوع الماضي ان "هدفنا الآن هو إدلب، رغم أنها ليست الهدف الوحيد على أي حال"، فيما قال الجنرال سيرغي رود سكوي وهو احد القادة البارزين في هيئة أركان الجيش الروسي "أن القوات السورية دمرت كليا قوات جماعة "داعش" و”هيئة تحرير الشام” (النصرة سابِقًا) في جنوب سوريا وحررت 3332 كيلومترا مربعا، وسيطرت على 146 بلدة، وباتت تسيطر بالكامل على ثلاث محافظات وهي درعا والسويداء والقنيطرة وكل الحدود مع الأردن ومعابرها.

ان عودة الظروف الطبيعية الى ما كانت عليه سابقا تحتاج الى رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا التي كانت سببا مباشرا في هجرة غالبية السوريين الى البلدان المجاورة، ما يمكن السوريين من مساعدة أنفسهم. كما يحتاج توفير الظروف الطبيعية عودة رؤوس الاموال الوطنية وبسط الامن لتهيئة ظروف عودة اللاجئين وبناء البلد ما يمكن من عودة السفارات العربية والدولية الى دمشق. 

من الطبيعي ان تحتاج سوريا وبقوة للايدي العاملة لابنائها ومواطنيها وخبراتهم، فهم أصحاب الحق في إعادة بناء ما هدمه الإرهاب والدول الراعية له، واعادة اعمار ما دمرته الحرب التي شتتتهم في بقاع الارض وخصوصا في دول الجوار العربية والاقليمية ومنها تركيا ولبنان والاردن ومصر..

كما تحتاج سوريا لاعادة رؤوس الاموال الوطنية للعودة والإسهام الجدي والفاعل والحقيقي في بناء البلد، وذلك لن يتأتى الا بعد بسط السلطة للامن في ربوع سوريا لتهيئة الاجواء الشفافة لعودة الاستثمار وبناء المشاريع والبنى التحتية والانطلاق مجددا نحو افاق التقدم والرقي الحضاري. فالسوريون هم أصحاب الحق الاول والاخير في إعادة بناء بلدهم، ثم تأتي الخبرات الاجنبية ومنها العربية الموثوقة التي لم تباشر في مد المعارضة المسلحة بتفاصيل استمرار بقاء ارهابها ماديا وتسليحيا وبمناهج تكفيرية تسقيطية حتى يومنا هذا.

وفي هذا السياق، ناشدت روسيا القوى العظمى، مساعدة سوريا في إنعاش اقتصادها وعودة النازحين، ورفع العقوبات الأحادية المفروضة عليها، فيما دعا مساعد المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، دميتري بولانسكي، أمام مجلس الأمن الدولي، الدول إلى عدم ربط المساعدة بمطالبها بإجراء تغييرات سياسية في نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

روسيا اشارت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف إلى أن موسكو تعتبر محاولات بعض اللاعبين الخارجيين تقرير مصير سوريا بالنيابة عن السوريين أمرا غير بناء، مؤكدا عزم روسيا على تقديم المساعدة في تشكيل قائمة المجتمع المدني في اللجنة الدستورية السورية.

الاهم من كل ذلك بالنسبة الى سوريا هو الوصول الى هدف اعادة النسيج الدبلوماسي مع الدول الاقليمية والعربية والدولية التي لم تشارك في الارهاب على سوريا ولم تسع لدمارها، ما يُمَكِّن من تعجيل عودة السوريين الى بلدهم والى بناء علاقات قوية بين سوريا الجديدة الصلبة وبقية دول العالم.

من هنا فقد انطلق الاردن المجاور لسوريا بتشكيل لجنة مشتركة على أكثر من مستوى (دبلوماسي وحكومي وأمني وإداري وتقني ولوجستي) ستكون بإشراف وإدارة وزيرة التخطيط والتعاون الدولي ماري قعوار التي كلّفت مهمة التنسيق مع المسؤولين الروس والمراجع المعنيّة بهذه المهمة ضمن "لجنة تنسيق مشتركة" بما تجمعه من ممثلي المؤسّسات الأممية والإنسانية.

وفي لبنان، أشار مسؤولون ل​صحيفة الجمهورية​، التقوا البعثة الروسية التي زارت ​بيروت في وقت سابق، أن ​لبنان​ ينتظر عودة موفدين روس لإطلاع اللبنانيين على حصيلة الحملة الدبلوماسية التي قادتها موسكو في مجلس الأمن الدولي و​أوروبا​ لجس النبض بشأن إقامة عشرات "مراكز الإيواء" المؤقتة في ​سوريا​، وما يمكن أن تقوم به ​واشنطن​ لترجمة تفاهم الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في "هلسنكي".

كما ابلغ الروس لبنان بالموافقة السورية على برامج "العودة غير المشروطة" سياسيا وأمنيا، وبضمانة ​روسية، غير ان لبنان لم يبدأ بعد عمله لا سيما تشكيل وفده الى "لجنة التنسيق المشترَكة" بعكس ما فعله ​الأردن​ في أيام قليلة، ما سمح له بحضور "​مؤتمر سوتشي​" الإثنين الماضي بصفة مراقب.

وفي تركيا، يسعى الرئيس أردوغان لعودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، ولا يريد لاجئا سوريا واحدا جديدا على ارض بلاده، رغم تعامل الولايات المتحدة بتحفظ في ما يخص عودة اللاجئين السوريين، وتشترط تقديم المساعدات الانسانية مقابل المشاركة في "إعادة الإعمار" بعد "انتقال سياسي".

خليجيا.. ورغم تصريح مصدر رسمي سوري ان "الامر غير مؤكد بعد"، فان أنباء تداولتها مصادر اعلامية أكدت سعي الإمارات لاستكمال إجراءات إعادة فتح سفارتها في دمشق، وان "أبو ظبي تجري حاليا أعمال الصيانة في مبنى سفارتها في دمشق، تمهيدا لإعادة افتتاحها" التي تعرضت لهجوم في تشرين ثاني/نوفمبر 2011، وحينها حمّلت أبو ظبي، دمشق مسؤولية الحفاظ على أمن السفارة والبعثة الدبلوماسية.

المستقبل السوري واعد بعد ان اثبتت حكومة هذا البلد قوتها وصلابتها وجدارتها الميدانية في استرجاع اراضيها وما تملكه من ثروات من ايدي العابثين المحليين والقادمين من شتاة الارض وحماتهم ومموليهم بكافة اشكالهم. 

السيد ابو ايمان

كلمات دليلية :